تستعد ليبيريا لإجراء انتخابات رئاسية وعامة، ينظر إليها باعتبارها نقطة تحول بارزة في مسار العمل السياسي فيها، حيث أنه من المتوقع أن تسفر عن قيام أول رئيس ينتخب ديمقراطيا في البلاد خلال 73 عاما، بتسليم السلطة بشكل سلمي إلى خليفة له يختاره المواطنون. وعلقت الرئيسة الليبيرية إلن جونسون سيليف قبيل الانتخابات المقرر إجراؤها بعد غد في 10 تشرين أول /أكتوبر في هذه الدولة الكائنة غربي أفريقيا، قائلة "إن هذه الانتخابات ستكون مؤشرا على المنهاج الذي لا يمكن إعادته إلى الوراء، والذي شرعت ليبيريا في تنفيذه لدعم عملية السلام فيها وتعزيز ديمقراطيتها الشابة". وكانت السيدة جونسون سيرليف وهي أول امرأة تصبح رئيسا للجمهورية في هذه الدولة قد حصلت على جائزة نوبل للسلام لعام 2011، بالمشاركة مع كل من زميلتها الناشطة الليبيرية ليما جبووي، والناشطة اليمنية المدافعة عن الديمقراطية توكل كرمان. وتعتزم جونسون سيرليف التي تبلغ من العمر 72 عاما، وتلقب "بالمرأة الحديدية"، أن تعتزل العمل السياسي بعد أن أمضت في منصبها الرئاسي فترتين كل منهما ست سنوات، تاركة السباق على مقعد الرئيس لعشرين مرشحا، من بينهم امرأة واحدة. ووصفت ماريا أرينا رئيسة بعثة المراقبين للانتخابات التابعة للمفوضية الأوروبية الانتخابات، بأنها اختبار على درجة كبيرة من الأهمية لليبيريا ونموذج يحتذى به في منطقتها. ويوجد في أفريقيا عدد من أكثر الرؤوساء الذين يحكمون بلادهم لفترات طويلة من الزمن في العالم، ومن بينهم رئيس زيمبابوي روبرت موجابي ورئيس أوغندا يوري موسيفيني، اللذان يتمسكان بالسلطة لأكثر من ثلاثة عقود. وفي رواندا أجري استفتاء أسفر عن صدور تعديل دستوري يسمح للرئيس بول كاجامي بالترشح لفترة رئاسة ثالثة، وقد فاز فيها هذا العام، وفي بوروندي أدى قرار الرئيس بيير نكرونزيزا بالسعي للترشح لفترة جديدة في منصبه، على الرغم من النص الدستوري الذي يضع حدا أقصى للترشح يبلغ فترتين فقط إلى نشوب أزمة سياسية أسفرت عن سقوط مئات القتلى. وعلى الرغم من العدد الكبير من المرشحين في الانتخابات الليبيرية، فيوجد ثلاثة متنافسين فقط يرى المحللون أن لديهم فرصة حقيقية في الفوز، وهم نائب الرئيسة جوزيف بواكاي من حزب الوحدة الحاكم، ونجم كرة القدم الدولي السابق جورج ويا الذي يتزعم ائتلاف المعارضة الرئيسي المسمى "الائتلاف من أجل التغيير الديمقراطي"، وتشارلز برومسكاين رئيس حزب الحرية. وتبرز في برامج جميع المرشحين المطروحة في الحملات الانتخابية، قضايا مثل دفع عجلة الاقتصاد، وتوفير فرص عمل ومكافحة الفساد. ولا تزال ليبيريا تعد واحدة من أكثر الدول فقرا في العالم، كما أنها تواصل نضالها للتخلص من تداعيات أزمة فيروس إيبولا (2013-2015) الذي أدى إلى مقتل أكثر من أربعة آلاف شخص في جميع أنحاء البلاد إلى جانب تداعيات الحرب الأهلية الوحشية، التي استمرت 14 عاما (1989-2003) والتي سقط خلالها أكثر من ربع مليون قتيل ونتج عنها تشريد نحو مليون شخص. وتسبب تراجع أسعار خام الحديد مؤخرا والذي يعد أحد الصادرات الرئيسية للبلاد إلى تدهور الأداء الاقتصادي عام 2016، بعد أن بلغ معدل النمو صفرا خلال ثلاثة أعوام، وذلك وفقا لتقرير البنك الدولي. وتعهد المرشح جوزيف بواكاي / 71 عاما/ وهو وزير زراعة سابق ومستشار سابق بالبنك الدولي، بإعطاء تطوير البنية التحتية الأولوية في برنامجه الانتخابي، مع التركيز على شق الطرق، وفتح أبواب ليبيريا أمام التجارة الإقليمية والدولية. ومن المتوقع أن يحصل بواكاي على كثير من الأصوات نظرا لخبرته لمدة 12 عاما كنائب للرئيسة، إلى جانب عمله في العديد من القطاعات الاقتصادية. ومنافسه الرئيسي هو جورج ويا المهاجم المتقاعد في ملاعب كرة القدم، والذي تعهد بإحداث انتعاش اقتصادي عن طريق مكافحة الفساد المنتشر في البلاد. وعادة ما يوصف المرشح ويا الذي يبلغ من العمر 51 عاما وهو عضو حاليا بمجلس الشيوخ بأنه معبود الجماهير، وينظر إليه باحترام بالغ بسبب نهجه البسيط والمباشر الذى يخلو من التظاهر . وولد نجم كرة القدم المعتزل في أحد الأحياء الفقيرة على مشارف العاصمة مونروفيا، وعمل كفني في مجال لوحات المفاتيح الإلكترونية بشركة الاتصالات الوطنية قبل أن يحظى بالشهرة في الملاعب. أما المرشح الرئيسي الثالث برومسكاين فقد أكد في برنامجه الانتخابي على ضرورة مجانية التعليم، وكذلك تمكين الشباب للمساعدة على حدوث انتعاش اقتصادي في البلاد، حيث تبلغ نسبة الشباب في ليبيريا 5ر63 من إجمالي السكان، بينما يقفز عدد العاطلين على نحو سريع من بين الشرائح الشبابية وفقا لتقرير الأممالمتحدة. وتقدم برومسكاين وهو محام يبلغ من العمر 66 عاما وحاصل على درجة علمية في الاقتصاد بترشيحه على منصب الرئيس للمرة الثالثة، بعد أن خسر في انتخابات 2005، و2011. ويتردد أن المرشحة النسائية الوحيدة ماكديلا كوبر لا تتمتع بفرص كبيرة في الفوز. وكانت كوبر صديقة سابقة للمرشح جورج ويا وأنجبت منه طفلا، وكانت تعمل عارضة في السابق كما أنها ناشطة في المجالات الإنسانية حيث دشنت مؤسسة لمساعدة النساء والأطفال المعدمين في ليبيريا. وتعهدت كوبر التي تبلغ من العمر 40 عاما بدفع الاقتصاد عن طريق التركيز على قطاعات الزراعة والسياحة البيئية ومصائد الأسماك. ومن المقرر أن يدلي الناخبون في ليبيريا البالغ عددهم نحو 2ر2 مليون ناخب مسجل، بأصواتهم أيضا لانتخاب 73 عضوا بمجلس النواب من بين 1028 مرشحا يمثلون 26 حزبا سياسيا. ويمكن للناخبين أن يدلوا بأصواتهم في أحد مراكز الاقتراع البالغ عددها 5390 مركزا اعتبارا من الساعة السادسة صباحا إلى السادسة مساء بتوقيت جرينتش. ومن المتوقع صدور النتائج الأولية خلال 24 ساعة.