روى المهندس محمد بيوض، المؤرخ البورسعيدي وصاحب موقع تاريخ بورسعيد، الأربعاء، القصة الحقيقية ل"هاتاشاما" وحرب المنشورات التي شهدتها المدينة الباسلة أثناء العدوان الثلاثي علي مصر عام 1956م. قال "بيوض"، في إحدي مقالاته عن العدوان اللاثي، إن "هاتاشاما" بمثابة حرب من نوع آخر لاتقل أهمية عن حرب المدافع، فلقد كانت الوسيلة لعمل المنشورات هي المطابع عكس اليوم الذي فيه بمجرد أن تدخل على الانترنت وتنشر ما تنشر يقرؤه الجميع بدون عناء التخفي والبحث عن مطبعة وجامع حروف وموزع منشورات بارع، "هاتاشاما" ذلك الإسم الذي أرق العدو لم تكن مجرد منشورات تلهب عزيمة الشعب البورسعيدي، بل كانت تضعف من همم المحتل لما فيها من سخرية لما كان يقوم به العدو من جرائم، وكلما إزدادت جرائم العدو، كانت المنشورات لهاتاشاما تزداد ضراوة . وأضاف: "هاتاشاما، هي حركة مقاومة سلبية كانت تقاوم العدو بالمنشورات وتدعوا الأهالي للمقاومة المسلحة والمقاومة السلبية والتي تعني عدم التعاون مع العدو والعصيان المدني عليه، وأسسها أمين محمد العصفوري وهو من رموز العمل الوطني، حيث كان يشغل السكرتير العام لهيئة التحرير ببورسعيد، وقد تطرق إليها ضياء الدين القاضي في موسوعته تاريخ بورسعيد، حيث تم الاتصال بأدباء وشعراء بورسعيد وعلى رأسهم أحمد عبد اللطيف بدر، محمد قورة، وحلمي الساعي، أمين العصفوري وعلي الألفي وتم تكوين مجموعتين أطلق عليهما الهاتاشاما لتنفيذ خطة ما يعرف بحرب المنشورات الموجهة ضد الأعداء بجوار حرب السلاح وكان ببورسعيد مجموعة من المطابع مطبعة المغربي ومطبعة القنال لصاحبها حامد الألفي ومطبعة مخلوف وإتجهت أنظار ضباط المخابرات المتواجدين ببورسعيد للمطبعة الأخيرة لأن صاحبها محمد شاكر مخلوف إتصف بالوطنية". وتابع المؤرخ البورسعيدي :"تم صياغة أول منشور من منشورات المقاومة في بورسعيد وهو بعنوان (سنقاتل .. سنقاتل)، وتم طباعته في مطبعة مخلوف في السابع من نوفمبر 1956، وتوالت طباعة المنشورات التي ألهبت الشعور ضد القوات المعتدية وجن جنون القوات المعتدية، وبلغ عدد المنشورات التي وافقت قيادة المخابرات في بورسعيد على إصدارها 59 منشوراً منها ما هو باللغة الإنجليزية والفرنسية تم توزيعها داخل المعسكرات البريطانية بمعرفة مجموعة من منظمة "إيوكا" القبرصية التي كان يرأسها الأسقف ماكاريوس صديق مصر، والذي كان يطالب بإستقلال قبرص عن إنجلترا وتم إتصال قيادة المقاومة ببورسعيد بهؤلاء والذين تم تجنيدهم قسرا في ذلك العدوان ضد مصر". واختتم المهندس محمد بيوض روايته قائلاً:"المهندس شريف العصفوري روي قصة هاتاشاما وقال إن هاتاشاما هي حروف المقاومة الشعبية لهيئة التحرير مقروءة بالعكس، و تسببت المنشورات في حملات تفتيش شديدة، وتم تفتيش فيلا أمين العصفوري بشارع الجمهورية و تم العثور على ماكينة الطبع والمنشورات و أسلحة مخبأة في غرف تحت تربة الحديقة، فتم إعتقال أمين العصفوري، ومحمد العصفوري، و السعيد شحاتة، حتى تم تسليمهم للصليب الأحمر في 20 ديسمبر 1956".