تمكنت قطر منذ مطلع 2011 وحتى يونيو الماضي من إبرام صفقات واستحواذ على حصص في شركات عالمية بلغت قيمتها 4.543 مليار دولار. ووقعت الخطوط القطرية في التاسع من يونيو الماضي اتفاقية مع شركة «كارغولوس العالمية للشحن»، (أكبر شركة للشحن في أوروبا ومقرها لوكسمبورغ)، تملكت من خلالها حصة في الشركة نسبتها 35 بالمئة مقابل 293 مليون دولار. وقال المحلل الاقتصادي القطري، عبد الرحمن البنعلي، «إن توجه قطر للاستثمار في الخارج أصبح جزءاً من سياستها الاقتصادية الجديدة التي بدأت بإنتاجها منذ سنوات وتسعى من خلالها إلى الابتعاد عن مصدر الدخل الواحد وتنويع مصادر خزينة البلاد». وأضاف إن هذه الصفقة لن تكون الأخيرة في سلسلة الاستثمارات التي تبرمها قطر في الخارج، سواء من قبل الشركات القطرية أو الحكومة ممثلة في جهاز قطر للاستثمار، الذي يملك نحو 50 بالمئة من شركة الخطوط الجوية القطرية. وأضاف البنعلي إن استثمارات الدوحة في الخارج ستلعب يوماً لن يكون بعيداً دوراً مهماً في رفد ميزانية البلاد وتعزيز فوائضها المالية، لن تكون حينها إيرادات النفط والغاز هي المصدر الأساسي لدخل قطر. ومن المنتظر أن تشهد الأيام القليلة المقبلة قيام شركة الكهرباء والماء القطرية بإنجاز صفقة جديدة في مسيرة استثمارات قطر في الخارج، تشتري بموجبها حصة في محطة للكهرباء شرق العاصمة الأردنية عمان. وتتعاون الشركة القطرية مع مستثمرين عالميين لتنفيذ هذه الصفقة التي لم يتم كشف النقاب عن قيمتها المالية، في حين تتوقع مصادر مطلعة أن تفوق ال150 مليون دولار. وتقوم شركة «الكهرباء والماء» القطرية عقب إبرام الصفقة، ببناء محطة توليد للطاقة الكهربائية في الأردن، كما تنفذ خطة لتطوير وإنتاج الكهرباء في المملكة الأردنية، فضلاً على ذلك، اتفقت قطر مع بريطانيا أواخر الشهر الفائت على تنفيذ شراكة تجارية للعقارات الاجتماعية بقيمة 700 مليون دولار. وتمثل أطراف هذه الشراكة «مؤسسة أمير ويلز الخيرية» عن الجانب البريطاني، وشركة «الديار القطرية» الذراع الاستثمارية العقارية لجهاز قطر للاستثمار، وتستهدف هذه الشراكة، بناء محطات لتوليد الطاقة البديلة من النفايات الغذائية في المملكة المتحدة، وذلك بالتعاون مع محال «سينسبريز التجارية» و«آر آي تي كابيتال بارتنرز» التي يرأسها اللورد روتشيلد. وتستخدم محطات النفايات لتوليد الطاقة المتجددة البديلة كوسيلة لإعادة الاستفادة من النفايات بدلاً عن إرسالها إلى مدافن القمامة، والتي توفر الأسمدة الخضراء للزراعة، على أن يتم تطوير ونقل التكنولوجيا الخاصة بالمشروع إلى قطر عن طريق واحة العلوم والتكنولوجيا في قطر. وكانت شركة «قطر القابضة» للاستثمارات العقارية، قامت في الثامن من شهر أبريل الفائت بزيادة حصتها في أسهم شركة «سونج بيرد» العقارية البريطانية من خلال شراء 28.5 مليون سهم جديد من أسهم الشركة، بزيادة بنسبة 3.7 بالمئة، لتصل نسبة حصتها إلى 27.7 بالمئة من ملكية الشركة البريطانية. وتعد «سونج بيرد» من كبريات الشركات العقارية في بريطانيا وتمتلك وتدير منطقة «كناري وورف» المالية الشهيرة في وسط العاصمة البريطانية لندن، وتمتلك قطر أسهماً طويلة الأجل في شركة «سونج بيرد»، حيث تعد من أفضل الشركاء وأولهم في ترتيب حجم ملكيتهم بالشركة. كما استحوذت قطر القابضة في 25 مارس الفائت، على حقوق التسمية ل«الهيئة البريطانية لسباقات الخيول» في المملكة المتحدة والمعروفة باسم «بريتش شامبنيون سيريز. وبموجب هذه الصفقة، سيسمح ل«مؤسسة قطر القابضة» بالتواجد كشريك رسمي في كل من حفل افتتاح المسابقة الرسمية لسباقات الخيول والمعروفة باسم «ديربي» والتي تقام كل عام في العاصمة البريطانية لندن، وسباق الخيول الشهير باسم «سانت ليجر»، وسباق الخيول المعروف «جينيس»، وسباق الخيول «ذا أوك». ويتوقع المنظمون لسباقات الخيول في بريطانيا، أن يزداد حجم الإقبال على هذه السباقات لترتفع قيمة الجوائز للفائزين في هذه السباقات للخيول، والتي تبلغ قيمتها حالياً نحو مليون جنيه إسترليني. وبهذه الصفقة، تمكنت «قطر القابضة» من ضم «هيئة سباقات الخيول البريطانية» إلى مجموعة ممتلكاتها الضخمة في لندن والتي تشمل محال «هارودز» الشهيرة، ومشروع «تشيلسي باراكس»، ومتاجر «سينزبري»، وشركة «سونغبيرد إستيتس» التي تملك مبنى «ون كندا ستريت» في كاناري وورف، وحي الأعمال الجديد المطور حديثاً قرب حي سيتي أوف لندن، وحصة نسبتها 80 بالمئة من «مشروع برج شارد أوف غلاس» الزجاجي الشهير قرب جسر لندن. وعززت «قطر القابضة» حصتها في مجموعة الإنشاءات الألمانية «هوكتيف»، في 28 مارس الماضي، عندما رفعت ملكيتها في الشركة من 9.1 بالمئة إلى 10 بالمئة. وكانت الشركة استحوذت في بداية الأمر على 9.1 بالمئة من شركة «هوكتيف» مقابل 530 مليون دولار. وتعد «هوكتيف» أكبر شركة للإنشاءات في أوروبا. وحققت «هوكتيف» زيادة في أرباحها الصافية عن العام الماضي بلغت نسبتها 50 بالمئة، لتصل قيمة الأرباح إلى أكثر من 400 مليون دولار، فيما ارتفعت مبيعاتها بنسبة 11 بالمئة، لتتجاوز 27 مليار دولار. وكانت شركة «هوكتيف» قد فازت بأربعة عقود قيمتها الإجمالية نحو 950 مليون دولار، في منطقة الخليج، حيث تشمل هذه العقود بناء مركز للمؤتمرات في دبي بقيمة 354 مليون يورو وثلاثة فنادق في أبوظبي مقابل نحو 287 مليون يورو. وقررت قطر في 27 مارس الماضي، المساهمة ب400 مليون دولار لزيادة رأسمال شركة «بورشة» الألمانية الذي ارتفع إلى 7 مليارات دولار، ولجهاز قطر للاستثمار حصة في الشركة تبلغ نسبتها 17 بالمئة. وشارك في زيادة رأسمال الشركة كل من عائلتي (بيتش وبورشة) بمقدار 4 مليارات دولار، فيما قدم حاملو الأسهم المفضلة في الشركة باقي المبالغ. إلى ذلك، اشترت «قطر القابضة» في منتصف شهر مارس الماضي، حصة 6.2 بالمئة من شركة «إيبردرولا» الإسبانية للمرافق، مقابل 3 مليارات دولار، وتشكل هذه الصفقة أكبر وأبرز استثمارات قطر في الخارج منذ مطلع العام الجاري، وقامت «إيبردرولا» المثقلة بالديون على إثر ذلك بتصدير 338 مليون سهم جديد، وبيع أسهم خزينة بسعر 5.63 يورو للسهم لشركة «قطر القابضة»، والحصة القطرية في «إيبردرولا» هي الأحدث في استثمارات قطر في إسبانيا. كما التزمت قطر التي تمتلك سيولة كبيرة بفضل موارد الغاز الطبيعي الوفيرة بمشتريات قيمتها 300 مليون يورو في القطاع المصرفي المتعثر في إسبانيا. ورأى محلل مالي قطري طلب عدم الإشارة إلى اسمه، أن الإمكانات المالية والاقتصادية الهائلة التي يتمتع بها جهاز قطر للاستثمار باعتباره من صناديق الثروة السيادية البارزة في منطقة الخليج في الوقت الراهن، نظراً لخططه التوسعية وتعزيز خطط استحواذه في العالم، من شأنها أن تدعم استثمارات الشركات التي يستحوذ على حصص فيها، لافتاً إلى أن الشراكة القطرية الإسبانية تدعم خطط «إيبردرولا» في سوق أمريكا اللاتينية، خصوصاً بعد قيامها مؤخراً بشراء شركة المرافق البرازيلية «الكترو» مقابل 1.7 مليار يورو. وأوضح أن الصفقات القطرية الأخيرة في الخارج تأتي في إطار رغبة قطر للتوسع في السوق العالمية والأسواق الناشئة. ويمتلك «الصندوق السيادي القطري» أصولاً كبيرة في العالم، من بينها أسهم في «بنك الصين الزراعي» و«بانكو سانتاندر»، و«باركليز وكريدي سويس»، إضافة إلى «بورش»، و«فولكسفاغن»، و«هوكتيف الألمانية»، و«هارودز البريطانية»، و«سلسة محال جي سينسبري». المصدر : جريدة الرؤية الاقتصادية الاماراتية
