تصوير- فريد قطب: يؤمن أحمد زاهر أن هناك عالمان صعب مشاهدتهما على المرء، تحت البحر وفوق الجو، لكن التجربة مكّنت زاهر من رؤيتهما، يشكر الله على قدرته على الطيران الشراعيّ، يفتخر بفيديو صوّره من فوق الأهرامات، كأنه الحُلم بالنسبة لزاهر القادم من سلطنة عُمان، للمشاركة ضمن المهرجان الدولي الأول للرياضات الجوية في مصر، المستمر حتى 30 إبريل. هي المرة الأولى التي يُقام فيها مهرجان دولي للرياضات الجوية في مصر، تُنظمّه شركة "sky sport"، يقول هاني شاكر، رئيس مجلس إدارة الشركة، إن الفكرة جاءت بعد بطولة الطيران الشراعي أو الباراموتور التي أقيمت فوق بحيرة قارون بالفيوم، فكّرت حينها الشركة في إقامة حدث ضخم يمزج بين القفز الحر والطيران الشراعي "عشان نعرّف الناس إيه هي الرياضات الجوية". لم يكن هناك مكان أنسب لإقامة الحدث من الأهرامات "دا حلم من أحلام الطيارين إننا نطير أو نقفز من فوق الهرم"، وبالتعاون مع الاتحاد المصري للقفز بالمظلات أقيم الحدث، أمس، بحضور أكثر من 50 طيار وقافز من 16 دولة من مختلف أنحاء العالم. من البرازيل قدم أكثر من 5 طيارين باراموتور، من بينهم ليوناردو الذي دخل اللعبة منذ 4 أعوام، يقول إنه عرف عنها عبر التليفزيون، وقرر خوض تلك المُغامرة، روح مرحة تسري بين الطيارين الأصدقاء، الذين يعملون في وظائف مختلفة، بين مدير بنك وصاحب فندق وآخرين مهندسين، إلا أن ما ربط بينهم هو حب التحدي. الاستعداد هو أهم شيء في هذه الرياضة، كما يؤكد سيرجيو، معرفة سرعة الرياح وضبط الباراموتور، كذلك التركيز، هي نصائح يُقدّمها سيرجيو لمن يريد ممارسة الطيران الشراعيّ. لم يكن يتوقع شاكر انضمام هذا العدد إلى المهرجان "دلوقتي فيه بطولة العالم الكلاسيك في تايلاند"، لذلك فاجأه قبول هذا العدد، من بين القادمين أيضًا كان معاذ الزجالي من سلطنة عُمان، تعرّض الطيّار إلى عرقلة روتينية داخل المطار، جعلت حماسه يقلّ، سُرعان ما اختفى ذلك الشعور عند رؤيته للأهرامات. بدأ المهرجان فعاليته عند الثالثة عصرًا، حيث عزفت الفرقة العسكرية التابعة للقوات المسلحة الألحان الوطنية، بحضور اللواء أركان حرب الدكتور عبد المعين حسن، رئيس مجلس إدارة الاتحاد المصري للمظلات والرياضات الجوية، واللواء محمد كمال الدالي، محافظ الجيزة، كما حضر أحمد مقلد، الرئيس التنفيذي للشريك الرسمي لجينيس للأرقام القياسية بمصر. انقسم الطيارون إلى مجموعات، بين القفز الحر أو الباراشوت والطيران الشراعيّ، قُدّر عدد كل مجموعة إلى 15 قافز، ومن ارتفاع 3000 متر حلّقت الطائرة الهليكوبتر مُحملة بالقافزين، في منطقة بانوراما الأهرامات، وسط صيحات المتفرجين بالأسفل للتحية. ما جذب الزجالي إلى تلك الرياضة هو شقيقه الأصغر، يقول إن رياضة الطيران الشراعي ليست قديمة بسلطنة عُمان، حيث أخذ شاب عُماني على عاتقه نشر الفكرة هناك منذ ثلاثة سنوات، أما الزاجلي فقد بدأ يُمارسها منذ شهرين فقط. لممارسة طيران الباراموتور في السلطنة على المرء الحُصول على رخصة دولية، وهو ما تمكن منه الزاجلي، يُقدّر عدد الطيارين هناك ب56 كما يقول الشاب. عام 1998 كانت البداية بالنسبة لشاكر "عمري وقتها كان 22 سنة"، يقول رئيس مجلس إدارة شركة سكاي سبورت إن الرياضات الجوية غير مُحددة بسن معين "بس عشان تبقى باراموتور لازم يبقى عندك 17 سنة"، ومن الممكن ممارستها حتى سن السبعين فيما فوق. ترتفع الرؤوس لمُشاهدة الطيارين، يُسرع المصورون لالتقاط صور لهم حالما يقتربوا من الأرض، هناك طريق مُعبد يحاول البعض الهبوط عنده، وآخرون يهبطون في الرمال، فيما تحمل وجوههم ابتسامات مُرهقة، يوجهونها ناحية صديقتهم الأيرلندية التي قدمت خصيصًا للاحتفاظ بتلك اللحظات عبر هاتفها، لا تُشارك السيدة بشكل رسمي في المهرجان، هي أيضًا تمارس رياضة الطيران الشراعي لكنها ليست في المستوى الاحترافي الذي يؤهلها للمشاركة، فاكتفت بتصوير اللحظات الأروع للأصدقاء. ضمن المهرجان يتم تسجيل رقم قياسي جديد لموسوعة جينيس، هو التحليق بأكبر علم لمصر، مساحته نحو 150 متر مربع، خلال الرُبع الأخير من الفعالية حمل الطيار تامر نسيم، ذلك العلم الذي يبلغ وزنه 10 كيلو جرام، ومع اقترابه من الأرض سقط الطيار بسبب جذب العلم له. وفي تصريحات رسمية للشركة ذكرت أنه لابد من حمل للعلم لمدة دقيقتين في السماء، ولم يتمكن نسيم من التحليق به سوى دقيقة و10 ثوان، فيما قال شاكر في بيان رسمي إنه سيتم إرسال طلب إلى جينيس بإنجلترا لتحديد موعد مناسب لإعادة المحاولة مرة أخرى. منذ ستة أعوام ويُدرب شاكر إحدى الفرق، بالنسبة له فإن أصعب الأوقات عند خوض منافسة، وأسوأها حين انتهائها، يشعر شاكر بالكثير من المتعة مع خوض المنافسة "رغم الضغط بيكون فيه أكشن"، وقد اشترك شاكر كمدرس في آخر ست بطولات للعالم "أخدت المركز التالت في بطولة انجلترا 2016". لم يشعر شاكر قبلًا أن تلك الرياضة خطرة، يُشير أنها من أكثر الرياضات أمانًا "الإحصاءات بتقول إنها أكتر أمان من العربيات والموتوسيكلات"، بشكل شخصي تعرّض شاكر لمُشكلات قبلًا "كنا طايرين فوق البحر والمحرك طفي"، لكنه تمكّن من النزول بشكل عادي فوق البحر "بيكون معانا لايف جاكت". من سلطنة عُمان قدم أيضًا زاهر، يمتدح كثيرًا الطبيعة هناك، وذلك بالإضافة للأحوال الجوية، حيث بإمكان الطيران طيلة العام فوق الجبال والبحيرات، يُحب كثيرًا الطيران فوق الشاطئية، كما سعد الطيار الأربعيني من الأجواء بمنطقة الأهرامات "الهوا هنا جميل، لو كان الهوا زيرو بيكون صعب الإقلاع". منذ عامان التحق زاهر بالطيران الشراعي، لم يمارس الطيار سابقًا أية رياضة، أما الآن فهو رئيس فريق مسقط للطيران، انتزع نفسه من ضغط الوقت بين مشغولياته كمدير مدرسة وصاحب شركة "لازم الإنسان يبحث عن الشئ المميز"، يشعر زاهر أن الله قد وهبه مزية "لما نفسيتي تكون تعبانة وأطير بكون أحسن"، ومن فوق الأهرامات كان زاهر يحس بالانتشاء "مش أي واحد يطير فوق الهرم". شارك زاهر في اليوم الأول للمهرجان، حيث طار ثانية فوق الأهرامات، التجربة تظلّ ممتعة بالنسبة له، فيما يتمنى أن يطير بأماكن أخرى "مثلًا فوق النيل".
