الحكومة توافق على الاكتتاب في زيادة رأس مال البنك الأوروبي لإعادة الإعمار    رئيس جامعة القاهرة يبحث مع وفد مجلس الشيوخ الفرنسي سبل التعاون    بحضور وزير التعليم العالي والسفيرة الأمريكية.. استقبال الدفعات الجديدة للمنح المُقدمة من الولايات المتحدة    وزير الدفاع: التحديات الإقليمية تفرض علينا أن نكون على أهبة الاستعداد    تنظيف وتعقيم مسجد وضريح السيد البدوي استعدادًا للمولد (صور)    يحميها بحيوانات مفترسة.. محافظ الدقهلية يضبط أكبر شونة لتجميع الخردة مقامة على أملاك الدولة    استقرار أسعار الذهب عند قمة قياسية مع توقعات بمزيد من خفض الفائدة    على هامش التكنولوجيا والاستعمار    «البحث العلمي» تعلن الفائزين بالمشاركة في «تحدي العرب لإنترنت الأشياء» بالإمارات    مركز بوريا الطبي: 12 مصابا جراء القصف من لبنان خلال 24 ساعة    بيروت على حافة الهاوية.. هل يتحول لبنان إلى "غزة أخرى"؟    الصحة اللبنانية: ارتفاع عدد ضحايا الغارات الإسرائيلية على الجنوب اللبناني منذ صباح اليوم إلى 15 شهيدا    ماكرون يدعو إيران للعب دور إيجابي في تهدئة شاملة بالشرق الأوسط    الصحة اللبنانية: 15 شهيدًا في غارات إسرائيلية على الجنوب    النائب محمد الرشيدي: جرائم الاحتلال الإسرائيلي في لبنان تشعل فتيل الصراع بالمنطقة    مانشستر سيتي يعلن تشخيص إصابة لاعبه الإسباني رودري    رسميًا.. زد يضم نجم الأهلي قبل السوبر الأفريقي    ميكالي يستقر على إقامة معسكر لمنتخب 2005 في التوقف الدولي المقبل (خاص)    المشدد 3 سنوات ل4 متهمين ب«أحداث عنف العمرانية»    الطقس غدًا.. استفرار الأجواء الخريفية والعظمى على القاهرة تسجل 33°    أول تعليق من أسرة الطفلة «علياء» بعد مقابلة رئيس الوزراء.. ماذا قالت له؟    انخفاض معدل المصابين بالنزلات المعوية في أسوان    أحمد عزمي وأبطال مسلسل إنترفيو ضيوف «صاحبة السعادة» الأسبوع المقبل    13 مليون جنيه إجمالي إيرادات فيلم عاشق بدور العرض السينمائي    تفاصيل الحلقة ال 8 من «برغم القانون».. إيمان العاصي تعرف حقيقة زوجها    بعد 10 سنوات من رحيل خالد صالح .. سر وصية دفنه يوم الجمعة وصلاة الجنازة ب عمرو بن العاص    هيئة الدواء: 2% من الأدوية في السوق المصرية منتهية الصلاحية    وكيل صحة القليوبية يتابع سير العمل بمركز طب الأسرة في قرية نوى بشبين القناطر    «صحة المنوفية»: إدارة المتوطنة قدمت خدماتها ل20 ألفا و417 مواطنًا في مجالات الفحص والمكافحة    مع الاحتفاظ بالمصرية.. الداخلية تأذن ل21 مواطنًا التجنس بجنسية أجنبية    وزارة التموين تحصر أرصدة السكر المتبقية من البقالين    تتخطى مليار دولار.. شركة تابعة للسويدي إليكتريك تشارك في إنشاء محطة توليد كهرباء بالسعودية    مدير مركز القاهرة الدولي يقدم استخلاصات النسخة الرابعة من منتدى أسوان بقمة المستقبل    محافظ الوادي الجديد يوجه باتخاذ الإجراءات القانونية ضد الطلاب المتغيبين عن المدارس    رحيل مقدم برنامج سر المكان.. معلومات عن الإعلامي أيمن يوسف    عملت وشم فشلت في إزالته هل صلاتي باطلة؟.. رد حاسم من داعية (فيديو)    وزير الأشغال اللبناني يؤكد استمرار العمل بمطار بيروت    مجلس الوزراء يعقد اجتماعه الأسبوعي ويبحث الموضوعات المهمة    بينها تجاوز السرعة واستخدام الهاتف.. تحرير 31 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    وزير الصحة يستقبل ممثلي "نوفارتس" لتعزيز التعاون في تطوير الصناعات الدوائية    وفد "الصحة العالمية" يشيد بجهود الطب الوقائى فى ترصد الأمراض بالتطعيم بالإسماعيلية    ليفربول يواجه وست هام يونايتد في كأس كاراباو    نبيل الحلفاوي يدعم الأهلي قبل السوبر الأفريقي : «هديتكم للنسور الجدد الذين انضموا ليسطروا تاريخا»    مواقيت الصلاة اليوم الأربعاء 25-9-2024 في محافظة البحيرة    القبض على عنصرين إحراميين يديران ورشة لتصنيع الأسلحة النارية بالقليوبية    تكريم الإنسانية    ضبط 200 ألف علبة سجائر بقصد حجبها عن التداول بالغربية    تعديل المخططات التفصيلية لقريتين في محافظة الدقهلية    «الكولونيل» فريد مسعود    خالد جلال يناقش خطة عروض البيت الفني للمسرح ل3 شهور مقبلة    خبير سياحي: الدولة تقدم خدمات متكاملة في مشروع «التجلي الأعظم»    تشكيل ليفربول المتوقع.. 7 تغييرات.. وموقف صلاح أمام وست هام    ما أهمية نهر الليطاني في الحرب بين إسرائيل وحزب الله؟    عاجل.. رد فعل حكم السوبر الأفريقي بعد طلب الزمالك استبعاده.. كيف يدير المباراة؟    هل هناك نسخ بالقرآن الكريم؟ أزهري يحسم الأمر    ما حكم قراءة سورة "يس" بنيَّة قضاء الحاجات وتيسير الأمور    تشيلسي يكتسح بارو بخماسية نظيفة ويتأهل لثمن نهائي كأس الرابطة الإنجليزية    حظك اليوم| الأربعاء 25 سبتمبر لمواليد برج الحمل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العلاقة الفكرية بين السلفيين والإخوان المسلمين
نشر في مصر الجديدة يوم 03 - 05 - 2013

تتصارع الدعوة السلفية الآن على جبهتين متحالفتين، هما الإخوان المسلمون والسلفية الحركية بالقاهرة، ولكل طرف من الطرفين خلافاته الخاصة والقديمة مع الدعوة السلفية. بالنسبة لجماعة الإخوان المسلمين، فالخلافات بينفنقول:ن، خلافات فكرية وسياسية، حيث إن الدعوة السلفية لم ولن ترضى يومًا عن الفكر ألإخواني الذي رفضت الانصياع له على مدار 40 عامًا، وظلت عصية عليه رغم كل المحاولات المستميتة من جماعة الإخوان لإدخال الدعوة السلفية تحت عباءتها، ورفض الدعوة السلفية لهذا الأمر، لأنها ترى أن الفكر الإخواني فكر يميع القضايا الدينية، وأن الإخوان يأكلون الدنيا باسم الدين.
يضاف إلى ذلك أنه عقب الثورة المصرية، ووصول الإخوان إلى سدة الحكم في مصر، تخوف التيار السلفي بشدة من هذا الصعود، لأنه يعلم أن الإخوان سيسعون جاهدين إلى أخونة الدولة، ثم مع مرور الوقت القضاء على كل التيارات الإسلامية الموجودة على الساحة، لأن فكر الحركات الإسلامية بطبيعته فكر إقصائي، يرفض الآخر، ولا يقبل التنوع، وبالتالي فالدعوة السلفية تخشى على نفسها وعلى دعوتها وفكرها من الإخوان المسلمين، فضلا عن تلك الرغبة القوية لدى حزب النور لمنافسة الإخوان المسلمين على السلطة، والجلوس مكانهم على سدة الحكم، حيث يرون أنهم الأجدر بالحكم من جماعة الإخوان المسلمين، لأنهم يمثلون التيار السلفي التقليدي، وهو التيار الأكبر والأوسع في البلاد.
أما بالنسبة لخلاف الدعوة السلفية مع السلفية الحركية، فهو خلاف فكري بشكل أساسي، حيث إن السلفية الحركية قد تتبنى بعض المفاهيم (مثل تكفير الحاكم وجواز الخروج عليه)، التي كانت تتبناها بعض التيارات الجهادية مثل الجماعة الإسلامية وتنظيم الجهاد قبل المراجعات الفكرية، وهذه الأفكار تخالف النهج السلفي الصحيح، وهي بذلك تكون خرجت عن النهج السلفي التقليدي، وأصبحت أقرب إلى النهج الجهادي، الأمر الذي اضطر الدعوة السلفية بالإسكندرية إلى مهاجمة فكر السلفية الحركية، وتحذير الناس منه، وهو ما أدى إلى اشتعال معارك فكرية ضارية بين الطرفين، لم تهدأ إلا عقب الثورة المصرية، حتى نشب الخلاف بين الدعوة السلفية والإخوان، لتقف السلفية الحركية إلى جانب جماعة الإخوان المسلمين، وتدعمهم ضد كل معارضيهم، وعلى رأسهم الدعوة السلفية، بحجة الدفاع عن المشروع الإسلامي الذي تتبناه جماعة الإخوان المسلمين، (متناسين كل المآخذ والانتقادات التي كانوا يوجهونها إلى جماعة الإخوان المسلمين في الماضي، ومنها اتهامهم بأنهم متخاذلون ومتعاونون مع نظام مبارك، وأنهم يقدمون المصلحة على الدين)، الأمر الذي فجر الخلاف القديم بين أبناء التيار السلفي، حيث وجدت السلفية الحركية الفرصة لرد الصفعات للدعوة السلفية التي كانت تعطيها لها طوال الفترة الماضية.
أولا : أهل السنة والجماعة :
الحركة الإسلامية تتحمل مسؤولية تعميق عقائد أهل السنة والجماعة في نفوس أفرادها وفي نفوس أبناء الشعوب الإسلامية ,كما تتحمل عبء الدفاع عن مذاهب أهل السنة والجماعة العقائدية والفقهية والسلوكية . ولا يجوز بأي حال من الأحوال أن نكون حياديين بين من يدافع عن أصول الدين , ومن يتهجم عليها , أو بين من يقف مع ثوابت الدين , ومن يقف في مواجهتها , أو بين ما استقر عليه إجماع أهل السنة والجماعة , وبين الشذوذ والانحراف كائنا من كان أهله. إذا تقرر هذا فإننا نسأل سؤالا مهما في البداية فنقول : من هم أهل السنة والجماعة ؟. وذلك قبل أن ننتقل إلى الحديث عن أصولهم التي يجب على المسلمين جميعا في كل زمبالسياسة.ن يلتفوا حولها : رجالا ونساء , مثقفين وأميين , كبارا وصغارا , حكاما ومحكومين , فقراء وأغنياء , ... سواء تعلقت هذه الأصول بالعقيدة أو بالفقه أو بالسلوك أو بالدعوة أو بالحركة أو بالسياسة . يجب عليهم أن يلتفوا حولها وأن يتبنوها و إلا كانوا منحرفين انحرافا قد يخرجهم عن دائرة الإسلام وقد لا يخرجهم. لقد صح من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "تفرقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة , والنصارى مثل ذلك , وتتفرق أمتي على ثلاث وسبعون فرقة" وخرجه الترمذي هكذا. وفي سنن أبي داود "وأن هذه الملة ستفترق على ثلاث وسبعين فرقة اثنتان وسبعين في النار وواحدة في الجنة , وهي الجماعة".والجماعة المراد هي التي أطلق عليها اسم (أهل السنة والجماعة) وهي جماعة أئمة العلماء المجتهدين, فمن خرج مما عليه علماء الأمة مات ميتة جاهلية, لأن جماعة الله: العلماء, جعلهم الله حجة على العالمين.و"الجماعة" هم المعنيون بقوله صلى الله عليه وسلم "إن الله لن يجمع أمتي على ضلالة", وذلك لأن العامة تأخذ عنها دينها , وإليها تفزعُ من النوازل , وهي تبعٌ لها , فمعنى قوله " سألتُ الله ألا تجتمع أمتي على ضلالة فأعطنيها", أي لن يجتمعَ علماءُ أمتي على ضلالة. وقد عدد البغدادي أهل السنة والجماعة فيما يلي:
أولا : من أحاطوا العلم بأبواب التوحيد والنبوة وأحكام الوعد والوعيد والثواب والعقاب وشروط الاجتهاد والإمامة والزعامة وسلكوا في هذا النوع من العلم طرق الصفاتية من المتكلمين الذين تبرءوا من التشبيه والتعطيل ومن بدع الرافضة والخوارج وسائل أهل الأهواء الضالة.
ثانيا : أئمة الفقه من أهل الرأي والحديث الذين اعتقدوا في أصول الدين مذاهب الصفاتية في الله , وفي صفاته الأزلية , وتبرؤا من القدر والاعتزال , وأثبتوا رؤية الله تعالى وأثبتوا الحشر من القبور مع إثبات السؤال في القبر , وإثبات الحوض والصراط والشفاعة وغفران الذنوب التي دون الشرك.وهم الذين قالوا بدوام نعيم أهل الجنة على أهلها من المؤمنين ودوام عذاب النار على أهلها من الكفار , وقالوا بإمامة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي , وأحسنوا الثناء على السلف الصالح من الأمة ,ورأوا وجوب الجمعة خلف الأئمة الذين تبرؤا من أهل الأهواء الضالة , ورأوا وجوب استنباط الشريعة من الكتاب والسنة والإجماع ( أي إجماع الصحابة ) ورأوا تحريم المتعة , ووجوب طاعة السلطان [في الحكومة العادلة أو الظالمة] فيما ليس بمعصية. ثالثا:ي هذه الجماعة (أهل السنة والجماعة) أصحاب مالك والشافعي والأوزاعي والثوري وأبي حنيفة وأصحاب أحمد بن حنبل [ وكذا بن حزم الظاهري وجعفر الصادق و...] وسائر الفقهاء [من المدرسة المذهبية أو المدرسة السلفية] الذين اعتقدوا في الأبواب العقلية أصول الصفاتية ولم يخلطوا الفقه بشيء من أهواء أهل البدع الضالة.
ثالثا : الذين أحاطوا علما بطرق الأخبار والسنن المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم وميزوا بين الصحيح والسقيم منها وعرفوا أسباب الجرح والتعديل ولم يخلطوا علمهم ذاك بشيء من بدع أهل الأهواء الضالة.
رابعا: الذين أحاطوا علما بأكثر أبواب الأدب والنحو والتصريف وجروا على سمت أئمة اللغة كالخليل وأبي عمرو بن العلاء بن سيبويه والفراء والأخفش والأصمعي والمازني وسائر أئمة النحو من الكوفيين والبصريين [وغيرهم قديما وحديثا] , الذين لم يخلطوا علمهم بشيء من بدع القدرية أو الخوارج أو الرافضة.
خامسا: الذين أحاطوا علما بوجوه قراءات القرآن ووجوه تفسير آياته وتأويلها وفق مذاهب أهل السنة دون تأويلات أهل الأهواء الضالة.
سادسا : الزهاد والصوفية الذين أبصروا فأقصروا واختبروا فاعتبروا بالمقدور وقنعوا بالميسور وعلأدخلوا,لسمع والبصر والفؤاد كل أولئك مسؤول عن الخير والشر : دينهم التوحيد ونفي التشبيه ومذهبهم التفويض إلى الله تعالى والتوكل عليه والتسليم لأمره والقناعة بما رُزقوا به والإعراض عن الاعتراض عليه كالجنيد والحسن البصري والفضيل بن عياض وبن مبارك ورابعة العدوية و...وغيرهم من الصوفية المستقيمين على أمر الله [ لا المنحرفين الذين أدخلوا في الدين من البدع ما أدخلوا , وادعوا الزهدَ والزهدُ بريء منهم , وادعوا أن التكليفَ سقط عنهم , ووالَوْا الاستعمارَ وأعداءَ الله , و...].
سابعا: المرابطون في ثغور المسلمين يحمون حمى الوطن الإسلامي ويذُبُّون عنه ويُظهرون في ثغورهم مذاهبَ أهل السنة والجماعة.انتهى كلامالعقيدة, بإضافات بسيطة وضعتها بين. هؤلاء هم جماعة أئمة العلماء المجتهدين الذين لا يجوز لأحد من المسلمين أو المؤمنين أن يخرج عليهم وإلا كان أمره في خطر , قد يُخرجه من دائرة الإسلام إلى دائرة الكفر , وقد لا يخرجه إلى الكفر ولكن إلى الابتداع وإلى الفسق والفجور والعياذ بالله تعالى. إذن حتى نكون ناجين عند الله عز وجل في الدنيا وفي الآخرة يجب أن تجتمع كلمتُنا على أصول أهل السنة والجماعة في كل المجالات بما فيها العقيدة , والفقه , والدعوة , والسياسة الخ ...لا نزيد على هذه الأصول وامتآخين,الأسس شيئا ولا نُنقِصُ منها شيئا , وإلا –إذا زدنا أو أنقصنا-كنا كاذبين على الله سبحانه وتعالى لأننا بدلنا دينه , وكنا كذلك كاذبين على أنفسنا حين ندعي بأننا ما زلنا –بعد التبديل-مسلمين مستقيمين وثابثين على ما تركنا عليه رسولُ الله محمد عليه الصلاة والسلام. إذا اجتمعت كلمتُنا على هذه الأصول نكون قد أدينا الواجبَ أمام الله ثم أمام الناس ونكون قد أخذنا بالإسلام الذي أكمله الله لنا وأتم به نعمته علينا ورضيه لنا دينا.ولا بأس بعد ذلك أن نختلف في الفروع الكثيرة والكثيرة جدا في العقيدة أو الفقه أو الدعوة أو السياسة أو...بشرط أن نبقى إخوة متحابين متآخين , وأن يبقى الولاءُ قائما فيما بيننا , وكذا حسنُ الظن والتماسُ الأعذار و...إلى أن يأتينا اليقينُ ونحنُ على ذلك بإذن الله.
ثانيا : التعصب يولد تعصبا مضادا :
إن الخطاب الإسلامي السعودي ينطلق –كما يقول قائل في "عرب تايمز"-من فكرة احتكار الحقيقة المعصومة التي لا تقبل الجدل أو النقاش ، والتي يكون مخالفها ضالا ومنحرفا ومبتدعا وزائغا وفاسقا...إلى آخر مفردات قائمة الخطاب.وتزداد المشكلة تعقيداً عندما نجد دائرة ( الطائفة المنصورة المهتدية ) تنكمش إلى أضيق نطاق ، إذ يبدأ الخطابُ الإسلامي في حصر الهداية والرشد في فئة المسلمين عموما من أهل السنة والجماعة (وهو كلام حق وعدل بطبيعة الحال كما قلتُ قبل قليل حين كنتُ أتحدث عن أهل السنة والجماعة) ثم نكتشف بعد ذلك أن دائرة الرشد والهداية تضيق ثم تضيق ثم تزداد الدائرة ضيقاً حتى يحصر الخطاب الإسلامي الهدايةَ والتوحيدَ الخالصَ في فئة بعينها من عامة أهل السنة والجماعة [مستبعدا الأشاعرة والماتريدية], وهم ( السلفيون ) بل ربما تضيق دائرة السلفية ذاتها لتنحصر الهدايةُ والرشدُفي "هيئة كبار العلماء"(مهما كان فضلهم , هم لا يمثلون كلَّ علماء الإسلام) دون غيرهم من السلفيين !!.وقد درج الخطابُ الإسلامي السعودي الرسمي وشبه الرسمي على قذف تهم الضلال والزيغ والزندقة بل والكفر أحياناً بحق كل من خالف الخط الإسلامي السلفي المنسوب إلى بن باز والعتيمين والألباني رحمهم الله رحمة واسعة , فاستسهل البعضُ من فقهاء السعودية-ومن جاورها من الدول- (البعض منهم ولم أقل الكل , وأقصد على الخصوص المتعصبين منهم) تضليلَ من يخالفهم لأتفهِ الأسباب وأهونِ الأمور حتى يكاد الخطابُ الإسلامي يُخرجُ ثلاث أرباع المسلمين من الملة !!.وذلك لأن دائرة الضالين والمارقين والمبتدعة تشمل جميع الفرق الإسلامية غير المنتمية للتيار السلفي,وتفيض المكتبات السعودية ( وانتقلت من السعودية إلى كثير من الأقطار الإسلامية ) بآلاف الكتب المكرسة لتكفير جميع المذاهب والطوائف والحركات الإسلامية غير السلفية (صوفية وسرورية وأشعرية وماتريدية وتبليغية وإخوانية وجهادية وتحريرية و...) حتى بات –أو كاد- تكفيرا الآخر الإسلامي هو الأصل والحكم بإسلامه هو الاستثناء !!.وحتى الحوار الإسلامي – الإسلامي غلب عليه طابع الخشونة والقسوة والحدة،فنجد أن الرد أو التصويب الفقهي أو المناقشة العلمية لاجتهاد معين تُعنون به(الرد على ضلالات فلان ) أو ( نقض شبهات فلان ) أو ( التحذير من تامات فلان ) بل يمكن أن يأخذ الرد –عند بعض الغلاة من السلفية - من غير الألباني وبن باز والتعتيمين بطبيعة الحال- عنوانا مثل "الرد على الكلب العاوي الذي يسمى...." !!! , والمقصود بالكلب العاوي هنا الشيخ يوسف القرضاوي حفظه الله! وفي ظل مثلاليوم,جو الفكري المشبع بثقافة الكره والتطرف والتكفير , والمشحون بعقلية إقصاء الآخر وإلغائه كلياً يأتي العنف المسلح في السعودية مثلا كنتيجة طبيعية وثمرة حتمية لهذا الواقع الفكري المتعصب , وذلك لأن "كل تعصب-كما يقولون- يولد تعصبا مُضادا". والسعودية اليوم , هي إذن تحصدُ حصادَ سنوات وسنوات.أنا ما قلتُ بأن ما جاءنا من السعودية كله شر!.أبدا أبدا أبدا . أنا ما قلتُ هذا ولن أقولهُ بإذالأيام,ي يوم من الأيام , بل إن الذي جاء منها من خير أكثر بإذن الله بكثير مما جاء من شر وتعصب وتزمت وتطرف.وما كتبه علماء السعودية (خاصة الألباني وبن باز والعتيمين ومن اقتدى بهم ونهج نهجهم وسار على دربهم ...) كذلك من خير وأمن وأمان وسلم وإسلام وهدوء وطمأنينة و...أكثر بإذن الله بكثير مما صدر منهم من أخطاء ومن تعصب وتزمت وتطرف.ولكنني أشرتُ قبل قليل إلى بعض الشرِّ فقط الذي جاءنا من السعودية. الخلاف مع جماعة الإخوان المسلمين جعل للدعوة السلفية مكانة خاصة في الشارع، وعند باقي فصائل المعارضة، من دون باقي فصائل التيار السلفي، ليعلم الجميع أنها المنافس الأكبر في صفوف الحركة الإسلامية للإخوان المسلمين، ولكن في الوقت نفسه إذا ما استقرت الأمور لجماعة الإخوان المسلمين في حكم البلاد، فسوف يكون أول من يعصف به الإخوان هو الدعوة السلفية قبل أي فصيل آخر في الحركة الإسلامية. أما بالنسبة للخلاف مع السلفية الحركية، فإنها بلا شك سوف تزيد من الانقسامات داخل البيت السلفي الذي أصبح يعاني أصلا من التصدعات المتتالية، حيث ستنقسم فصائل التيار السلفي بين مؤيد ومعارض للدعوة السلفية، وبالتالي الاتجاه نحو مزيد من الانقسام، خاصة وأن هناك العديد من القادة السلفيين كانوا يحذرون من الدخول إلى العملية السياسية، والاكتفاء بالعمل الدعوي فقط لأنه المهنة الأساسية لكل التيارات السلفية، كما أن من السياسة ترك السياسة، حيث إن السياسة تزيد الفرقة والخلاف، والدعوة تدعم الوحدة والائتلاف في ظل الانقسامات السلفية السابقة، سنجد أن الإخوان المسلمين هم المستفيد الأكبر من هذه الانقسامات، لأنها فتّتّ الكتلة المعارضة الأكبر لهم في أوساط الحركة الإسلامية، وبالتالي تزيد فرصة جماعة الإخوان في الحفاظ على مكانتهم المتقدمة في الحركة الإسلامية، وفي الحصول على الأغلبية البرلمانية في الانتخابات القادمة
الدكتور عادل عامر
أستاذ مساعد القانون العام
ورئيس مركز المصريين للدراسات السياسية والقانونية
و عضو المعهد العربي الأوروبي للدراسات الإستراتجية والسياسية
محمول 01002884967
01118984318
01224121902


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.