الفرحة والبسمة كانت الانطباع الأول على وجوه عددا من النساء المحتشدات حول قرينتهن التي تمارس مهنة الجزارة في أولى أيام العيد بأحد المحلات الشهيرة بالإسكندرية؛ ليتحدثن عن الصنعة النسائية والمهارة في فهم ما تحتاجه ربة المنزل في يومها الأول في مطبخ عيد الأضحى المبارك. رانيا رشاد – المرأة الثلاثينية – التي وقفت تسلخ وتشفي وتقطع ذبائح الأضاحي في منطقة بحري – غرب الإسكندرية – وكلها جد ومهارة تضاهي مهارة أرباب المهنة من ذوي البشرة الخشنة، لتفرض شخصيتها القوية في العمل وتثبت قدرتها على منافسة الرجال في تلك المهنة التي تفتخر بها. ومثلما نجح "بوحة الصباح" – الشخصية السينمائية الشهيرة- في اختراق تلك المهنة الشاقة؛ نجحت رانيا أيضا في تحويل القصة لواقع ملموس، لكن في جانبها المتعلق بالكفاح وليس في الشق الهزلي منها، وذلك لأسباب مرتبطة بحاجة أسرتها إلى من يعولها لحين تعافي زوجها الذي أنهكه المرض؛ أملا في تربية طفليها في حياة كريمة، لتخوض مهنة الجزارة منذ عامين وتتفوق لتقف ضمن الجزارين في يوم شاق وموسم عيد الأضحى. تفتخر رانيا بمهنتها؛ التي أكسبتها شخصية قوية تنافس فيها الرجال، وكسبت سمعة بسبب فهمها لاحتياجات ربات المنازل من اللحوم، وتتحدث عن تجربتها بأنها لا تواجه أي تمييز أو أفضلية عن الرجال، بل يميزها مهارتها في استخدام السكين والساطور في تقطيع و"تشفية" اللحوم.