■ إنه لمن دواعى سرور وفخر أي مصري عند زيارته لأي دولة فى العالم أن يستمع إلى أن بلده مصر بلد التاريخ والحضارة والأهرامات والنيل، وأبسط ما يصف به الشعوب الغربية وشرق آسيا مصر أنها دولة صاحبة تاريخ عظيم، ولكن قبل أن تأخذك الجلالة والفخر سرعان ما تجد "مصمصة الشفايف" عما وصلت إليه بلدك الآن وتجده واضحاً فى عيونهم ويسألونك لماذا وصلتم إلى ما أنتم فيه الآن؟! وما هذا الكم من الكوارث والأمراض والعشوائية التى نراها ونسمع عنها وكيف استطاعت مجموعة من المصريين السيطرة عليكم واستعماركم كل هذه السنوات فى صورة حكومة؟! ويقصدون بذلك الحزب الوطنى والتابعين والنخبة من رجال الأعمال المقربين الذين زاع سيطهم فى دول الغرب بعد أن تدفقت الأموال الفائضة من شركاتهم الوهمية لاستثمارها فى الخارج. وياللعجب أن تسمع عن مصر والدول العربية أنها دول الثراء والرفاهية ولِمَ لا إذا كانت أمريكا والدول الأوروبية ترى هذا الكم من القصور الفخمة والخدم والرفاهية التى تعيشها تلك النخبة المنتقاة من الشعب المصرى، ولا تؤاخذونى فهم معذورون لأنهم لا يروا منا غير هذه النخبة أما باقي معلوماتهم عن الشعب المصري فتأتى إليهم عن طريق القنوات الفضائية وشبكة الإنترنت التى ما تزال لا تنقل عنا إلا ما يشوه الصورة ويصورونا على أننا مجموعة من العزب الصفيح والصحراء، وكأننا جميعاً باستثناء تلك الصفوة عبيد نعيش لخدمة أولي الأمر ورجال الأعمال، ويعتبر هؤلاء أن المنتجعات السياحية فى شرم الشيخ والغردقة وغيرها هى هبة لم نحصل عليها ولا كان لنا أن ننعم بدخلها إلا بعد معاهدة السلام مع إسرائيل وأن استثماراتنا فيها ما هى إلا لخدمة السياحة الأجنبية التى ترد لزيارة هذه المناطق والتمتع بها، فلا نتعدى نحن إلا حرس وقائمين على خدمة السياحة الواردة من عندهم، ولِمَ لا إذا كان باستطاعتهم فى لحظة أن يقضوا عليها ويتركونا نبكى على أطلالها. والموضوع "مش صعب ولا بعيد"، وكلها ضربة إرهابية وتوجيه رسالة لرعاياهم وذويهم ووضع تلك المناطق تحت تصنيف أماكن إرهابية خطرة وساعتها كل المنتجعات والمشروعات "هتقفل" أبوابها وتسرح عمالها منتظرة الفرج من الغرب حتى تعود إليها الحياة. وفى تأمل لما وصل إليه الحال المصرى بعد أن كنا فى الماضى من ذوى الشأن فى العالم العربى وآسيا وأفريقيا وكان لدينا من المحاصيل الزراعية والصناعات ما يرتبط باسم مصر وكان لنا ماركات مسجلة مرتبطة باسم مصر أو كما يقولون هم بلغتهم: كانت مصر (Brand) ، وكل هذا سقط فى ظل حكم عشوائى تعلو فيه الأنا على مصلحة الوطن ويتبع سياسة الشللية والهليبة وتسرب ذلك المفهوم من أعلى إلى أسفل، فطال كل فئات الشعب، وتحولنا جميعاً من الكبير إلى الصغير إلى مجموعة من الفهلوية والهليبة، "كلٌّ يبكى على ليلاه" كما يقولون، ولا أحد يعى الوطن ولا مصلحة الوطن، ولا صوت يعلو فوق صوت الذات، والنتيجة تمزق أوصال الشعب وأصبحنا بلا هدف عدا المادة، هذا هو حاضر الدولة ذات التاريخ والحضارة ال7000 سنة أما عن المستقبل فهو فى علم الله.