طالب عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية، اليوم، المواطنين ورجال الأعمال، بالوقوف إلى جانب الدولة خلال فترة الستة أشهر المقبلة، واعدًا بأن هناك تحسنًا سيحدث في الأوضاع الاقتصادية والأسعار بعد هذه الفترة. وكانت مصر بدأت تطبيق برنامج للإصلاح الاقتصادي بدءًا من السنة المالية الحالية ويستمر لمدة 3 سنوات لإعادة الاقتصاد على الطريق الصحيح بعد المشكلات التي عانى منها خلال السنوات التي تلت ثورة 25 يناير 2011. وقامت الحكومة بتحرير سعر صرف الجنيه في الثالث من نوفمبر الماضي، كما قامت بتطبيق الضريبة على القيمة المضافة كبديل عن ضريبة المبيعات، إلى جانب استئناف برنامج خفض الدعم على المواد البترولية والذي توقف خلال السنة المالية الماضية، والاستمرار في خفض الدعم أيضًا على الكهرباء. وسجل معدل التضخم الشهري خلال نوفمبر الماضي 5 بالمئة، كما وصل التضخم على أساس سنوي إلى 20.2 بالمئة مقارنة بنحو 14 بالمئة خلال أكتوبر الماضي، بينما واصل القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر التراجع بشكل متسارع خلال نفس الشهر، بحسب دراسة لبنك الإماراتدبي الوطني. واتفقت مصر مع صندوق النقد الدولي في 11 نوفمبر الماضي على الحصول على قرض بقيمة 12 مليار دولار على مدار 3 سنوات في إطار حزمة تمويلية بقيمة 21 مليار دولار لتمويل برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يهدف إلى خفض عجز الموازنة العامة للدولة والدين العام وزيادة معدلات النمو والتشغيل وخفض البطالة وتحسين مستوى المعيشة. واستطلع مصراوي آراء خبراء اقتصاديين بشأن ما يقصده الرئيس خلال كلمته اليوم في افتتاح مشروع الاستزراع السمكي بالإسماعيلية، من تحسن الأوضاع بعد 6 أشهر، وما هي مظاهر هذا التحسن. دورة آثار الإصلاح ومن جانبه، قال هاني جنينة رئيس قطاع البحوث بشركة بلتون، إنه من المتعارف عليه استمرار تداعيات إجراءات برامج الإصلاح الاقتصادي وتحرير سعر صرف العملة مثلما حدث في مصر لفترة تتراوح ما بين 6 أشهر إلى عام. وأضاف جنينة خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، أن ما يحدث بعد تحرير سعر الصرف يتمثل في ارتفاع الأسعار مع عدم حدوث زيادة في المرتبات مما يحدث معه تراجع في القوى الشرائية، وهو ما يؤثر على الأوضاع المعيشية للمواطنين ونمو الاقتصاد المصري نتيجة تراجع الطلب. ولفت إلى أنه خلال الفترة المقبلة ستبدأ الشركات في زيادة مرتبات العاملين لديها، وهناك بعض الشركات التي ستبدأ في زيادة المرتبات بنسب ما بين 20 و30 بالمئة مع بداية يناير المقبل، وهو ما سيجعل المواطنين أكثر قدرة على امتصاص صدمة ارتفاع الأسعار، وعودة الإنفاق في الأسواق وزيادة الطلب على السلع. وأشار جنينة إلى أن مما سيحدث خلال فترة الستة أشهر التي تحدث عنها الرئيس أيضًا حصول مصر على الدفعة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي والمقدرة بنحو 1.250 مليار دولار، وهو ما سيتأكد معه للمستثمرين الأجانب أن مصر ملتزمة ببرنامج الإصلاح الاقتصادي ولم تتراجع عنه بما سيدفعهم للاطمئنان وبداية تدفق الاستثمارات المباشرة من الخارج. ونبه إلى أن من ضمن المشكلات التي تواجه الشركات حاليًا أيضًا ارتفاع أسعار الفائدة، والمحاسبة على المديونية الناتجة عن فرق سعر العملة بعد تعويم الجنيه، ولكن من المتوقع أن تتراجع معه أسعار الفائدة بشكل كبير مع قدوم النصف الثاني من العام المقبل وبالتالي التركيز على ضخ الاستثمارات وزيادة الإنتاج. وأوضح جنينة أيضًا أنه من المتوقع أن يشهد سعر الدولار في البنوك في النصف الثاني من العام المقبل استقرارًا عند مستويات ما بين 16 و17 جنيهًا، بانخفاض نحو 20 بالمئة عن المستويات الحالية، وهو سعر مناسب جدًا لجميع الأطراف وسيؤدي إلى تراجع واستقرار الأسعار، حيث تسعر الشركات منتجاتها حاليًا عند مستويات 18.5 جنيه للدولار. وأشار إلى أنه سيعقب ذلك في الفترة التالية من 2017 و2018، تدفقات كبيرة من الاستثمارات الأجنبية بعد استقرار الأوضاع والتأكد من استمرار السير في طريق الإصلاح، ومن الاستثمارات المحلية التي لم تستثمر وتتوسع بشكل كبير منذ ثورة يناير 2011، بالإضافة إلى بدء إنتاج الغاز من حقل ظهر مع نهاية العام المقبل وبداية 2018. الرئيس يطلب أمرين ومن ناحيته، قال الدكتور هشام إبراهيم أستاذ التمويل والاستثمار بجامعة القاهرة، إن الرئيس عندما طلب من رجال الأعمال الوقوف بجانب الدولة خلال كلمته اليوم كان يقصد أمرين، الأمر الأول ما يخص المنتجين من رجال الأعمال من ناحية وقف رفع الأسعار المستمر، والثاني هو رسالة ببدء التحرك وضخ الاستثمارات في شرايين الاقتصاد. ولفت إبراهيم، خلال اتصال هاتفي مع مصراوي، إلى ضرورة أن يتزامن ذلك مع قيام الحكومة بالدور المنوط بها من تهيئة مناخ الاستثمار وإصدار التشريعات المتعلقة بذلك، إلى جانب الرقابة على الأسعار والأسواق. وأوضح أنه في حالة حدوث هذه الإجراءات من الجانبين، سينتج عن ذلك زيادة الاستثمارات وتوفير فرص عمل وزيادة إنتاج السلع وبالتالي المعروض منها في الأسواق وهو ما سيعمل على تخفيض أسعارها، بالإضافة إلى زيادة النمو الاقتصادي، ومستوى دخل الأفراد، والدولة أيضًا عبر زيادة الضرائب والرسوم المحصلة من هذا النشاط. وشدد إبراهيم على ضرورة التحرك بشكل سريع لزيادة الاستثمار وتنشيط الاقتصاد، على أن استقرار الأوضاع والتحسن سيكون تدريجيًا وسيشعر به المواطنون مع الوقت.