90 جنيها لكيلو العدس.. تعرف على أسعار البقوليات بأسواق دمياط    المشاط تلتقي مجموعة جيفرز المالية وبنك جي بي مورجان لعرض نتائج برنامج الإصلاح الاقتصادي والهيكلي    ماكرون: حزمة مساعدات فرنسية ضخمة لدعم لبنان بقيمة 100 مليون يورو    تعرف على موعد تحرك بعثة الزمالك لاستاد محمد بن زايد    ليس فرد أمن.. إعلامي إماراتي يكشف مفاجأة عن هوية صاحب التيشيرت الأحمر    شاب يمزق جسد صديقه بسبب خلافات بينهما في منطقة العمرانية    إصابة شخصين في مشاجرة بالأسلحة البيضاء بمنطقة إمبابة    السجن المشدد 5 سنوات لعاطلين في الشروع بقتل سائق توك توك وسرقته بالمطرية    بعد إلغاء عرض آخر المعجزات.. مهرجان الجونة يعلن تغيير فيلم افتتاح دورته السابعة    لمياء زايد: كنت أحلم بدخول دار الأوبرا فأصبحت رئيسة لها    قبة مستولدة محمد علي.. نقابة المهندسين تقرر تشكيل لجان لبحث ما أثير حول هدم بعض المناطق التاريخية    محمد محمود عبدالعزيز وزوجته سارة وشيماء سيف ضيوف «صاحبة السعادة»    نائب وزير الصحة يبحث مع نظيره بدولة بنما التعاون المشترك    ضبط تشكيل عصابي لسرقة الأسلاك الكهربائية من الشقق بمدينة 15 مايو    مدير تعليم القاهرة يوجه بضرورة تسجيل الغياب أولًا بأول    ندوات توعية حول ترشيد المياه في إطار مبادرة (بداية) بمطروح    لمواليد برج العذراء.. اعرف حظك في الأسبوع الأخير من شهر أكتوبر 2024    تعرف على طاقم تحكيم مباراة الأهلي والزمالك    تشكيل مانشستر يونايتد المتوقع أمام فنربخشة بالدوري الأوروبي    السوبر المصري - تفاصيل برنامج الأهلي تحضيرا لمواجهة الزمالك    جيرارد: صلاح مهووس باللعبة.. أتحدث عنه باستمرار.. وأتمنى بقاءه    كولر يعقد محاضرة للاعبين قبل التوجه لملعب مباراة السوبر    دعم للفلاحين.. رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمنظومة حوكمة تداول الأسمدة الزراعية    تعاون مع الأمم المتحدة لمواجهة الجرائم البيئية    تداول 55 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحرالأحمر    وزير الصحة يتابع استراتيجيات تحقيق العدالة الاجتماعية والنمو الشامل في مؤتمر السكان 2024    "خناقة بالمطاوي" داخل موقف إمبابة والحصيلة مصابان    بدء تشغيل معامل جديدة بجامعة الإسماعيلية الأهلية (صور)    الرئيس الصينى يدعو لوقف إطلاق النار فى قطاع غزة وإحياء حل الدولتين    حزب الله يدك قاعدة زوفولون للصناعات العسكرية شمال مدينة حيفا    الأمم المتحدة: تضاعف عدد القتلى من النساء فى النزاعات المسلحة خلال 2023    جامعة حلوان تنظم المهرجان التنشيطي للأسر الطلابية    الإسعاف الإسرائيلي: إصابة شخصين بجروح خطيرة في الجليل الغربي    جامعة المنوفية تحتل المركز التاسع محليا و28 إفريقيا في تصنيف ليدن الهولندي    التأمين الصحي بالقليوبية يحتفل باليوم العالمي لنظافة الأيدي بمستشفى بنها النموذجي    الكشف على 168 مواطنا بقافلة طبية بقرية ميت الحوفين في بنها    جامعة بنها تنظم قافلة طبية بقرية ميت الحوفيين ضمن مبادرة "بداية".. صور    تكليف 350 معلمًا للعمل كمديري مدارس بالمحافظات    تحرير 125 محضرًا خلال حملات على المخابز والأسواق    مهمة جديدة في انتظار شيكابالا داخل جدران الزمالك بعد أزمة الثلاثي    اعتقال 200 فلسطيني من مخيم جباليا شمالي قطاع غزة    نيقولا معوض يخدع ياسمين صبري في ضل حيطة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 24 أكتوبر 2024 في المنيا    مدير منطقة الغربية الأزهرية يتفقد انتظام الدراسة بالمعاهد الأزهرية بالمحلة    مبادرة "بداية " تضيء احتفالات أكتوبر بمدرسة سان جوزيف    محافظ أسيوط يتفقد مدرسة النيل الدولية    استقرار أسعار الفراخ البيضاء اليوم الخميس 24 أكتوبر    إطلاق قافلة طبية قافلة طبية ضمن مبادرة رئيس الجمهورية    هل يجوز الكذب عند الضرورة وهل له كفارة؟.. أمين الإفتاء يوضح    بدائل الشبكة الذهب للمقبلين على الزواج.. خيارات مشروعة لتيسير الزواج    الأحد.. هاني عادل ضيف عمرو الليثي في "واحد من الناس"    تجديد حبس فني تركيب أسنان قام بقتل زوجته وألقى بجثتها في الصحراء بالجيزة    سول: قمامة حملها منطاد كوري شمالي سقطت على المجمع الرئاسي    خبير عن تطرق البيان الختامي ل " البريكس" للوضع في الشرق الأوسط: رسالة للجميع    خالد الجندى: سيدنا النبى كان يضع التدابير الاحترازية لأى قضية    فيديو مرعب.. لحظة سرقة قرط طفلة في وضح النهار بالشرقية    ميقاتي: لبنان مستعد لتنفيذ القرار 1701 فور وقف إطلاق النار    تهنئة بقدوم شهر جمادى الأولى 1446: فرصة للتوبة والدعاء والبركة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بالصور.. اللحظات الأخيرة في حياة ''محمد صلاح'' شهيد ''مجزرة الأولتراس''
نشر في مصراوي يوم 11 - 02 - 2015

مع دقات الثامنة من صباح الأثنين، التاسع من فبراير، كان الأتوبيس الخاص بالجامعة الألمانية ينتظر في ميدان لبنان لجلب الطلاب، كطقس ثابت لا يتغير، طال الانتظار وبدا السائق غير مبال، قبل أن يسأله ''أحمد سامر'': مستني أيه يا عم أحمد؟، فيرد في طبيعية ''مستني محمد صلاح ينزل.. لسة معانا وقت''، يصمت ''سامر'' لوهلة ثم يقول في وجل ''مش هينزل يا عم أحمد''، يُعقب الرجل الخمسيني تلقائيًا ''ليه.. معندوش محاضرات؟''، فيأتي الرد مفجعا من صديق الجامعة، بينما تنهمر عينيه بالدموع ''لأ، اتقتل امبارح في ماتش الزمالك يا عم أحمد''.. ثم ساد صمت طويل حتى وصل الأتوبيس إلى مستقر الجامعة الألمانية خاليا من ''محمد صلاح'' طالب هندسة العمارة.
يد بيد كان ''صلاح'' يسير وسط رفقة الاستاد، حاوطوه في حنو، يحبونه بصدق، ذو ضحكة مميزة، بشوش، خدوم، صاحب صاحبه، يحكي ''حسين طارق'' عن صديق العمر، اتفقوا على الاجتماع بمنطقة الدقي، الزحام على أشده، فضلوا استقلال المترو، في العباسية اتفقوا مع سائق ميكروباص على ''توصيلة''، كانوا 10، في تمام الخامسة اصطفوا أمام الاستاد، الحشود ضخمة، يرفعون ''صلاح'' على الأكتاف، التقط صورة للزحام، تبعها بضحكة، هبط وهو يزفر ''اليوم صعب''، جماهير الزمالك تغني وطالب الجامعة الألمانية يتمتم بكلمات متفرقة ''الليلة جينا.. الدوري لينا.. الزمالك هو نادينا''.
شقوا الصفوف، الأحاديث عن تذاكر المباراة لا تشغلهم؛ حصلوا على دعوات من يد رئيس النادي نفسه -قبل أيام، الجماهير لا تتنازل عن مؤازرة فريقها، والانتظار كلله النجاح ''الناس هيّصت وقالوا الأمن هيدخَل الكُل، حتى اللي مش معاه تذاكر'' يُكمل ''حسين''، داخل الممر الضيق نفذوا، تقلص عددهم من 10 إلى 4، ''حسين'' يربت على يد ''صلاح''، الأجساد تتلاحم، الأنفاس تنقبض، طالب الجامعة الألمانية نحيف لا يقوى على المعافرة، يحمر وجهه، يخالطها ابتسامة بهوان الأمر؛ مقابل متعة تشجيع الزمالك، الأصوات تتعالى في حنق ''واحد ولع شمروخ عشان يرجع الناس''، القفص الحديدي غير أدمي يقول الشاب العشريني ''إحنا لو فراخ هنتعامل أحسن من كدة.. أيه القرف ده.. إحنا بنموت.. ألحقني بدوخ.. نفسي بيتقطع'' كلمات متفرقة ذابت وسط الهياج، فجأة انطلقت سحب الغاز دون مبرر.
تفتتّ الصحبة، تفرقت الأيدي، بصوت متهدج يتابع طالب الهندسة بجامعة القاهرة، جُن الناس، العيون تدمع، الأنوف تسيل لا إراديا، تاه ''صلاح''، تمكن أحد الأصدقاء من تسلق السور، استسلم آخر لجسده السمين فتكوم أرضا ''كان فاضلي ثواني وأموت.. قلت الشهادة وبصيت للسما''، الأجساد تُدهس، حب الحياة سيطر على الجموع ''شفت ناس بتضرب بعض عشان تعيش''، الكلمات تتوه من فمه، لا يقوى على التعبير، النواح يعلو، كنساء فقدن أبنائهن كان الحال، صراخ، عويل ''كانت مجزرة فعلا''، قنابل الغاز لا تجد مفرا لتهبط أرضا، فباتت الرؤوس محطة جيدة للارتطام، وأصبحت عبارة ''بموت'' تتكرر بشكل هستيري غير مُصدق.
بمنزل بسيط في منطقة إمبابة الشعبية، كان يقام سرادق عزاء ل''صلاح''، رجال من الجيرة والأقارب، جاءوا للعائلة المكلومة، ضاربين كفًا بكف على زينة الشباب، صفان من الرجال جلسا يكفكفان دموع الأب، تربت على يده كفوفهم، شقيقيه وقفا مع زملائه خارج السرادق، بين ذهول الموت وقدره، بين حزن وألم يعتصر قلبيهما، لا تترك عيونهما دموع الفراق، ''أسامة'' و''حسام''، غاب ثالثهما قبل أن يذهب لتشجيع فريقه على عتبات الاستاد.
بالطابق الثاني، كانت والدة ''محمد'' تجلس بعيدة، عيون شاردة على فلذة كبدها، جفون بدا عليها أثر عدم النوم، ''ربنا يرحمه ويغفر له، نفسي الناس تقرا له الفاتحة''، تستطرد الأم أن عدد ممن عزوها يقولون ما انتشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي ''كل الناس كانوا بيحبوه، بيوصلي كلام كتير عنه من ناس ما اعرفهاش، لكن معنديش وقت اقرا'' تحاول التماسك، تهيمن الدموع، تتبعها كلمات باكية ''ادعو له يا ولاد''.
خلدت الأجساد إلى الأرض، وانخلعت الأرواح، تلطخ ''تيشيرت العمر الأبيض''، وبقيت الأحذية المتراصة وقصاقيص القمصان المهترئة علامة على من كانوا هنا، نجى ''حسين'' من المعركة، يقلب جيوبه فيجد تليفون ''صلاح'' الذي تركه في حوزته، يرد على الأهل في استنكار ''متقلقوش''، يغلق الهاتف، يهرع كالمسوس، ساعة تمر، يتخللها ذكريات الأخ، رفيق الدكة من ابتدائي، زميل الهندسة مع اختلاف الجامعة، طيبة ''صلاح''، تؤامه الروحي ''مفيش أغلب منه.. كنا بنعمل كل حاجة مع بعض.. محدش شافه غير وحبه''، عشق الزمالك، لعبه السباحة في ناشئين النادي.. بعد فترة، دهر، يصل ''حسين'' على مشارف مقابر مدينة نصر، وسط نحيب من كانوا في الطريق للتهليل ترحيبا بناديهم المظفر، يفتح حسابه على موقع ''فيسبوك''، يرى صورة ''صلاح'' بين المطروحين أرضا، يُكذب عينه، ينتابه هلع، تسقط دمعة كرها ''جريت ع المشرحة.. وطلع هو''.

أخر صورة التقطها الراحل بهاتفه قبل الرحيل بلحظات


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.