تبدأ اليوم الثلاثاء مفاوضات مهمة بين صندوق النقد الدولي ومصر بشأن قرض بقيمة 4.8 مليار دولار الذي تصر حكومة الإخوان على إتمامخ على الرغم من تصاعد أصوات عديدة معارضة له، من منطلق التحذير من التعامل مع أخطر مؤسسة مالية دولية لها كثير من سوابق الإسهام فى إفلاس الشعوب. وقال مسؤول كبير في الصندوق إن الاتفاق المزمع يجب أن يركز على خفض العجز الكبير في الميزانية المصرية دون أن يعوق النمو الاقتصادي. ويقول مسعود أحمد مدير شؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا في صندوق النقد إن الهدف هو التخفيض التدريجي للدعم الذي يهدر جزء كبير منه لاسيما في قطاع الطاقة واستخدام هذه الموارد لتعزيز الإنفاق على الصحة والتعليم وتطوير البنية التحتية مع تحرر البلاد من عقود من الحكم الاستبدادي. وتهدف محادثات الصندوق في القاهرة للتوصل إلى اتفاق قبل نهاية العام. ومن المتوقع أن يفضي الاتفاق إلى حصول مصر على تمويل آخر من مقرضين دوليين آخرين مثل البنك الافريقي للتنمية والبنك الدولي. وقالت إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما أيضا إنها ستساعد مصر بمليار دولار في صورة إسقاط ديون وتمويل وضمانات قروض للشركات والبنوك الأمريكية للاستثمار في مصر. وتواجه مصر مشكلات اقتصادية كبيرة. وارتفع عجز الميزانية إلى11 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي وهناك بطالة متفشية بين الشبان واحتياطيات العملة الأجنبية منخفضة. وخلال الأشهر القليلة الماضية عكفت الحكومة على وضع برنامج اقتصادي وتوفير الدعم السياسي والاجتماعي له استجابة لطلب الصندوق. وقال أحمد في تصريحات إعلامية إن بعثة الصندوق ستدرس تفاصيل البرنامج في الأسابيع المقبلة. وتابع "يجب أن يتصدى البرنامج للتحديات التي تواجهها مصرالآن." وأضاف "هذه التحديات صعبة للغاية ومنها ما هو قصير الأجل ويتعلق بتعزيز متانة الميزان المالي والميزان الخارجي ومنها ما يتعلق بوضع أساس لتحفيز النشاط الاقتصادي في الأجل المتوسط لتوفيرفرص العمل." وقال أحمد "بصرف النظر عن المشكلة قصيرة الأجل يجب أن يسترشد الاقتصاد المصري برؤية لنمو شامل يوفر فرص العمل مع مزيد منا لشفافية وتكافؤ الفرص. لا يمكن أن يكون المستقبل عودة إلىالماضي." وشدد أحمد على أهمية الحيلولة دون ارتفاع عجز الميزانية أكثرمن ذلك عن طريق تخفيض تدريجي لدعم الطاقة الذي يذهب 60 بالمئة منه إلى الأثرياء الذين يستطيعون إنفاق المزيد على منتجات الطاقة. وأحد الاقتراحات هو توجيه الدعم للأسر المصرية الفقيرة من خلال تحويلات نقدية مباشرة أو كوبونات. ويمثل خفض الدعم مسألة حساسة سياسيا وقال أحمد إن من المهم أن تكون الحكومة منفتحة وواضحة بشأن نواياها. وتعهدت الحكومة بإصلاح الدعم الذي يلتهم نحو ربع ميزانية الدولة لكنها لم توضح طريقة ذلك أو موعده. وقال أحمد "خبرتنا فيما يتعلق بإصلاح الدعم في العديد من البلدان هي أن هذه الإصلاحات تتم بأفضل طريقة حين يكون هناك استعداد جيد لها وحين تتم بشكل تدريجي وليس بين عشية وضحاها." وتابع "لا أعتقد أن من المنطقي محاولة تنفيذ تغييرات متعجلة بطريقة ليست مدروسة بالكامل أو قد تحدث آثارا سلبية." وبحسب تقدير صندوق النقد إذا نفذت الحكومة الإجراءات الازمة فستتمكن من خفض عجز الميزانية إلى عشرة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي في السنة المالية التي تنتهي في يونيو حزيران 2013. ويرى الصندوق أيضا أن مصر تحتاج إلى تخفيضات أخرى كبيرة في نسبة العجز في 2013-2014 لتصبح الميزانية على مسار مستدام. وقال أحمد إن تنفيذ هذه الإجراءات سيطمئن المستثمرين ويعزز الثقة. وتابع "يجب أن تتخذ الإجراءات التي تعتبر قوية وذات مصداقية ولها تأثير على الناتج حتى في العام الأول. "في الوقت نفسه أعتقد أنه يتعين الإشارة إلى اتجاه الخطوات التي ستتخذ لاحقا." وقال "لا ينبغي التعجل لأنك لو خفضت الإنفاق بوتيرة أسرع من اللازم قد يؤثر هذا على النمو.. لأنك تخفض المحفزات بصورة أو بأخرى." وذكر أحمد أن من شأن برنامج صندوق النقد المساعدة على خفض أسعار الفائدة التي تتقاضها البنوك المحلية والتي ارتفعت بفعل زيادة طلب الحكومة على التمويل وتزايد عدم اليقين. وتقترض الحكومة المصرية نحو ملياري دولار شهريا من البنوك المحلية مما يقلل التمويل المتاح للقطاع الخاص. وقال محللون إن إحدى الطرق لتعزيز النشاط الاقتصادي والصادرات هي أن تخفض الحكومة قيمة عملتها. ويعتقد بعض المحللين أن الجنيه المصري متداول بأكثر من قيمته الفعلية بنحو 40 بالمئة. وهذه مسألة حساسة سياسيا وقد قال الرئيس المصري محمد مرسي إنخفض قيمة الجنيه أمر غير وارد. وسئل أحمد إن كانت مصر ستحتاج لخفض قيمة الجنيه فأجاب قائلا"لا أريد أن أخوض في تقييمات محددة لكن النقطة المهمة هي أنه في الأجل المتوسط تحتاج مصر لتعزيز المتانة والقدرة التنافسية." ومن شأن خفض قيمة الجنيه أن يشجع الصادرات ويوقف نزيف احتياطيات النقد الأجنبي.