في داخل أروقة معرض الكتاب، تحديدا أمام مكتبة مصر، وقف "محمد إسماعيل"، 20 عاما، بجوار زميله بعدما فشلا في العثور على أي رواية للأديب العالمي نجيب محفوظ من المكتبة، قبل أن يدرك إسماعيل أن طبعات الأديب من مكتبة مصر - والتي تتميز برخص الثمن- لم تعد متاحة الآن. "روحي دار الشروق هتلاقي كل حاجة".. قالها أحد العاملين في مقر "مكتبة مصر" فور السؤال عن روايات محفوظ، وذلك أثناء وضعه لمجموعة من الكتب الواردة في رف علوي، وذلك في المقر الذي تواجدت فيه عدد من الكتب لأدباء مثل علي أحمد بكاثير، وعبد الحميد جودة السحار ويوسف السباعي وغيرهم، في مجموعة صور تعلن عن وجود مؤلفاتهم بأثمان مخفضة تبدأ من ثلاثة جنيهات للكتاب الواحد، لكن دون صورة "محفوظ". قرأ "إسماعيل" لمحفوظ روايتي الشحاذ والمرايا، همّ الطالب بكلية التربية جامعة الأزهر- القادم من مدينة بنها- أن يجد مؤلفات الأديب في مكتبته الأم، لكن صديقه "محمد حلاوة" والطالب بكلية الإعلام بالجامعة ذاتها اختار التوجه مباشرًة لدار الشروق لشراء "أولاد حارتنا"، والتي لا تزال تتربع على الكتب الأكثر مبيعا لدى دار "الشروق"، ذاكرا أنها من ضمن قائمة الكتب التي خطط لاقتنائها في زيارته الأولى للمعرض هذا العام، متابعا "جبت أولاد حارتنا ب60 جنيها عشان عارف إني مش هلاقي نسخة كويسة ليها برة الشروق". يقول "أحمد فتحي"، مسؤول المبيعات بمكتبة مصر بالمعرض إن مؤسسته لم تتعرض لأية ضغوط من قبل دار الشروق، ولكن كل الطبعات القديمة من روايات محفوظ نفدت، ولم تعد تُطبع أي روايات جديدة من طبعة مكتبة مصر، مردفا "الحكاية إن الورثة مش عايزين الفقرا يقروا أدب نجيب، فتعاقدوا مع الشروق"، بحسب قوله، مشير إلى أن الباحث عن روايات للأديب طبعة رخيصة ليس أمامه سوى التوجه إلى سور الأزبكية. يؤكد فتحي أن هذا العام هو الأول لمكتبة مصر دون أي رواية لمحفوظ، وكانت في العام الماضي قد نفدت كل روايات محفوظ القديمة، لكن الطلبات على روايات الأديب من القطع المخفض الثمن لم تتوقف حتى الآن، فيما أكد مصدر مسؤول من دار مصر للطباعة، والذي تحفظ على ذكر اسمه للنشر، في اتصال هاتفي مع مصراوي أن" طبعات الأديب نجيب محفوظ انتهت تماما من مكتبة مصر". ظل محمد سيد -26 عاما ويعمل كيميائي- يبحث عن رواية "أفراح القبة" لمحفوظ بداخل مكتبة الشروق بالمعرض، لكنها نفذت في اليوم الخامس لمعرض الكتاب في دورته الثامنة والأربعين، قرأ الشاب معظم أدب محفوظ الذي يجد معه أسلوبا أدبيا يسمح للشخصيات أن تحمل الخير والشر معًا "هو متفرد في النوع ده من الكتابة"، تمنى سيد أن يجد في معرض الكتاب هذا العام المتبقي من قائمته من أدب محفوظ، ويؤمن أن لمؤلفاته مكانة خاصة تجعله قبلة للشباب حتى الآن "فاكر زمان من كام سنة كان فيه نسخ من دار الشروق لروايات محفوظ ب10 أو 12 جنيه، لكنها دلوقتي وصلت ل60 أو 80 جنيه". "مكتبة مصر هى أصل نجيب محفوظ، شكل الرواية نفسه يتميز بالكلاسيكية، فيه طعم خاص لطبعات مصر غير كمان التكلفة القليلة".. ذكرها سيد كسبب يجعله يبحث عن نسخ الأديب، فيما يردف صديقه المصاحب له في رحلة المعرض هذا العام "حسن عبد الحليم"-30 عاما- ويعمل مدرسًا أن محبي الأديب "بيتعبوا" من أجل البحث عن رواياته بأسعار مناسبة، خاصة لجيل الشباب. لم تعبأ "هانيا عمر"، الفتاة العشرينية بأسعار الروايات في دار الشروق، التقطت على الفور روايتي "خان الخليلي" و"القاهرة الجديدة" للأديب من على رف المكتبة، الذي يعلن أيضا عن خصومات تصل إلى 20%، تقول إنها لن تبحث في سوق الأزبكية أو في نسخ قديمة فيما تتوفر بسهولة نسخ حديثة، وبطبعات جديدة للأديب. فيما تحفظ الشباب الذي تحدث لهم مصراوي على الروايات ذات النسخ الإلكترونية، أو "بي دي إف" للأديب. فيما وصلت روايات محفوظ لأسعار مرتفعة أكثر من نسخ "مكتبة مصر"، مثل السكرية 100 جنيها، وخان الخليلي 45 جنيها، وأولاد حارتنا 80 جنيها بمكتبات الشروق، فيما كانت روايات مصر تباع حتى المعرض الاخير بقيمة الخمسة أو عشر جنيهات، تجول "مصراوي" داخل سور الأزبكية بالمعرض، والمعروف ببيع النسخ القديمة للكتب، بحثا عن روايات محفوظ، لم تتواجد روايات محفوظ إلا نادرا، وبين ست مكتبات تواجدت قليل من الروايات في مكتبتين فقط، وليست كلها، فلدى إحداها تواجدت زقاق المدق فقط، وفي أخرى تواجدت عشرة عناوين منها القاهرة الجديدة وحضرة المحترم، وتتراوح أسعارها من 15 جنيها إلى 20 جنيها. "دار الشروق هى المالك القانوني الوحيد الآن لحقوق نشر كل أعمال الأديب نجيب محفوظ".. بهذا ردت مسؤول النشر في دار الشروق نانسي حبيب، مضيفة في اتصال هاتفي مع مصراوي أن التعاقد بين الدار ومحفوظ تم وهو على قيد الحياة في عام 2005، وأن أي نسخ تم طباعتها لأعمال الأديب بعد هذا التعاقد، هى نسخ غير قانونية بحسب قولها، ومن المفترض أن تكون قديمة الطباعة. ونفت أن يكون هناك أي نزاع قانوني بين الدارين حول أعمال أديب نوبل، مضيفة أن الدار أيضا هى المالك الوحيد لأعمال الأديب الراحل توفيق الحكيم. وردًا على ارتفاع أثمان الروايات قالت حبيب إن دار الشروق لديها التزام أدبي لوجود أعمال الأديب بصورة لائقة، مضيفة أن الدار لديها بعض الكتب له بأسعار ليست مرتفعة بالصورة المبالغة، بحسب ما تعبيرها.