شهد ملفُ المصالحة الفلسطينية تحركاتٍ دبلوماسيةً مصريةً كثيفةً، خلال الأيام القليلة الماضية، وهو ما يطرح سؤال "هل تنجح القيادة المصرية هذه المرة في إنهاء الانقسام الذى تصاعد مع سيطرة "حماس" على قطاع غزة عام 2007؟". وتأتى التحركات الدبلوماسية إدراكًا من القيادة المصرية لأهمية إنهاء الانقسام الداخلي ما بين حركتي فتح وحماس في الضفة الغربية وقطاع غزة، في محاولة جادة لتمكين الشعب الفلسطيني من استعادة حقوقه. ترحيب فلسطيني بالدور المصري تلقى الجهود المصرية ترحيبًا من جميع الأوساط الفلسطينية، حيث رحبت حركة "فتح"، التي يتزعمها الرئيس الفلسطيني محمود عباس بمواصلة مصر رعاية ملف المصالحة الفلسطينية، كما أعلنت حركة "حماس"، عقب لقاء وفد من قادتها برئاسة رئيس مكتبها السياسي إسماعيل هنية، مدير المخابرات اللواء خالد فوزي، استعدادها لعقد جلسات حوار مع حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح" في القاهرة فورًا لإبرام اتفاق للمصالحة، وذلك حسبما أوردت وكالة الأنباء الألمانية (د.ب.أ). قضايا أمنية على الطاولة أجرى وفدٌ من حركة حماس مباحثاتٍ في القاهرة، مطلع الأسبوع الماضي، حيث التقى عددًا من المسئولين المصريين، بشأن الأوضاع الفلسطينية وتعزيز التفاهمات الأمنية مع مصر. وسعت حماس في الأشهر الماضية لإصلاح العلاقات مع مصر، والتي فسدت جراء العلاقة بين الحركة وجماعة الإخوان المسلمين التي أعلنتها الحكومة جماعة إرهابية. ويعتبر ملفُ ضبط الحدود بين سيناءوغزة مفتاحَ استئناف العلاقات بين الحكومة المصرية وحركة حماس الفلسطينية، حيث عانت مصر طوالَ الأربع سنوات الماضية من عدم ضبط الحدود وتسلسل العناصر التكفيرية. ولطالما دعت القاهرة حماس لوقف ذلك، لكن الحركة التي تدير القطاع الساحلي المحاصر تريد "ثمناً" عبر التخفيف عن السكان وفتح معبر رفح وتسهيل الحركة التجارية، وهو ما يبدو غير سهل في ظل تشابك الملفات الفلسطينية الداخلية التي ترعاها مصر، والتي تريد إعادتها للواجهة، وذلك حسبما نشرت وكالة "فلسطين اليوم" الإخبارية. ملامح الخارطة المصرية لإنهاء الانقسام نقلت صحيفة "القدس" الفلسطينية عن مصادر مطلعة أن القيادة المصرية تتجه نحو وضع خطة بشأن الوضع الفلسطيني، تتضمن ممارسة ضغوط على حركتي فتح وحماس لإنجاح ملف المصالحة، والتوافق على تشكيل حكومة واحدة، وإجراء انتخابات فلسطينية شاملة. وأشارت الصحيفة إلى أن ذلك يأتي تزامنا مع طرح ملفات أخرى تتعلق بالعلاقة مع إسرائيل، سواء بشأن الوضع في غزة، أو إزاء احتمالات التوصل إلى تسوية سياسية بالمنطقة. ترتيب البيت تمهيدًا للتفاوض مع إسرائيل أشاد المستشار طه الخطيب، المحلل السياسي الفلسطيني، بالدور الرئيسي الذى تلعبه مصر لحلحلة الأمور ووضع حد للانقسام بين حركتي فتح وحماس، متوقعًا أن تصل الجهود المصرية إلى انفراجة عبر تقريب وجهات النظر بين الأطراف الفلسطينية. وأكد الخطيب، في تصريحات لمصراوي، أن من مصلحة مصر الوصولَ إلى تسوية سياسية وترتيب البيت الفلسطيني، لاسيما وأن ذلك سيساعد في تكوين جبهة موحدة للتفاوض مع الاحتلال الإسرائيلي حول حل الدولتين وقضايا اللاجئين. وأشار المحلل السياسي إلى أن القاهرة تسعى لتفعيل اتفاق المصالحة، الذي تم توقيعه عام 2011، ويقضي بتشكيل حكومة انتقالية تضم شخصيات مستقلة تمهيدا لإجراء انتخابات رئاسية وتشريعية متزامنة خلال عام. وحول التقارب بين مصر وحماس، أوضح طه الخطيب أن ذلك يأتي ضمن جهود السلطات المصرية "لترويض" الحركات الفلسطينية وهو ما يساعد في حماية الأمن الاستراتيجي، منوهًا إلى أن قضية المصالحة تختلف عن "التعاون الأمني" الذي تعمل لأجله الجهات المصرية. "فرصة ذهبية" وعن توقعات قبول حماس بالمصالحة وتفاعلها إيجابيا مع الجهود المصرية، دعا سفير فلسطين السابق بالقاهرة، السفير بركات الفرا، الحركة الإسلامية، لاغتنام الفرصة الذهبية التي لاحت أمامها لتحسين صورتها أمام الشعب الفلسطيني والشعوب العربية. وتوقع الفرا أن تشهد القاهرةُ لقاءات مكثفة في الأيام القليلة المقبلة للوصول إلى أرضية بين الحركات الفلسطينية المختلفة. وبخصوص موقف "فتح" و"أبو مازن" من التقارب المصري مع حماس، شدد المحلل السياسى الدكتور مصطفى الصواف على أن محمود عباس يحتاج إلى مصر ولن يرد لها طلبًا حال التوصل لتفاهمات لإنهاء الانقسام مع الاتجاهات الفلسطينية الأخرى، لافتا إلى أن القاهرة تلعب دورًا هائل وجيدًا بين فتح وحماس على السواء لاستعادة وحدة الصف الفلسطيني. ونوه "الصواف" إلى أن مصر تسعى لتوطيد علاقتها مع حماس لاستعادة الأمن في سيناء والقضاء على التنظيمات المسلحة، وهو ما يأتي على رأس أولويات القيادة المصرية. في المقابل، بحسب الصواف، تعاني حماس من حصار خانق في قطاع غزة، وتحتاج إلى المأكل والمشرب. كما أنها خسرت بعض حلفائها مثل قطر وتركيا بسبب الأزمات التي تمر بها تلك الدولتان في الشؤون الداخلية، وهو ما يدفعها للعمل من أجل إنجاح الدور المصري.