"بدبلة وخاتم" قرر أحمد صاحب محل ذهب ومجوهرات، استبدال شبكة عروسته وتوفير الباقي من النقود لباقي تجهيزات العرس، رغم أنه يستطيع تقديم طاقم ذهبي كامل، على حد قوله، بعد ارتفاع أسعار الذهب خلال أكثر من 100% منذ عام. ويقول وليد الذي يعمل بنفس محل أحمد للمشغولات الذهبية "أنا مش هجيب ذهب خالص، وبدور على بنت الحلال إللي توافق بيا على كده"، وأكمل حديثه : "الدبلة والخاتم والمحبس سعرهم يتجاوز 10 آلاف جنيه هعمل بيهم حاجة في الشقة أفضل". وعلى نفس مسار أحمد ووليد اتجه العديد من المواطنين بعد ارتفاع سعر جرام الذهب "عيار 21" من 260 جنيهًا بداية عام 2016 إلى 450 جنيهًا خلال منتصف العام، وقفز السعر بعد تعويم الجنيه إلى 630 جنيه من دون المصنعية. ووفقاً لتجار، انخفض متوسط "الشبكة" من 40 أو 50 ألف جنيه للفئة القادرة مادياً إلى ما بين 15 و20 ألفًا، كما انخفضت الشبكة لدى الطبقة المتوسطة من 15 أو 20 ألفًا إلى 7 أو 10 آلاف جنيه. وفي جولة لمصراوي على بعض محلات الذهب في مناطق مختلفة، بدت خالية من الزبائن، وتفرغ العاملون فيها لمشاهدة التليفزيون. وأكد أصحاب هذه المحلات أن "شبكة العروس" التي كانت لدى الكثير من أهم مراسم الزواج، تراجعت إلى مجرد "خاتم ودبلة". يقول الحاج زكريا صاحب محل ذهب بمنطقة الدقي، "الناس معذورة هتجيب منين، كل حاجة غالية دلوقت وطبعاً الأكل والسكن أهم من الدهب"، مضيفاً أن محلات الصاغة لا تتعرض لخسائر مهما بلغت حالة الركود. وقالت منى إحدى المواطنات بينما كانت تشاهد المشغولات الذهبية أمام المحال "أنا متزوجة وكنت جايبة شبكة كبيرة في خطوبتي، بس حاليًا أكتشفت إنها ملهاش أي لزمة، والتمسك بها يمثل عبأ على العريس فقط في ظل الظروف الصعبة التي نعيشها والارتفاع الجنوني الذي أصاب كافة الأسعار". وتسبب ارتفاع سعر الدولار في السوق الموازية والزيادة في الأسعار العالمية للذهب في صعود سعره في مصر بأكثر من 300 جنيه خلال أول 10 أشهر في 2016، وارتفع إلى نحو 580 جنيهًا قبل تعويم الجنيه في بداية نوفمبر مقابل 260 جنيهًا في بداية العام. وارتفع سعر الدولار في السوق السوداء من نحو 8.5 جنيه إلى قرب 18 جنيهًا في آخر أكتوبر، كما ارتفع السعر العالمي للأوقية من 1060 دولارًا إلى نحو 1273 دولارًا بنهاية أكتوبر. وكان البنك المركزي قرر في 3 نوفمبر الماضي تحرير سعر أسعار الصرف، وترك للبنوك مهمة تسعير شراء وبيع النقد الأجنبية، وارتفع سعر الدولار منذ ذلك الوقت من 8.8 جنيه إلى 18.50 جنيه بالبنوك اليوم. "من كام شهر مشوفناش حد جه إشترى شبكة أكبر من هدايا رمزية" هكذا علق خالد والذي يعمل بمحل ذهب بمنطقة المنيب، موضحًا أن سعر هذه الهدايا التي يصفها بالبسيطة جدا تبلغ نفس سعر طاقم ذهبي مكون من أكثر من قطعة قبل ارتفاع سعر الجرام إلى أكثر من الضعف. ويضيف خالد: "انخفضت نسبة الإقبال على الشبكة بأكثر من 50 بالمئة، رغم ارتفاع معدلات الزواج، كما أن نسبة الإقبال على شراء أكثر من قطعة أو طاقم مكون من حلق وسلسلة وخاتم ودبلة ومحبس وغويشة على سبيل المثال، انخفضت بنسبة 100 بالمئة من منطقته". ويشير علاء صاحب المحل المجاور على بعض المشغولات الذهبية "دا عيار 14.. بعض المواطنين أصبحوا يقبلون على شراءه.. شكله حلو وسعره أرخص وذهب حقيقي يبلغ سعر الجرام منه 420 جنيه". ويقول عادل الشاب الذي يعمل كمحامي ويبحث عن شريكة حياته،: "هتجيب شبكة لما تخطب بكم؟.. شبكة هو أنا لاقي أكل.. هي دبلة كويسة أوي، ولو العروسة وافقت أجيب صيني يبقي تمام". وشهد عام 2016 بعض الدعوات من قبل عدد من الشباب بمختلف المحافظات، لإلغاء الشبكة وإطلاق مبادرة "بلاها شبكة" وذلك من أجل التيسير على الشباب المقبلين على الزواج، ولاقت هذه الدعوات إقبالًا بعدد من القرى بمحافظات الصعيد والوجه البحري.
