صوته الهادئ المليء بالشجن، وهو يغني" امانة عليك ياليل طول وهات العمر من الاول" جعل منه واحداً من اشهر وابرز المطربين والملحنين، في جيله ، فهو صاحب اكثر الأصوات عزباً، التي تجعل من يسمعه، يشعر بهدوء وراحة تلقائية. انه الفنان الراحل كارم محمود، الذي اعطاه جمهوره لقب الكروان الطيب، لما يتمتع به من شجن يملاْ صوته . "كارم محمود محمد ابو ريا" هو الاسم الكامل للفنان كارم محمود، الذي ولد في البحيرة في 16 مارس عام 1922، وكان ابناً لأب تاجر، وقارئ للقرآن، حيث يقال أن كارم، قد اخذ الشجن والعذوبة التي تملأ صوته، من والده، واثناء دراسته في المرحلة الابتدائية، في احدى المدارس، عمل في محل "رفا"، بينما كان مشهور بين زملائه، بسبب صوته الجميل، مما جعلهم يعرفونه، بصاحب احدى محال الخردوات، حيث علمه العزف على العود، واتجه بعد ذلك الى احياء الافراح الجيران، بعد اشتراكه مع فرقة "الشيخة حجر" . حصل كارم على دبلوم معهد الموسيقى العربية عام 1944، والتحق بفرقة الأغاني الذهبية، لتشغيل الأغاني الوطنية، وذلك كان بسبب توصية من المستشار مصطفى رضا، رئيس المعهد ومستشار الإذاعة المصرية، والذي كان يرعاه حينها، وبعد اثبات نفسه مع فرقة الانغام الذهبية، وتحقيق النجاح بها، جاءت له فرصة الالتحاق بإحدى اشهر البرامج الاذاعية الغنائية حينها . كما كان لقوة صوته، الفضل في اختيار كارم محمود، ليعيد غناء وتسجيل أوبريتات الموسيقار الكبير الراحل سيد درويش، ومنها "أوبريت العشرة الطيبة"، و "أوبريت ليلة من ألف ليلة"، و"شهرزاد" و"هدية العمر". وبالرغم من تصدر العديد من الأسماء الكبيرة في مجال الغناء والتلحين حينها، مثل، محمد قنديل، وإبراهيم حمودة، ومحمد الكحلاوي، ومحمود الشريف، ومحمد الموجى، ومحمد سلطان، ورياض السنباطي، الأ ان استطاع كارم محمود، التواجد بين هؤلاء العمالقة في مجال الغناء والتلحين، حيث شهد له فنه، وصوته العذب، عن موهبة تستحق القاء الضوء عليها، وتوصيلها الى العالم الخارجي، كما اصبح مرغوب ومطلوب من كبار الفنانين، حيث طلبته الفنانة بديعة مصابني للغناء معها . واشترك كارم في عدد قليل من الأفلام، فكانت له موهبة في التمثيل، مثلما كانت له موهبة في الغناء، ولكن كانت ليست طاغية مثل موهبته في الغناء، فكما قدم أغنيات مميزة مثل "امانة عليك"، و"على شط بحر الهوى"، و"سمرة ياسمرة"، و"يا إسكندرية"، و"العمر كله يومين"، قدم عدد من الأعمال السينمائية منها فيلم "ملكة الجمال" عام 1946، وكانت بطولة مطلقة امام الفنانة ليلى فوزي، ومن اخراج نيازي مصطفى، و فيلم "معلش يا زهر"، مع الفنانة شادية عام 1950، بينما كانت آخر أفلامه "تار بايت" مع سعاد مكاوي عام 1955 . ويعد كارم، صاحب فضل كبير على العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ، وذلك بعدما أخذ حليم أغنيته، فبالرغم من احترام كارم الدائم لمواعيده، والتزامه بعمله وتوقيتات التسجيل الخاصة به طيلة مشواره الفني، الأ ان في المرة الوحيدة، التي تأخر عن موعد تسجيل مباشر بسبب سفره الى لبنان، ولظروف طارئة، تأخرت عودته، وكان لذلك الحدث تأثير كبير ومحوري في حياة شخص اخر، حيث اضطر المسئولين إلى إسناد التسجيل لأحد أعضاء فرقة الإذاعة حينها ، الذي يُدعى "عبدالحليم شبانة" عازف آلة الأوبوا، وبالفعل قام بالغناء واصبح فيما بعد العندليب الأسمر عبدالحليم حافظ . وعن حياته الزوجية، فقد تزوج كارم من خارج الوسط الفني، وكان حريصاً ان تكون حياة عائلته ، بعيداً عن الأضواء، وانجب العديد من الأبناء، ومنهم الابن محمود كارم محمود، الذي كان يعمل سفيراً بوزارة الخارجية . وتوفى كارم محمود في 15 يناير 1995، ولكنه ترك وراءه عملاً رائعاً، وفناً جميلاً، شهد له عن موهبة تستحق كامل التقدير والاعجاب .
