تقدم المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، بطعن حمل رقم 5036 لسنة 69 قضائية، أمام محكمة القضاء الإداري، لإلزام الحكومة باعتبار قصر فؤاد سراج الدين أثرًا، وهو القرار الذي ترفض الحكومة إصداره على الرغم من توافر كافة الشروط القانونية لاعتبار القصر أثرًا. وأضاف الطعن أن الحكومة تضع في لوائح هيئة الآثار ثلاثة شروط لاعتبار أي بناية آثرًا: الأول أن يكون مر على إنشاء العقار 100عام، أو أكثر، ويكون نتاجًا للفنون أو العلوم أو الآداب أو الاديان التي قامت على أرض مصر. وأوضح أن القصر تم بنائه في عام 1908، ويعود لصاحبه كارل بايرلي مؤسس بنك كريدي فونسييه إيجيبسيان، وهو أول بنك للتمويل العقاري في مصر، والذي اشترى الأرض من شركه النيل للأراضي الزراعية سنة 1905، ثم كلف المهندس كارلو براومبوليني بتصميمه سنه 1906. وبعد وفاة صاحب القصر تم تأجيره للسفارة الألمانية، وكان إمبراطور ألمانيا يأتى إلى مصر ليقيم في القصر شتاءً كعادة أثرياء العالم، الذين كانوا يقضون معظم فصل الشتاء في مصر، وحينما قامت الحرب العالمية الأولى وضع القصر تحت الحراسة إلى أن وقعت معاهدة فرساي سنه 1919 فرفعت الحراسة عنه وبيع إلى عائلة سويدية حولته إلى مدرسة داخلية لتنافس مدارس الميرديدييه، وهي المدارس المفضلة في وقتها للطبقة العليا في مصر، ولكن باء المشروع بالفشل. وفى سنه 1930 اشترى سراج الدين باشا القصر هديه لزوجته زكية هانم البدراوي، وعاش الابن فؤاد سراج الدين في القصر، إلى أن توفي سنة 2000. والقصر مكون من طابقين عدا البدروم وكان يطلق عليه بيت العائلة، ويعد من أجمل قصور جاردن سيتي، ويقع في مواجهه قصر النحاس باشا، وكان مطلا على النيل، واستجلب للقصر أفخر أنواع الرخام الإيطالي وزينت نوافذه بالزجاج المعشق، وبه مصعد أثري ومدفأة من الرخام. وذكرت الدعوى، أن الشرط الثاني أن يكون ذو قيمة أثرية أو فنية أو أهمية تاريخية، باعتباره مظهرًا من مظاهر الحضارة المصرية، أو غيرها من الحضارات الأخرى، التي قامت على أرض مصر. وشهد القصر العديد من الحفلات وغنت به أم كلثوم وعبد الحليم حافظ، ومن الشخصيات التي زارت القصر الملك فاروق، والنحاس باشا، وجمال عبد الناصر، وأنور السادات، والعديد من الشخصيات التي لعبت أدوارا في حياة مصر السياسية والثقافية، كما أن صاحب القصر لم يمانع من تصوير بعض الأفلام السينمائية في قصره، وأشهرها فيلم ''شروق وغروب''، وكتبت أيضًا رواية عن القصر بقلم سامية سراج الدين وهي رواية ''بيت العائلة'' التي تصف فيها الحياة في القصر وكان من إصدارات دار الشروق. وثالث هذه الشروط هو أن يكون الأثر قد أنتج أو نشأ علي أرض مصر، أو له صلة تاريخية بها، وهو بالطبع متوفر لدى قصر فؤاد سراج الدين، لوجوده بحي جاردن سيتي بالعاصمة المصرية. ويعتبر القصر شاهدًا على حقبة هامة من تاريخ مصر المعاصر، فهو أحد أملاك فؤاد سراج الدين وهو السياسي البارز الذي تولى عده وزارات منها وزارة الزراعة والداخلية والمالية، وبعد قيام ثوره 1952 تعاون مع الضباط الأحرار ثم حدثت بينهم جفوة بسبب تأميم أملاكه عدا هذا القصر حيث قبض عليه مرتين وسجن لعدة أشهر ثم وضع تحت الحراسة والإقامة الجبرية في هذا القصر. وتعد هذه الدعوى واحدة من دعاوى أخرى أقامها المركز المصري، حرصًا منه على الحفاظ على آثار مصر، والتي تمتد لحضارات مختلفة (فرعونية، رومانية، قبطية، إسلامية، حديثة) وقيم أثرية ثمينة تتمثل في عدد من القصور والمتاحف والطرز المعمارية، التي شيدت بأساليب فنية تنتمي لمدارس عدة، لا يمكن التفريط فيها لكونها تشكل علامات بارزة كجزء لا يتجزأ من تاريخ مصر العامر بالآثار والتحف البنائية.