سياسيون ومفكرون : "شنودة" لن يكف عن التصعيد حتى تتحقق مطالب "الأقباط" وتختفي نغمة تواطؤ "الأمن" مع المسلمين قال البابا شنوده الثالث مؤخرًا إنه لن يستطيع أن يمنع أقباط المهجر من العمل ضد مصر طالما أن الأقباط في مصر يعانون من مشاكل والنظام لا يتحرك لحلها، وقد حملت تصريحات البابا في طياتها لهجه لم نعتد سماعها منه منذ زمن السادات حينما أصدر أمرًا باعتقاله بسبب تصرفاته إبان الأحداث الطائفية في تلك الفترة. أما عصر الرئيس مبارك فتتسم علاقة البابا بالسلطة فيه بالحميمية التي يشوبها بعض التوتر أحيانا اللهم إلا في بعض الأوقات حينما تحدث أعمال شغب طائفية هنا أو هناك ولكن سرعان ما تعود المياه إلى مجاريها كما أن تصريحات البابا شنودة في أشد الظروف لم تصل إلى هذه الدرجه من الانفعال. يقول نجيب جبرائيل الناشط القبطي ورئيس منظمة الاتحاد المصري لحقوق الإنسان: إن البابا يتسم طوال عمره بالحكمة لكن إذا طفح الكيل وأوصدت الأبواب أمام الأقباط لنيل حقوقهم فماذا يفعل البابا؟ لابد وأن يعلو صوته ويجاهر بالظلم الواقع على أبنائه، فالأمن المصري متواطؤ مع المسلمين، وما حدث من مجازر ضد الأقباط في نجع حمادي من حرق منازل وقتل وإصابة العشرات هو أبلغ دليل على تواطؤ الأمن مع المسلمين برضا السلطة السياسية التي تميز بين الأقباط والمسلمين. وأضاف إن مصر موقعة على اتفاقيات دولية تكفل حرية الاعتقاد وعدم التمييز الديني والمحافظة على حقوق الإنسان فما المانع من أن يستعين البابا بالشرعية الدولية أمامه في الداخل، كما أن المؤتمر الدولي لحقوق الإنسان على الأبواب فكيف تبرر مصر تصرفاتها تجاه الأقباط أمامه. وطالب جبرائيل" مصر أن تنقذ سمعتها أمام العالم وإلا فالبابا له الحق في تصعيده ضد السلطة ولابد أن يواصل البابا هذا التصعيد حتى تتحقق مطالب الأقباط العادلة. كما يرى عمرو الشوكي الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية أن لهجة البابا لهجة واقعية وحقيقية لأن التمييز ضد الأقباط في مصر موجود وحقيقي، وكلام البابا- كما يرى الشوبكي- ليس جديدًا عليه، وإن لم يكن يحدث قبل ذلك في العلن فقد كان يحدث سرًا، فهناك ضغوط زائده تمارس ضد الأقباط وهناك مناخ إسلامي طارد للآخر يسود مصر سواء كان الآخر قبطيًّا أو بهائيًّا أو شيعيًّا أو خلافه، وهذا المناخ ليس له علاقه بروح الإسلام السمحة، فلم تكن موجودة في مصر حتى أواخر عهد الرئيس السادات وفي عصر الرئيس مبارك. وأشار الشوبكي إلى مشاكل أقباط المهجر ليست جديدة ولكنها موجوده منذ زمن طويل, والتنسيق بين أقباط المهجر وبين الكنيسة المصرية موجود ولكن البابا دائمًا ما يتسم الحنكة السياسية ويجيد مسك العصا من المنتصف. ويرى الشوبكي أنه طالما ازدادت حدة الاحتقان بين المسلمين والأقباط فستزداد تصريحات البابا شراسة أما المستشار مرسي الشيخ فيرى أن تصريحات البابا ليس لها داعٍ، فالأقباط في مصر ينالون حقوقهم وإن كان ضدهم انتهاكات فمصر كلها منتهكة من قبل السلطة، بل على العكس فالأقباط في عصر مبارك لهم حظ وسطوة كبيرة ولذلك يرى الشيخ أن تصعيد البابا ليس في محله وأنه حتمًا سيرجع عما قاله لأنه رجل حكيم وليس منه طبعه التطرف كما أنه رجل مريض وكبير السن ولابد أن نلتمس له العذر في تصرفاته. كما أن التحالف بين الكنيسة والنظام قائم وقوي ومن الصعب أن يتغير بين يوم وليلة. أما مجدي قرقر نائب رئيس حزب العمل وعضو حركة كفاية فيرى أن هذا التصعيد ليس جديدًا على البابا شنودة الذي يلعب دورًا سياسيا أكثر منه دينيًا، ومنذ سنوات سئل عن تكرار مظاهرات أقباط المهجر ضد مصر وخاصة مع زيارات الرئيس مبارك إلى أمريكا فكان رده أن اقباط المهجر ليسوا مسئولين عن ذلك وأن المسئول هو النظام المصري. وأن البابا دائمًا ما ينتابه إحساس بالاضطهاد وأن له حقوقًا مسلوبة. وقال: إن ما نراه من تصريحات وردية لا تعدو أن تكون للاستهلاك الإعلامي ولكن ما في القلب يبقى القلب. ويتوقع قرقر أن لا يستمر تصعيد البابا شنودة ضد النظام طويلا، ولكن الاحتقان الداخلي سيظل موجودًا ما دام أصل الخلافات بين الكنيسة والنظام موجودة.