جنيف – باريس: ركز مرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان في تقريره السنوي الصادر حديثاً على مشكلة جديدة تعيق عمل المدافعين عن حقوق الإنسان. إن إتاحة الحصول على التمويل – الأجنبي في أغلب الحالات – مشكلة تصعّد منها الحكومات بشكل متزايد، وهدفها الأساسي هو إسكات المدافعين عن حقوق الإنسان. هذه المعوقات التي تواجه المدافعين عن حقوق الإنسان في شتى أنحاء العالم لا تخرق فحسب معايير حقوق الإنسان المعترف بها عالمياً، بل هي أيضاً تعيق إلى حد بعيد جهود المجتمع المدني الرامية إلى تعزيز وحماية حقوق الإنسان وإلى ضمان وصول الانتهاكات التي يتعرض لها ضحايا حقوق الإنسان إلى العلن. يوفر التقرير السنوي 2013 الصادر عن المرصد رؤية شاملة لانتهاكات حق منظمات المجتمع المدني في الحصول على التمويل باستخدام مختلف أنواع القيود التي تفرضها الحكومات. كما يوفر صورة تفصيلية لهذه المشكلة التي قلما يتم التعرض لها بالدراسة والفحص. يتم إلقاء المزيد من الضوء على هذا التحليل من خلال استعراض حالات في 35 دولة. وكما أوضحت ماينا كياي مقررة الأممالمتحدة الخاصة المعنية بالحق في حرية التجمع السلمي وحرية تكوين الجمعيات، في مقدمة التقرير، فإن: "قضية تقرير هذا العام مهمة للغاية إذ شهدنا مؤخراً على تزايد الوصم والقيود التي لا ضرورة لها على صلة بحصول منظمات المجتمع المدني على التمويل والموارد، في محاولة لإعاقة أي شكل من أشكال الانتقاد [...]". إن حق منظمات المجتمع المدني في إتاحة حصولها على التمويل جزء لا يتجزأ من الحق في التنظيم وتكوين الجمعيات. ويعد توفر التمويل والموارد مسألة ضرورية يصبح دونها العمل اليومي لمنظمات المجتمع المدني في خطر داهم. وفي بعض الدول، تشتمل تبعات هذه القوانين والممارسات على إضعاف أنشطة المجتمع المدني. في أثيوبيا أجبرت أنظمة وقوانين التمويل الأجنبي منظمات المجتمع المدني على تقليص أنشطتها والتخلي عن خدمات عدد من العاملين فيها، وأدت إلى وقف بعض الأنشطة المتعلقة بحقوق الإنسان. وفي روسيا تواجه منظمات المجتمع المدني التي تحصل على تمويل أجنبي خطر المسؤولية الجنائية إذا لم تذكر مصطلح "عميل أجنبي" في جميع الوثائق الرسمية. وفي بيلاروسيا يمضي أليس بيالياتسكي رئيس مركز "فياسنا" لحقوق الإنسان حكماً بالسجن جراء استخدامه للتمويل الأجنبي مع طرد زملاءه من مقرات المركز. بناء على الإطار القانوني الخاص بهذا الحق وبسبب اقتصار ومحدودية الفقه القانوني المتوفر في هذا الموضوع، يسعى التقرير إلى توفير تحليل معمق بشأن الآثار السلبية لهذه الإجراءات التقييدية، ويوجه توصيات إلى جميع الأطراف المعنية: إلى المستفيدين والمانحين والحكومات والمنظمات الدولية الحكومية. قال غيرالد ستابيروك الأمين العام لمرصد حماية المدافعين عن حقوق الإنسان: "إننا نريد حماية منظمات المجتمع المدني. لقد أصبحت هذه مشكلة مُلحّة بسبب وجود نمط متصاعد لها، وبسبب تداعيات المشكلة على مستوى العالم، من اعتداءات على المدافعين عن حقوق الإنسان ووصفهم بأنهم يعملون بشكل غير قانوني بسبب صلاتهم الدولية. هذه الحجة الجديدة ضد الدعم الدولي – لا سيما التمويل – تقيد من أنشطة منظمات المجتمع المدني. إن هذا الأمر غير مقبول. إننا نريد في تقرير هذا العام وضع أطر جديدة للنقاش الخاص بأنشطة حقوق الإنسان المعترف بها عالمياً". وأضافت سهير بلحسن رئيسة الفدرالية الدولية لحقوق الإنسان: "كثيراً ما تظهر المعوقات التي تحول دون التمويل في سياق مناخ متفشي من القمع، حيث تقترن القوانين التقييدية بحملات تشويه السمعة بالمضايقات القضائية متخذة هيئة مشكلة تعترض المدافعين عن حقوق الإنسان، بما يهيئ بيئة معادية لأنشطتهم. إن هذه المعوقات التي تعترض سبيل تمويل منظمات المجتمع المدني والتي تفرضها الحكومات تمثل إحدى المشكلات المؤسسية الأكثر جسامة التي تواجه المدافعين عن حقوق الإنسان حالياً".