الذين يعارضون وجود الإخوان على قمة السلطة، هم الآن أمام خيارين لا ثالث لهما....... أولهما: الاستمرار في انتهاج المعارضة سياسيا، وسلميا، دون طائل في ظل ضمان امتلاك الإخوان لناصية الصندوق الانتخابي بدعم سلفي، يتردد أحيانا.. يتململ عند بعض المنحنيات الحادة، لكن لا تراجع عنه فى اللحظات الحاسمة. ثانيهما: اللجوء للعنف والدم، كما بدأ يتردد على ألسنة كثير من "الثوار"، لدرجة أن أصبحت جملة "الخالة سلمية يرحمها ربنا" .. حاضرة وبشدة في ميدان التحرير وميادين أخري...!! وهو ما رأينا ترجمته عمليا على مدي الساعات الماضية، عبر استهداف مقار ومصالح إخوانية، من جانب معارضين بطول البلاد وعرضها. هذا الخيار الأخير، مرشح بقوة للتصعيد وبالتالي تحويل أرض مصر إلى كتلة من لهيب ودماء، وياللمصادفة: إنه حلم موشي ديان القديم....... وبدوره فإن ذاك الحلم – الكابوس – لن يتحقق إلا إذا بحضور عاملين رئيسيين ....... أولهما: قوات البلطجية المسلحة، التى أصبحت تضرب بعشوائية في كل الاتجاهات، وهي قد فرضت وجودها رغم أنف الجميع، منذ مؤامرة فتح السجون وتهريب المعتقلين والمسجلين خطر، بتخطيط من أمن الدولة الصهيو أميريكي، لوأد الثورة في مهدها... عبر ترويع الآمنين وبالتالي سحب الثائرين، من الشارع، إلى "أعشاشهم" حيث تم تدجينهم لعشرات السنين. ثانيهما: القوات القبطية المسلحة، وهي قائمة وموجودة تحت الأرض، منذ فترات بعيدة، حيث العديد من الكاتدرائيات تحتوي مخازن أسلحة ضخمة........ ولمن لا يصدق، فليُجبْ: لماذا رفضت الكنيسة المصرية دائما مبدأ الإشراف الرسمي وبالتالي إخضاع مبانيها للتفتيش من جانب الدولة؟ ويكفي هنا ذكر كلمة "الكتيبة الطيبة"، لكي يتنامَ لإدراك أي مراقب، وجود التسليح القبطي السري كحقيقة واقعة، وذلك في الوقت الذي ربطت فيه تقارير بين "الكتيبة الطيبة" وبين تنظيم البلاك بلوك، الذي كشف عن نفسه مؤخرا، وقام بعمليات تخريبية، مستهدفا عدد من المحال التجارية الخاصة برجال أعمال إخوان، أمثال "مؤمن" و"التوحيد والنور"، خلال أعمال الشغب التى دارت رحاها مؤخرا. في حين رأي البعض أن وجود مثل هذه التنظيمات القبطية المسلحة، كان رد الفعل الطبيعي على وجود ميليشيات "إسلامية" مسلحة، كالتى يقودها "خيرت الشاطر"، على نسق إنشاء جماعة الإخوان الأقباط (مؤخرا) ردا على صعود جماعة الإخوان المسلمين للحكم...! إنه وإن كان من المهم هنا إدراك حقيقة مهمة، مفادها ضرورة التفرقة بين الإخوان ك"رأس" ماسونية الملامح، أصولية – إسلامية الأجندة، وبين الإخوان ك"كيان ضخم" يحتضن ملايين من المسلمين "المُضلَّلين" سياسيا، غالبيتهم العظمي حسنة النوايا، طيبة المعشر، تماما ....... كما اعتدنا التفرقة بين جيش مصر العظيم، وبين "العسكر". واللفظ "عسكر" ينطبق فقط على الرؤوس الفاسدة والقتلة أمثال "محمد حسني مبارك" و"محمد حسين طنطاوي" و"صفوت الشريف" وغيرهم، وكلهم يأتمرون بأوامر سادتهم في البنتاجون والسي آي إيه وواشنطن وتل أبيب........ و"الأجنحة البيضاء" لا تُكذب خبرا. إن صعود التيار السياسي المتأسلم، كان بمثابة الخطيئة الكبري التي تعمد ارتكابها الكيان الصهيو أميريكي، وأذنابه في مصر من عسكر وأمن دولة، لأنه دفع البلاد إلى آتون مواجهة طائفية مرتقبة، في ظل شعور "الآخر" بالتهميش والانحياز ضده. ومما يزيد من حدة الصراع المتوقع، هو ذلك التوازن بين الطائفتين، على مستوي القوة حال المواجهة بين الراديكاليين من كلا الطرفين ....... وليس على مستوي المواطن العادي من الجانبين، المتعايشين سلما منذ مئات السنين. فالكثرة الإسلامية، الأشبه بغثاء السيل، يقابلها أقلية مسيحية لكنها أكثر تعليما وتثقيفا وثراءً، وهي ستكون مدعومة – وقت اللزوم – بالوجود والتأييد وربما الأسطول الأمريكي، المتأهب لحماية "الأقليات" في أي مكان، وليس فقط في مصر. بينما وبالمقابل، فإن الدعم "الصهيوني – الأمريكي – القطري"، الذي كان ومازال الوقود الذي انطلق به التيار السياسي المتأسلم، كالصاروخ (من غياهب السجون إلى قمة السلطة)، يتسم بأنه على قاصر على مستوي "التاكتيك" وليس "الاستراتيجيك"، بمعني أنه مرهون بالوصول إلى نقطة تحقيق الأهداف التى من أجلها تم توظيف الصعود الإسلامي من أجل إذكاء نيران الطائفية، وصولا لإعادة تشكيل الحدود السياسية القائمة منذ عصر الاحتلال البريطاني، إلى حدود إثنية الهوية، على أساس تقسيم المنطقة العربية، إلى كانتونات طائفية، على غرار النموذج العراقي (سنة – شيعة – كرد)، والنموذج السوداني (مسلمين – قبط)، والنموذج السوري (سنة – شيعة) ... والأخير في المراحل النهائية من الدفع باتجاهه. المواجهة الطائفية إذن مرشحة بقوة لاحتلال المشهد القادم في مصر، وهي تبدو كقطار الشرق السريع الذي لا يملك أحد إيقافه، ولا أحد يعرف متي يتوقف؟ ولكن ....... طوبي لمن لم يركب هذا القطار ونأي عنه وتركه يمر بعيدا. تماما كما فعل "هابيل" حينما وجد أخاه يهدده بالقتل فقال له: "لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ". أنا مع الخيار "هابيل"........ وأنت - عزيزي القارئ - مع من؟؟؟
سيد قطب وسط أقطاب المحفل الماسوني قبل أن يتحول إلى أحد أقطاب جماعة الإخوان المسلمين