تمر اليوم الذكرى ال 66 على صدور قرار من مجلس الأمن الدولي بقبول عضوية إسرائيل في منظمة الأممالمتحدة، وذلك بناء على طلب إسرائيل، حيث تم عرض الموضوع على مجلس الأمن في 4 مارس1949، وعند إجراء الاقتراع وافق 9 أعضاء وعارضت مصر، وامتنعت بريطانيا عن التصويت، وبناء عليه صدر مجلس الأمن قرارا برقم 69 لسنة 1949 بالتوصية بقبول عضوية إسرائيل في الأممالمتحدة . وجاء في نص القرار "إن مجلس الأمن، وقد تلقى طلب إسرائيل الدخول في عضوية الأممالمتحدة، ونظر فيه، يقرر أن إسرائيل، في رأيه، دولة محبة للسلام وقادرة وعازمة على تنفيذ الالتزامات التي يتضمنها الميثاق. وبناء على ذلك يوصي الجمعية العامة بقبول إسرائيل لعضوية الأممالمتحدة". وأحيلت توصية مجلس الأمن إلى الجمعية العامة للنظر فيها، وهناك تجددت المناقشات القانونية والسياسية الحادة والدقيقة بين المجموعة العربية والإقليمية من الدول الأعضاء التي وقفت معها تعارض قبول عضوية إسرائيل من جهة، والأغلبية التي كانت بالغة الحماسة لقبول الدولة الصهيونية من جهة أخرى . وحصلت إسرائيل على أول عضوية مشروطة و الوحيدة في تاريخ الأممالمتحدة، التي جعلت هذه العضوية مرهونة باحترام الدولة الصهيونية لقرارات الأممالمتحدة الخاصة بالتقسيم، وبحق العودة للشعب الفلسطيني المهجر، فكان نجاح الحركة الصهيونية وحلفائها في إدخال إسرائيل منظمة الأممالمتحدة الانتصار الكبير الثاني من حيث الأهمية بعد إنشاء دولتهم . خالف قرار عضوية إسرائيل المادة الرابعة من ميثاق الأممالمتحدة الخاص بأحكام عضوية الانضمام التي تشترط أن تكون الدولة محبة للسلام ملتزمة بكل ما يتضمنه هذا الميثاق، حيث رأت الأممالمتحدة أن إسرائيل قادرة على تنفيذ هذه الالتزامات وراغبة فيها. واستغلت إسرائيل ما عرف ب "الصفقة الإجمالية" بين القطبيين الروسي و الأمريكي بعد انفراجة "أزمة العضوية" التي استمرت ل 9 سنوات كان قبول العضوية يخضع لعوامل سياسية بحتة تتمسك بها كل من الكتلتين المناهضتين في الأممالمتحدة. فبدعم وتشجيع من الولاياتالمتحدةالأمريكية حصلت إسرائيل على عضويتها رغم مخالفتها لشروط العضوية والأسس القانونية ضاربة عرض الحائط بها وبالاعتراضات العربية والدولية، فقد اعتمدت الوفود العربية على عدم انطباق شروط العضوية على إسرائيل، لأن إسرائيل ليست دولة بالمعنى المعروف في القانون الدولي، فحدودها الجغرافية غير محددة، وليست محبة للسلام، ولا أدل على ذلك من مسئوليتها عن مقتل وسيط الأممالمتحدة الكونت فولك برنادوت ذاته، إضافة إلى طابعها العدواني أصلا. في11 مايو 1949 أصدرت الجمعية العمومية قرارها رقم 273 بقبول عضوية إسرائيل بناء على إعلانها بأنها "تقبل بدون تحفظ الالتزامات الواردة في ميثاق الأممالمتحدة وتتعهد بتطبيقها من اليوم الذي تصبح فيه عضوا فيها، وتعهدت بتطبيق قرار الجمعية العامة الخاص بتقسيم فلسطين وقرار حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وهو ما لم يحدث حتى الآن". وبالطبع لم تلتزم إسرائيل بأي من هذه الالتزامات لأسباب تتعلق بعدم جديتها ورغبتها في التوصل لحل سلمي ، وبات واضحا للفلسطينيين أن مسار التفاوض في ظل إصرار الاحتلال على سياسته التوسعية الاستيطانية وبناء جدار عازل وعزل القدس عن محيطها العربي وممارسة اسرائيل لسياسة التطهير العرقي لسكانها العرب، وهو أمر غير مقبول بل ويمثل ضياعا للحقوق الفلسطينية ، بما يقتضي ضرورة البحث عن أدوات ووسائل تعيد الاعتبار للقضية الفلسطينية وتشكل ورقة ضغط للفلسطينيين لمساعدتهم على مواجهة الموقف الإسرائيلي. من هذا المنطلق وجد الفلسطينيون في التوجه إلى الأممالمتحدة بطلب الاعتراف بالدولة الفلسطينية مخرجا وملاذا، قد يسعفهم في الخروج من مأزق المفاوضات، فضلا عما قد يحققه من إعادة لوضع ومكانة القضية الفلسطينية على الصعيد الدولي. ورغم سلامة هذا التوجه إلا أن الأمر يبدو مستحيلا ومعقدا ، نتيجة انحياز الموقف الأمريكي لإسرائيل ، والذي لن يدخر جهدا في عرقلة ومنع المجلس من التصويت لصالح الطلب الفلسطيني، سواء بالتأثير على الدول الأعضاء في المجلس ، أو عبر استخدام حق النقض "الفيتو"، ما يعني إجهاض المشروع الفلسطيني ، وهو ما استخدمته واشنطن 61 مرة ضد أي مشروع يقضي بإقامة دولة فلسطينية، آخره كان في ديسمبر الماضي. ومن أهم ما يقدمه الاعتراف بالدولة الفلسطينية تمتعها بالحق في مساءلة وملاحقة الدول التي قد تدعم أو تساند دولة الاحتلال الإسرائيلي سواء في ممارسة انتهاكاتها أو دعم وتشجيع هذه الدولة على الاستمرار في عدوانها واحتلالها للأرض الفلسطينية.