دعا السفير البريطاني لدى العراق، فرانك بيكر، ''إلى مزيد من التقدم في المصالحات السياسية في العراق''، مشيدا بالخطوات التي اتّخذها رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي وحكومته ، معتبراً أن تقدّماً كبيراً قد تحقّق منذ أن تولّى السلطة وسط ظروف صعبة واستثنائية. وأعلن أن القوات المسلحة البريطانية تساعد قوات الامن العراقية بالتدريبات العسكرية، مشيرا الى انها نقلت 300 طن من المعدات العسكرية لتحقيق الامن العراقي. وقال السفير بيكر في تصريحات هاتفية لوكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) إن التقدم الذي حقّقه العبادي بعد أكثر من 100 يوم بقليل على تولّيه مهام منصبه مثير للإعجاب ، فقد باتت لدى العراق الآن حكومة هي الأكثر تمثيلاً لطوائف المجتمع العراقي منذ أعوام طويلة، يتولّى فيها وزراء أكراد وسنّة مناصب حكومية أساسية''. وأضاف أن رئيس الوزراء العراقي تمكّن من التوصّل إلى اتّفاق نفطي مع إقليم كردستان العراق يعود بفوائده الاقتصادية على العراقيّين كافة، ومدّ يده أيضا إلى الدول المجاورة، وبذلك أعاد تأسيس علاقاتٍ إيجابية مع شركاء أساسيين في المنطقة، بمن فيهم تركيا والسعودية. وأشار إلى أن العبادي بدأ كذلك معالجة مشكلة الفساد لدى قوّات الأمن العراقية، وألغى مدفوعات كان تُعطى لنحو 50 الف ''جندي شبح''، وعزل مسؤولين كبار من الجيش ووزارة الداخلية في سياق جهوده لإعادة بناء المؤسّسات العراقية. ورأى السفير بيكر أنه ''ما زالت توجد تحدّيات كبيرة، ونتطلّع إلى أن نرى تقدّماً في الخطط التشريعية للحكومة ولا سيما منها ما يتعلّق بجهود بناء المصالحة السياسية. فالحكومة الجديدة حقّقت فعلاً بعض التقدّم في هذا المجال''. وأضاف أن الحكومة العراقية التزمت بعدم قصف مناطق مدنية في أثناء استهداف مواقع ''داعش'' في الأنبار، وأحالت إلى البرلمان مشاريع قوانين تتعلّق بتشكيل الحرس الوطني وب ''المساءلة والعدالة.'' وقال إن العمل في نهاية المطاف نحو عملية سياسية تشمل الجميع ويستفيد منها كافة العراقيين ، هو السبيل الوحيد لأن يحقق العراق ازدهاره على الأجل الطويل ومكافحة التهديدات الخطيرة التي ما زال يشكّلها تنظيم ''داعش''. وفيما يتعلّق بمواجهة ''داعش'' أوضح السفير البريطاني في بغداد أن ضغوطاً شديدة يتعرّض لها مقاتلو هذا التنظيم، فقد استطاعت قوات البشمركة تحرير عدد من المدن الاستراتيجية المهمّة في شمال العراق، بدعم من ضرباتٍ جوية تنفّذها قوات التحالف. وأضاف أن قوّات الأمن العراقية استعادت منطقة داخل مدينة بيجي وفي محيطها تضم حقول نفط مهمّة، واستطاعت أيضا إخراج ''داعش'' من غالبية محافظة ديالى. وعمّا إذا كانت لدى السفارة البريطانية في العراق صورة عن الوضع المعيشي في المناطق التي يسيطر عليها''داعش'' أوضح بيكر أن في زياراته الدورية لأنحاء مختلفة من العراق، التقى بمن اضطرهم إرهابيّو ''داعش'' إلى ترك بيوتهم، وقال: ''شاهدتُ بنفسي أثر ذلك عليهم: أعداد لا تحصى من الأطفال الذين كانوا يتطلّعون إلى بدء الدراسة في المدارس قد حرموا من مستقبل يستحقونه''. وأوضح أن''في الفترة من يونيو إلى أكتوبر الماضي اعتُقل نحو 20 الف شخص لمجرد تدخينهم السجائر، كما تم قطع شبكات الهواتف الخلوية بينما الاتصال بالإنترنت متقطع، ما تسبب بصعوبات كبيرة لعدد من الناس، بمن فيهم من يحاولون فقط كسب أرزاقهم. وتضاعفت أسعار الوقود، على رغم أن أسعار الوقود عالميا تشهد انخفاضا. وارتفعت أسعار المواد الغذائية بنسبة 50% في بعض الحالات. وأغلقت جامعة الموصل، وهي ثاني أكبر جامعات العراق. ويواصل إرهابيو داعش قتل مئات من مواطني العشائر، بمن فيهم النساء والأطفال، بطريقة وحشية لمجرد عدم موافقتهم على قواعد داعش الصارمة.'' وقال بيكر:''هذا الوضع يوضح مدى بربرية تنظيم داعش الإرهابي. فإرهابيّوه يزعمون أنهم يمثلون الإسلام، لكنهم ليسوا كذلك ، بحيث أن عدد ضحاياهم القتلى من المسلمين هو أكثر بكثير من ضحاياهم من غير المسلمين، وهو ما اتّضح أخيراً من جريمة القتل البربرية والسادية للطيّار الأردني الملازم أول معاذ الكساسبة''. وعلى الصعيد العسكري، أكد سفير المملكة المتّحدة في بغداد أن القوات البريطانية المسلّحة تساعد في تدريب قوات الأمن العراقية ميدانياً هناك. وأشار إلى أن ''المملكة المتحدة أهدت أيضاً معدّات عسكرية للقوات العراقية تشمل 40 مدفعاً رشاشاً ثقيلاً ونحو نصف مليون طلقة من الذخائر، و50 طنّاً من السترات الواقية وغير ذلك من الدعم غير الفتّاك، وأوصلنا 300 طن من الأسلحة والذخائر نيابة عن دول أخرى في التحالف''. وأوضح أن عسكريين بريطانيّين أتمّوا تدريب عراقيين على الأسلحة الرشاشة الثقيلة المهداة، بحيث درّبوا 144 من قوات البشمركة، وتقدم المملكة المتحدة الآن سلسلة دورات تدريب لمقاتلي البشمركة لتنمية مهارات المشاة القتالية لديهم ومهارات القيادة ودقة التصويب والإسعافات الأولية. واعتبر بيكر أن الضربات الجوية التي ينفّذها سلاح الجوّ الملكي البريطاني تساعد القوات العراقية على الأرض، فبحلول 23 يناير 2015، كانت طائرات تورنادو وريبر قد نفّذت 335 مهمّة قتالية و127 ضربة جوية ضد مواقع ''داعش.'' وتواصل كل من طائرات ريبر بلا طيّار مع طائرات تورنادو تقديم مساعدة حيوية في مجال المعلومات الاستخباراتية وعمليات الاستطلاع والمراقبة في سياق دورها ضمن التحالف الدولي الذي يدعم الحكومة العراقية. وقال: ''يتّضح تماماً من الضربات الجوية البريطانية وغيرها من الإسناد العسكري أن المملكة المتحدة ستلعب دورها لمساندة العراق في تصديه لداعش، لكننا كنا دائماً واضحين أن التصدي لهذا التهديد سيستغرق وقتا طويلا، والضربات الجوية وحدها لن تهزم داعش، وعلينا أن نتحلّى بالصبر إلى أن نهزم كل وجه من أوجه الأيديولوجية الشريرة للتنظيم. وستقوم المملكة المتحدة بدورها في تدميره ومساعدة أصدقائنا المسلمين في بريطانيا وفي أنحاء العالم. أما عن الجهود التي تبذلها بريطانيا لمساعدة الفارّين من وجه ''داعش'' في العراق والمنطقة، فقال السفير البريطاني إن المملكة المتحدة أحد أكبر المساهمين في الجهود الإنسانية، بحيث خصصت 5ر39 مليون جنيه استرليني من المساعدات. وأضاف ''استجبنا خلال الصيف لمساعدة الأعداد المتزايدة من العراقيّين الذين فروا من بيوتهم، بحيث قدّمنا مساعدات إنسانية طارئة بقيمة 23 مليون جنية استرليني. وما زالت هذه الأموال توفّر المواد الغذائية والمأوى والماء واللوازم الصحية والرعاية الطبّية لآلاف العائلات المحتاجة النازحة.'' واوضح ''مع حلول فصل الشتاء في العراق وانخفاض درجات الحرارة لما دون الصفر، نواصل دعمنا بالمساهمة بمبلغ إضافي مقداره 5ر16 مليون جنيه استرليني لتوفير مساعدات أساسية لعشرات آلاف العائلات''.