الرئيس يعتمد الدستور أعلنت اللجنة العليا للانتخابات مساء أمس الثلاثاء الموافق 25 ديسمبر لعام 2012 عن نتيجة الاستفتاء على الدستور المصري، بموافقة نحو 63.8%، ورفض 36.2% فقط للدستور، متجاهله بشكل كامل التقارير التي قدمتها منظمات المجتمع المدني حول حدوث العديد من الانتهاكات والتجاوزات التي شابت عملية الاستفتاء على الدستور. فقد راقبت منظمات المجتمع المدني مرحلتي الاستفتاء على الدستور، وقدمت للجنة العليا للانتخابات العديد من البلاغات حول هذه التجاوزات، كما قدمت دعاوى لوقف إعلان النتيجة أمام القضاء، وبلاغات للجنة القضائية التي شكلها وزير العدل للتحقيق في شكاوى منظمات المجتمع المدني، ولكن من الواضح أن اللجنة لم تنظر حتى انتهاء التحقيقات في البلاغات بشكل جدي وقامت على عجل بإعلان النتيجة، فهناك شكاوى قدمت بتسويد بطاقات الاقتراع بتوقيع الغير، وكذا عملية توجيه النا خبين على نطاق واسع وغياب الإشراف القضائي في بعض اللجان القضائية. ولكن بمتابعة موقف اللجنة العليا للانتخابات نجد أنها نظرت في هذه الشكاوى والبلاغات في عجل مثلما فعلت الجمعية التأسيسية هي الأخرى في صياغة مواد الدستور لكي يخرج الدستور بأي شكل في أقصي وقت وبأقصى سرعة، على النحو والصورة التي خرج بها. وبقراءة سريعة لموقف وردود اللجنة العليا للانتخابات حول الانتهاكات والتجاوزات التي شابت عملية الاستفتاء، نلاحظ ما يلي: أولاً: أعلنت اللجنة العليا أنه تم تحديث قاعدة بيانات الناخبين حتى 30/ 11/ 2012، وأسفر ذلك عن إضافة عدد قدره 385960 ناخبا، ليصبح عدد المواطنين من لهم حق التصويت في الاستفتاء 51332375 ناخبا، ولكن الواقع الفعلي يظهر أن التحالف المصري قد رصد وجود أخطاء في كشوف الناخبين بلجنة رقم (20) بمدرسة عثمان أحمد عثمان بالشيخ زايد حيث رصد وجود اسم السيدة/نعمات توفيلس قلدس متوفية منذ عام 2010مقيدة برقم (3394)، وكذا باللجنة رقم 9 بمدرسة العباسي التابعة لحى أول وجود اسم متوفى يدعى أحمد على سويلم ورقمه الانتخابي 1701 في كشوف الانتخابات باللجنة، وباللجنة رقم (10) بمدرسة منشأة جمال المشتركة بقويسنا بعدم إدراج اسم المواطن أبنوب سليمان فوزي بكشوف الناخبين على الرغم من تصويته بانتخابات الرئاسة وحرر محضر قيد برقم 6858 لسنة 2012. ثانياً: أعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات، أن اللجنة العليا أشرفت إشرافا كاملا على عملية الاستفتاء في المرحلتين على ( 375 ) لجنة عامة، ( 13100 ) لجنة فرعية موزعه على مستوى الجمهورية، كما تم مد فترة التصويت إلى الساعة الحادية عشر لإتاحة الفرصة للناخبين للإدلاء بأصواتهم، وهو أمراً غير صحيح وذلك لأن اللجنة العليا إزاء قلة عدد القضاة المشرفين على الانتخابات عمدت على دمج العديد من اللجان الانتخابية مثلما حدث من دمج بعض اللجان في مدارس الصلب الجديدة الابتدائية والصلب القديمة الابتدائية، وعلى ابن أبي طالب الثانوية، والصلب الجديدة الإعدادية بالتبين بحلوان مما أدي إلى وجود تزاحم شديد من قبل الناخبين وزيادة الكثافة التصوتيتة في هذه اللجنة، بحيث بلغ عدد المصوتين في اللجنة المجمعة من 4.000 إلى 6.000 ناخب، والبديهي أن اليوم التصويتي لا يتحمل سوي 1500 ناخب، وبالتالي عدم تمكين سوى المئات من الناخبين من التصويت، وأنه كان من الضروري جعل الاستفتاء على مدار يومين كحد أدنى كما حدث في الانتخابات البرلمانية والرئاسية، وفي النهاية لم يتمكن ثلثا المواطنين من الإدلاء بأصواتهم، وهو ما يؤكد أن هناك نية مبيته لحجب إرادة الشعب ووصولا لنتيجة معينة ثالثاً: أعلن رئيس اللجنة العليا للانتخابات، أن اللجنة تثبتت من أن عملية الاستفتاء جرت تحت إشراف قضائي كامل على مستوى الجمهورية، فجميع رؤساء اللجان الفرعية قضاه أو أعضاء هيئات قضائية، وقد أصدرت اللجنة تعليماتها المشددة لجميع رؤساء المحاكم الابتدائية أن يكون تسليم أوراق الاستفتاء وتسلمها بعد التأكد من شخصية القاضي بموجب كارنيه تحقيق الشخصية الخاص به، وهو أمر لم يحدث فقد تم رصد العديد من الحالات من غياب الإشراف القضائي مثل لجنة رقم ( 2 ) بمدرسة أبو الهول القومية الابتدائية حيث تبين أن رئيسة اللجنة باحثة قانونية بالنيابة الإدارية. وبالتالي كان يجب على اللجنة أن تبادر إلى التحقيق في اللجان التي تم عرضها في البلاغات ووقف نتيجة الاستفتاء في اللجان التي لا يوجد بها إشراف قضائي واستبعداها من النتيجة للتأكيد على نزاهة العملية الانتخابية في مجملها، ووقف الممارسات التي طالما اتصف بها النظام السابق للوقوف في وجه طموحات وآمال المواطن المصري البسيط. ثالثاً: لم يرد رئيس اللجنة العليا من الانتخابات على واقعة تسويد بعض بطاقات الاقتراع وتوقيع مكان الناخبين من قبل الغير، وكان من المفترض على رئيس اللجنة أن يتم أخذ عينة عشوائية ومطابقتها بتوقيع الناخبين الذين تقدموا بشكاوى للتأكيد على مصداقية العملية الانتخابية، ولكن على العكس تجاهل رئيس اللجنة الحديث عن هذا الأمر تماماً. رابعاً: أعلن رئيس اللجنة أنه تم السماح لجميع حاملي التصاريح السابق إصدارها من اللجنة العليا للانتخابات في الانتخابات البرلمانية السابقة، وفي الانتخابات الرئاسية، والذي يقدر أعداد حاملي التصاريح من المجتمع المدني والمراقبين والصحفيين بأكثر من ( 40000 ) ألف مراقب، هذا بالإضافة إلى اتفاق اللجنة العليا للانتخابات مع المجلس القومي لحقوق الإنسان بإصدار تفويض لمتابعين جدد لمتابعة عملية الاستفتاء، وهنا تظهر بشكل جلي ملاحظتين الأولي أنه رصد على غير السالف بالفعل حالات منع مندوبي منظمات المجتمع المدني من دخول مراكز الاقتراع في لجنة مدرسة التربية الفكرية بالغردقة، ولجان مدرسة تل قلزم الابتدائية المشتركة بمحافظة السويس، ولجان أرقام ( 33، 34 )بمدرسة صنافير الابتدائية للتعليم الأساسي بمحافظة القليوبية، والأمر الثاني أنه عهد للمجلس القومي لحقوق الإنسان بإصدار تصاريح للمراقبة وهنا يظهر تضارب المصالح فرئيس المجلس القومي هو رئيس الجمعية التأسيسية التي قامت بوضع الدستور، كما أن المشرفين على متابعة الاستفتاء بالمجلس هم أعضاء في حزب الحرية والعدالة المؤيدة للدستور وبالتالي أصحاب مصالح في تمرير الدستور وبالتالي فقد حصلوا حصريا على أغلب تفويضات المجلس، فضلا عن كون القانون المنشئ للمجلس لم ينص صراحة على الرقابة على الانتخابات. خامساً: أعلن أنه تم السماح لأول مرة لوسائل الأعلام المحلية والدولية بتغطية الاستفتاء بمجرد إبراز كارنية الهوية الخاص بجهة العمل لدى المؤسسات الإعلامية التي يعمل بها، ولم يتم الرد على بعض التجاوزات في هذا الشأن مثلما حدث من قيام رئيس اللجنة رقم (59) بمدرسة بني هلال الابتدائية بمحافظة البحيرة بمصادرة الأشرطة المسجل عليها تصوير الاستفتاء باللجنة الخاصة بصحفيين تابعين لوكالة أنباء الشرق الأوسط، كما تم نعهم من دخول اللجنة رقم (60) بذات المدرسة على الرغم من حملهم تصاريح متابعة للاستفتاء. سادساً: أن رئيس اللجنة العليا تجاهل الرد على التجاوزات الأخرى مثل توقف أعمال التصويت في بعض اللجان وإغلاق بعض اللجان الانتخابية لفترات طويلة، ومنع بعض الناخبين من التصويت في بعض اللجان الانتخابية، والتحقيق في بعض حالات الرشاوى الانتخابية، وحالات التصويت الجماعي، ووجود استمارات غير مختومة، وتعمد تعطيل دخول الناخبين إلى مقار الاقتراع، وبعض الأخطاء داخل اللجان من قبيل عدم توافر الحبر الفسفوري وعدم وجود ستائر، ووجود دعاية على أسوار المدارس. وهنا في النهاية بقي لنا أن نقول أنه كان يجب على اللجنة العليا للانتخابات أن تقوم بالتحقيق الجدي في البلاغات المقدمة من قبل منظمات المجتمع المدني المستقلة ذات الخلفية في متابعة الانتخابات على مدار الأعوام السابقة، ولها خبرة سابقة في الرقابة سواء في عهد النظام البائد أو بعد ثورة الخامس والعشرين من يناير، وان تنتظر حتى انتهاء التحقيقات من أجل الخروج بنتائج تعبر عن الشارع المصري وتعبر عن إرادته، وخاصة أن المفترض أن هذا الدستور سيقوم بتشكيل الحيا ة السياسية خلال المرحلة القادمة، كما أنه مفترضاً أنه يقود مصر خلال مرحلة التحول الديمقراطي وتحقيق العدالة الاجتماعية والحرية التي يسعى إليها كل مواطن مصري.