وزير التعليم يصل محافظة أسيوط لمتابعة الاستعدادات للعام الدراسي الجديد    بتكلفة 7.5 مليون جنيه: افتتاح 3 مساجد بناصر وسمسطا وبني سويف بعد إحلالها وتجديدها    الفراخ الفلاحي ب120 جنيها.. أسعار الطيور والدواجن بكفر الشيخ اليوم    «HSBC» تُشيد بالإصلاحات الاقتصادية في مصر وتتوقع زيادة التدفقات الأجنبية    الهيئة الدولية لدعم فلسطين: كل سكان قطاع غزة أصبحوا نازحين    دبلوماسي سابق: المجتمع الدولي يدرك أهمية حل القضية الفلسطينية    مشاهدة مباراة الزمالك والشرطة الكيني في الكونفدرالية الإفريقية    موعد مباراة أوجسبورج وماينز في الدوري الالماني والقنوات الناقلة    طعن كلٌ منهما الآخر.. طلب التحريات في مصرع شابين في مشاجرة ببولاق الدكرور    عضو نقابة المرشدين السياحيين: وادي قرنة بالأقصر غني بكنوز الدولة الوسطى    إعلام إسرائيلي: تضرر 50 منزلا فى مستوطنة المطلة إثر قصف صاروخي من لبنان    مفتي الجمهورية يشارك في أعمال المنتدى الإسلامي العالمي بموسكو    خالد عبدالغفار: التشخيص الدقيق والمبكر هو الخطوة الأولى نحو الرعاية الصحية المتكاملة.. صور    دون إصابات.. السيطرة على حريق بجوار إدارة تعليمية في قنا    الأرصاد الجوية تحذر من نشاط رياح مثيرة للرمال والأتربة على المحافظات    وفاة مدير التصوير والإضاءة فاروق عبد الباقي.. موعد تشييع الجنازة    الزراعة: جمع وتدوير مليون طن قش أرز بالدقهلية    وزير التعليم العالي يهنئ العلماء المدرجين بقائمة ستانفورد لأعلى 2% الأكثر استشهادا    تصل للحبس، محامٍ يكشف العقوبة المتوقع تطبيقها على الشيخ التيجاني    خطبة الجمعة بمسجد السيدة حورية فى مدينة بنى سويف.. فيديو    تأملات في التسهيلات الضريبية قبل الحوار المجتمعي    "واشنطن بوست": اشتعال الموقف بين حزب الله وإسرائيل يعرقل جهود واشنطن لمنع نشوب حرب شاملة    مطالب بتسليم المكاتب السياحية لتعزيز الحركة الوافدة في الأقصر قبل ذروة الموسم الشتوي    ضبط شخصين قاما بغسل 80 مليون جنيه من تجارتهما في النقد الاجنبى    تشغيل تجريبى لمبنى الرعايات الجديد بحميات بنها بعد تطويره ب20 مليون جنيه    خبير تربوي: مصر طورت عملية هيكلة المناهج لتخفيف المواد    أول بيان من «الداخلية» بشأن اتهام شيخ صوفي شهير بالتحرش    ليكيب: أرنولد قدم عرضًا لشراء نادي نانت (مصطفى محمد)    انقطاع المياه غدا عن 11 منطقة بمحافظة القاهرة.. تعرف عليها    وثائق: روسيا توقعت هجوم كورسك وتعاني انهيار معنويات قواتها    الأنبا رافائيل: الألحان القبطية مرتبطة بجوانب روحية كثيرة للكنيسة الأرثوذكسية    فعاليات ثقافية متنوعة ضمن مبادرة «بداية جديدة لبناء الانسان» بشمال سيناء    انطلاق قافلة دعوية إلي مساجد الشيخ زويد ورفح    «الإفتاء» تحذر من مشاهدة مقاطع قراءة القرآن الكريم بالموسيقى: حرام شرعًا    أزهري يحسم حكم التوسل بالأنبياء والأولياء والصالحين وطلب المدد منهم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 20-9-2024 في المنيا    ضبط 4 متهمين بالاعتداء على شخص وسرقة شقته بالجيزة.. وإعادة المسروقات    «الداخلية» تنفي قيام عدد من الأشخاص بحمل عصي لترويع المواطنين في قنا    محافظ القليوبية يتفقد تشغيل مبني الرعايات الجديد ب«حميات بنها»    مستشفى قنا العام تستضيف يوما علميا لجراحة المناظير المتقدمة    خبيرة تغذية: الضغط العصبي والقلق من الأسباب الرئيسية لظهور الدهون بالبطن    وزير الإسكان: طرح 1645 وحدة متنوعة للحجز الفوري في 8 مدن جديدة    تشكيل أهلي جدة المتوقع أمام ضمك.. توني يقود الهجوم    عبد الباسط حمودة ضيف منى الشاذلي في «معكم».. اليوم    بلغاريا تنفي بيع إحدى شركاتها لأجهزة بيجر المستخدمة في انفجارات لبنان    تراجع طفيف في أسعار الحديد اليوم الجمعة 20-9-2024 بالأسواق    دعاء يوم الجمعة للرزق وتيسير الأمور.. اغتنم ساعة الاستجابة    رابط خطوات مرحلة تقليل الاغتراب 2024..    جرس الحصة ضرب.. استعدادات أمنية لتأمين المدارس    استطلاع رأي: ترامب وهاريس متعادلان في الولايات المتأرجحة    القوات المسلحة تُنظم جنازة عسكرية لأحد شهداء 1967 بعد العثور على رفاته (صور)    «ناس قليلة الذوق».. حلمي طولان يفتح النار على مجلس الإسماعيلي    «زي النهارده» في 20 سبتمبر 1999.. وفاة الفنانة تحية كاريوكا    حرب غزة.. الاحتلال يقتحم مخيم شعفاط شمال القدس    عاجل.. موعد توقيع ميكالي عقود تدريب منتخب مصر للشباب    مصطفى عسل يتأهل لنصف نهائي بطولة باريس المفتوحة للإسكواش 2024    ملف مصراوي.. جائزة جديدة لصلاح.. عودة فتوح.. تطورات حالة المولد    رمزي لينر ب"كاستنج": الفنان القادر على الارتجال هيعرف يطلع أساسيات الاسكريبت    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حينما يتحول المواطن إلى ''إرهابي'' بدون أسلحة أو تنظيم
نشر في مصراوي يوم 01 - 01 - 2015

ليس بحمل السلاح وزرع القنابل وحدها ترهب القلوب، وينكسر جدار أمان الأشخاص، فبعض الكلمات والأفعال لها نفس الوطأة. عام مضى شغله حديث القنابل والجماعات المسلحة التي تشيع في أماكن متفرقة بالبلاد فسادا، تلقي الرعب في النفوس، لتواصل الدولة إعلانها أن ذلك إرهاب للآمنين لزم محاربته، فيما كان بنفوس البعض ذرة من ''إرهاب'' تمارسه على آخرين، بالوشاية أو التضليل أو التدخل فيما لا يعنيهم بحماس عنصري غير مبرر.
''أسافين'' سياسية
كانت أمنية عبده تطل من نافذة منزل أخيها -الذي تبيت عنده ليلتها تلك، تتحدث بهاتفها المحمول، حينما أبصرت دراجتين بخاريتين مريبة الشكل، تسير في اتجاه ثلاثة شباب، الوقت كان يقترب من الحادية عشر مساءا بمنطقة فيصل اتجاه الطريق الدائري، انزعجت الفتاة العشرينية من الأشخاص الحاملين ''شوم.. سيف''، وتأكدت أنهم لا يذرون إلا شرا بعد أن استوقفوا هؤلاء الشباب قائلين ''هات اللي معاك أنت وهو''، ومع رفضهم أخذوا في ضربهم، ثوان وبدأ حركة بعض الناس لتستوضح الأمر، فإذا بالسارقين يصيحوا لهم ''دول حبة إخوان وبنربيهم''، ليشارك الناس في استكمال ضربهم، ولم تنفع أي محاولة من الأشخاص الثلاثة للقسم والقول ''أنا مش إخوان.. دول سرقونا''، لم يستمع أحد وأصر الجمع على تسليمهم للشرطة، في الوقت الذي انطلق السارقون بعد أن نالوا مرادهم من أموال.
ألجم الموقف لسان ''أمنية''، لم تصدق عينها ما حدث ''كنت مخنوقة جدا.. الحرامية عرفوا نقطة ضعف الناس اللي بقى أي حد يقول حاجة يصدقوا'' تقول المصورة الحرة، التي ما وجدت عام أصعب في التعامل مع الناس بالشارع منذ بدأت عملها في 2009 إلا هذا العام ،2014 فلم يعد التضييق من قبل الأمن ما تتعرض له بل من الأفراد العادية؛ زاد تعرضها لسؤال ''أنت بتصوري إيه.. طب افتحي الكاميرا نشوف'' فضلا عن المعاكسات، التي لا تجد مفر منها سوى سماعة تضعها بأذنها.
ترى الفتاة العشرينية أن الإعلام سبب رئيس لما وصل إليه الحال، الذي تستطيع بحكم عملها كمصورة أن تلمسه في تعامل الناس بعدائية منذ إعلان الحرب على الإرهاب، متذكرة الموقف الذي تعرض له زميلها الشهير ب''أنو'' أثناء تصادف تواجده بمنطقة المهندسين، في الوقت الذي شهدت به العثور على قنبلة، فتجمهر بعض الناس حوله، ليقبضوا عليه مسلمين إياه للشرطة متهمين أنه ''إخوان''، لمجرد إطلاق لحيته وحمله حقيبة ظهر، وارتدائه بنطلون لا يصل للقدم ''شورت طويل'' حسب المصورة، ليقضى قرابة شهر محتجزا متعرضا للضرب، فيما كان الشاب لا ينتمي لأي كيان سياسي بالمرة ''ده راقص بالية أصلا'' باستنكار لما حدث تقول ''أمنية'' معتبرة أن البعض ألغى عقله، وبات يتصرف لدرجة بث الرعب في الأخرين ظنا منه ''أنه كده بيساعد الأمن''.
عقاب التمرد
وقت أن اتخذت منة الله الحسيني قرارها بحلاقة شعرها ''على الزيرو''، لم يكن إلا محاولة لعلاج المجتمع ''بالصدمة'' حسب تعبيرها، أرادت أت تكف أعين الناس وأيديهم عنها كفتاة تسير بالشارع، وتحمل رسالة أنه لا يعني كونها ''بنت''، أن يُنظر لجسدها ومظهرها، فهي لا تقل عن الرجل في شيء، إن سار بالطرقات لا يلتفت إليه، ولا ينظر إلى هيئته بل إلى حديثه وأخلاقه، وهي قبل كل ذلك إنسان مكرم فلماذا يمتهن من بني الخلق لمجرد أنه يحمل صفة ''أنثى''.
تحرشات لفظية وجسدية تعرضت لها الفتاة العشرينية، ولأن ''التمرد'' صفة تحملها، ما كان لها أن تصمت عن تلك المواقف، التي لا يؤلمها فقط فعلها، بل ردود فعل المحيطين؛ في أحد شوارع منطقة المنيل كانت تسير طالبة كلية الحقوق، الوقت يقترب من عصر اليوم حين اعترض طريقها أحدهم متلفظا بكلمات انتهكتها، فقررت الفتاة أن توقف بأس هذا المتحرش، أمسكت به وصاحت نهرة لفعله ''لكن على أول شارع القسم الناس هربته''، تلك النهاية البائسة التي سبقها كلمات على شاكلة ''سبيه هو عملك إيه يعني''، والأدهى قول رجل تصفه بأنه في عمر أبيها ''البنت المتربية لو ماشية كويس محدش هيعملها حاجة''، وعجز لسان ''منة'' على النطق مع كلمات المتحرش قبل فراره وسط جمع تعمدوا تركه، وأخرين متفرجون في ثبات ''ما أنت لو لابسة محترم مكنتش عاكستك''، نظرت لتجد نفسها مرتدية بلوزة واسعة وبنطلون، فيما لا يوجد ما يبرر تلك الفعلة ولا رد فعل الناس عليها.
ما كانت تلك الواقعة سوى نقطة في بحر مضايقات، وجدتها في تزايد دون رادع، لذا قامت في أغسطس الماضي بحلاقة شعرها كاملا، بدا مظهرها كشاب صغير مع جسدها النحيل، الذي قررت بالتوازي ممارسة الرياضة لتقويته، ومع ذلك لم تسلم؛ تخطى الأمر حد التوقف وتفحص ملامحها وجسدها، والتلفظ بكلمات تسيئها ''يا واد يا بت كتير كنت بسمعها''، إلى حد الضرب ''3مرات اضربت على كتفي وراسي وقفايا''، امتحان تعرضت له الفتاة دون علم الجرم الذي ارتكبته، انتظرت أن يوقفها أحدهم ليستفسر عن سبب فعلها لكن ذلك لم يحدث.
''أحنا بنتولد من غير شعر.. وأنا معملتش حاجة تأذي حد'' بأسى تقول طالبة الحقوق، ما رغبت إلا ليتعلم الناس احترام الأخرين وإن اختلفوا معهم، دون إرهاب يسبق ويعقب فعلهم، فإن هي اتخذت ذلك القرار برغبتها، هناك من يجبرها المرض على تلك الهيئة، لكنها وجدت أن السبيل لن يكون أمام هؤلاء سوى تغطية الرأس، كما فعلت بعد ما أَنقض ظهرها المضايقات، وانتهت بالبحث عن قبعات رقيقة تليق بها حتى نمو شعرها من جديد.
فوبيا الكاميرا
وقف المخرج العشريني خالد منصور بأحد شوارع وسط البلد بالقاهرة، في ساعة مبكرة من الصباح، يتابع أداء بطل العمل الجديد الذي يقوم بتنفيذه، أثناء تصوير المشهد الأول، قبل أن يظهر فجأة رجل ثلاثيني أمام الكاميرا ملوحا بيده لطاقم العمل صارخا ''إنتوا بتعملوا إيه.. بتصوروا إيه بالظبط؟''.
رغم إفساده للمشهد شرحوا للرجل الذي عَرف نفسه متهكما ''مواطن يا سيدي''، قيامهم بتصوير فيلم روائي قصير وأن لديهم تصريح من وزارة الداخلية، كل هذا لم يشفع لهم فأثار الرجل ضجة من حولهم متهما إياهم بتشويه سمعة البلد ''الناس بتتعامل بعدائية غريبة مع الكاميرا والاتهامات جاهزة، ودا بيعطل شغلنا'' قالها منصور-المخرج- بضيق.
خلال يوم واحد تعرض المخرج الشاب وطاقم العمل المرافق له إلى مضايقات عديدة من مواطنين يعطلون عملهم، يتقمصون دور المُحقق، يتسألون عن التصريحات، يمنعونهم عن استكمال التصوير، يطلبون الشرطة التي تأتي فتكتشف أنهم يمتلكون تصريحات تأذن لهم بالتصوير، يُعلق منصور قائلا ''دا طبعًا ضيع وقتنا وأثر على تركيز الممثلين وطاقم العمل''.
إرهاب المواطنين لكل من يُمسك كاميرا في يديه، جعل عدد من صناع السينما يخشون ساعات التصوير في شوارع المحروسة خوفا على الوقت المُهدر والتعرض للمعدات المستخدمة في العمل'' أنا نازل أشتغل مش نازل اتخانق، فلو أي حد تعامل معانا بقوة، أكيد فريق العمل والمعدات هتتأذي، وده بيسبب لي خوف طبعا''
تابع باقي موضوعات الملف:
إرهاب 2014.. ما تيسر من سيرة الخايفين (ملف خاص)
بعد 21 عامًا.. مصراوي يسترجع تفاصيل اغتيال ''الشيماء'' ضحية إرهاب التسعينيات
في 2014.. الرعب يبدأ من "يوم الجمعة والمترو والكاميرا"
بسمة عبد العزيز تحلل نفسية المصريين: المواطن مفعول به.. بمزاجه (حوار)
7 وزراء داخلية واجهوا ملف "الإرهاب".. (ملف تفاعلي)
من الإعلام إلى المواطن: ''سنة سودة يا جميل''
حكايات على الهامش.. اللي يجاور الإرهاب ينكوي بناره
مدير مفرقعات القاهرة: من يطلق خبرا كاذبا عن وقوع انفجار "عدو لمصر" (حوار)
الإنترنت 2014.. شبكة ''معلومات'' و ''إرهاب'' أيضا!
ناجح إبراهيم: الشباب في حاجة للوقاية من التطرف.. وداعش تقرأ الإسلام من نعله (حوار)
"زمن الإرهاب الجميل".. وما أدراك ما التسعينات.. (ملف تفاعلي)
في "دولة المطرية".. الإرهاب رايح جاي


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.