انضم وزير الخزانة الاميركي تيموثي غايتنر بصفة استثنائية الى محادثات يجريها وزراء المالية الاوروبيون حول ازمة الديون الجمعة، في الوقت تواصل فيه فنلندا اعتراضاتها على الخطة الجديدة لاخراج اليونان من عثرتها. وبعد ان وحدت البنوك المركزية الرئيسية في العالم جهودها بضخ مزيد من السيولة لتعزيز الوضع المالي للمصارف المهددة وانهاء ازمة ديون منطقة اليورو، تتعرض اوروبا لضغوط متزايدة لانهاء شهور من النزاع حول خطة انقاذ مالي ثانية للحكومة اليونانية التي اوشكت على الافلاس. ومع بدء بلدان الاتحاد الاوروبي محادثات حاسمة في بولندا، صرحت النمسا ان تخلف اليونان عن سداد ديونها قد يكون النتيجة الاقل كلفة. وصرحت ماريا فيكتر وزيرة المالية النمساوية "انا على ثقة تامة بإمكان الافراج عن الشريحة المقبلة (من المساعدات لليونان) في تشرين الاول/اكتوبر"، في اشارة الى القروض المعلقة البالغة ثمانية مليارات يورو. غير ان الوزيرة النمساوية اضافت "لكن اذا اتضح ان هذا الخيار سيكون اكثر كلفة .. فسيكون علينا ان ننظر في البديل". ورغم مشاركة غايتنر الاستثنائية في محادثات الاتحاد الاوروبي بدعوة من بولندا التي تتولى الرئاسة الدورية للاتحاد الاوروبي، لم يتردد الوزراء الاوروبيون في الاشارة الى ان دين الحكومة الاميركية هو الاكبر بين الديون السيادية في العالم. وقال وزير المالية الالماني فولفغانغ شويبله "هناك مشكلات في اوروبا كما في الولاياتالمتحدة". وتابع قائلا "علينا حل مشاكلنا على جانبي الاطلسي لتحقيق مزيد من الاستقرار على الاسواق المالية"، محذرا في الوقت ذاته من ضعف النمو العالمي ومشيرا الى المهمة الصعبة التي تواجه الجانبين. واضاف شويبله "ضرورة ان نقوم نحن الاوروبيون بواجبنا معا وان يقوم الاميركيون بواجبهم .. نحن لا نقول لبعضنا البعض ما ينبغي على كل جانب فعله، وانما نتبادل الاراء". وقال وزير المالية البلجيكي ديدييه ريندرز "تبادل الاراء ممكن مع زملائنا الاميركيين لكنني اريد ان اعلم كيف يعتزمون خفض العجز في الولاياتالمتحدة وكيف يحسنون الدين" مشيرا الى ان "الدين الاميركي اكبر اليوم من الدين الاوروبي". وتخشى واشنطن من ان يتسع نطاق الازمة الاوروبية ليطال الولاياتالمتحدة ويهدد باعادتها الى ركود اقتصادي، غير ان غايتنر لم يتحدث الى الصحافيين على هامش الاجتماع. من جانبه قال وزير المالية البولندي ياسيك روستوفسكي "الامر المؤكد هو انه (غايتنر) لم يأت هنا للترفيه". اما وزيرة المالية الفنلندية يوتا اوربيلينن فقد عبرت عن ضيق دافعي الضرائب الاوروبيين من تحمل عبء المزيد من المساعدات المالية على غرار تلك المطروحة لانقاذ اليونان. وقالت اوربيلينن للصحافيين "لا بد من التفاوض في المسالة ولا اتوقع ان نصل الى اتفاق الليلة". وتطالب فنلندا اليونان بتقديم ضمانات ترهن بمقتضاها ارصدة وممتلكات للدائنين يتملكونها في حال عدم تمكن اثينا من سداد القروض. وتأتي المطالب الفنلندية بعد التقدم الانتخابي الذي احرزه حزب من اقصى اليمين يعارض تقديم مزيد من المساعدات. غير ان الوزير البلجيكي ريندرز قال "اذا اصرت فنلندا على ضمانات فستحصل على عائدات اقل". واعتبرت فيكتر انه لا ينبغي القبول بضمانات الا اذا "اتيح للجميع الاستفادة منها". وفي واشنطن، دعت مديرة صندوق النقد الدولي كريستين لاغارد الى اتخاذ اجراءات اكثر حسما في كل من اوروبا والولاياتالمتحدة. وبعد ان اعلنت البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب افريقيا استعدادها لدعم الحكومات الاوروبية، اعلنت المصارف المركزية لمنطقة اليورو والولاياتالمتحدة واليابان وسويسرا وبريطانيا الخميس ضخ احتياطات غير محددة من الدولار في البنوك التجارية المهددة بانكشافها على الدين الضخم لمنطقة اليورو، مما عزز السندات المصرفية المتدنية ووضع العملة الموحدة اليورو. وادى ذلك لارتفاع ضخم في الاسهم الاوروبية وعزز بورصة وول ستريت لليوم الرابع على التوالي حيث اغلق مؤشر داو جونز بارتفاع نسبته 1,66%. كما اغلقت البورصات الاسيوية على ارتفاع فقد قفز مؤشر نيكاي الياباني 2,25% وارتفع مؤشر استراليا اس اند بي/ايه اس اكس 200 بنسبة 1,91% ومؤشر كوسبي الكوري الجنوبي بارتفاع ضخم وصلت نسبته 3,72%، بينما ارتفع مؤشر هونغ كونغ بنسبة 1,80% بعد ظهر الجمعة. وفي فروكلاف ببولندا حيث يجتمع وزراء المالية الاوروبيون، وصف رئيس المصرف المركزي الاوروبي جان-كلود تريشيه تدخل المصارف المركزية المشترك بمثابة "عماد للاستقرار والثقة" المالية. غير ان المفوضية الاوروبية باتت تتوقع نموا طفيفا لا يكاد يتجاوز 0,1% للاشهر الثلاثة الاخيرة من العام، وهو اسوأ مما كان متوقعا من قبل. وقد حذر اولي رين مفوض الاتحاد الاوروبي للشؤون الاقتصادية من ان "الاضطرابات التي شهدتها الاسواق المالية ستترك اثرا سلبيا على الاقتصاد الفعلي". وقد عمل كل من الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل الاربعاء على طمأنة الاسواق الى بقاء اليونان داخل منطقة اليورو وذلك وسط مخاوف من ان اثينا باتت بصدد اعلان افلاسها بينما يشير البعض الى احتمال تخليها عن اليورو. وفي اتصال هاتفي بين ساركوزي وميركل ورئيس الوزراء اليوناني جورج باباندريو تعهد الاخير بتطبيق الاصلاحات التي طال انتظارها والتي طالب بها الدائنون مقابل تقديم قروض بثمانية مليارات يورو تم الاتفاق عليها ومازالت معلقة. وقال رين انه ينتظر نتيجة المراجعات المالية التي ستصدر عن خبراء ماليين من الاتحاد الاوروبي والبنك المركزي الاوروبي وصندوق النقد بنهاية ايلول/سبتمبر الحالي لتقييم الجهود التي تبذلها اليونان. ومازال امام منطقة اليورو عائق اخر يتمثل في رفض سلوفاكيا اجراء تصويت برلماني مبكر حول التصديق على خطة المساعدات الثانية لليونان بقيمة 160 مليار يورو التي تم الاتفاق عليها من حيث المبدأ في تموز/يوليو. وصرح مسؤول اوروبي رفيع لفرانس برس في فروكلاف ان سلوفاكيا التي امتنعت عن المشاركة في خطة المساعدات الاولى لليونان في ايار/مايو 2010، يمكن اعفاؤها من المساهمة هذه المرة ايضا على ان توافق قانونيا على خطة المساعدات لتعزيز الوضع القانوني للخطة الاوروبية الموحدة. وقال رين "اتوقع ان يتم التصديق عليها بنهاية ايلول/سبتمبر او مطلع تشرين الاول/اكتوبر على اقصى تقدير" في اشارة الى خطة المساعدات الثانية لاثينا المطلوب التصديق عليها من جانب البلدان السبعة عشر المكونة لمنطقة اليورو.