وزير الري: نعمل على تطوير المنشآت المائية ومنظومات الري ووصول المياه لكل مزارع دون مشاكل    ارتفاع بورصة الدواجن اليوم.. أسعار الفراخ البيضاء والبيض الخميس 4 يوليو 2024 بالأسواق    أول تعليق من نجيب ساويرس على تعيين هالة السعيد مستشارا لرئيس الجمهورية للشؤون الاقتصادية    مفاجأة من وزير التموين للمواطنين بشأن الدعم على البطاقات التموينية (فيديو)    المغرب والاتحاد الأوروبي يوقعان على برنامج لدعم التعليم العالي    متظاهرون داعمون لغزة ينهون اعتصاما في حرم أكبر جامعة بكندا    شهداء وجرحى جراء القصف الإسرائيلي المُستمر على قطاع غزة    مع تصاعد الحرب في غزة ولبنان.. الشرق الأوسط يجلس على برميل بارود    الأرصاد: طقس الغد شديد الحرارة رطب نهارا مائل للحرارة ليلا على أغلب الأنحاء.. والعظمي بالقاهرة 39    أول تعليق من توفيق عبدالحميد بعد تعرضه لوعكة صحية..ماذا قال؟    6 نصائح للعناية بالأسنان والحفاظ عليها من التسوس    «هيئة الدواء» تسحب عقارا لعلاج السكر من الصيدليات.. ما السبب؟    «المصري اليوم» تقود سيارة كهربائية في شنغهاي: مصر سوق واعدة    وزيرا خارجية السعودية وأمريكا يستعرضان هاتفيا التطورات في غزة    ملف يلا كورة.. قائمة الأهلي.. تعثر الزمالك.. وموقف بيراميدز من المنتخب الأولمبي    زيدان يكشف عن اللاعبين المنضمين لمنتخب مصر الأولمبي في رحلتهم إلى باريس    الأهلي يبحث عن انتصار جديد أمام الداخلية بالدوري    عبد الرحيم علي يشكر الوزراء والمحافظين الذين غادروا مواقعهم    إصابة طفل وانهيار جزئي لعقار مجاور.. تفاصيل سقوط عقار بالحي القبلي في شبين الكوم    مصرع طفلين شقيقين غرقا في كفر الشيخ    العثور على شاب مصاب بطلقات نارية في ظروف غامضة بقنا    عبدالرحيم علي يهنئ المحافظين الجدد ونوابهم    عمرو أديب الزمالك «نمبر وان».. وكريم عبدالعزيز يرد: أنا اهلاوي مجنون (فيديو)    قصواء الخلالي: الحكومة الجديدة تضم خبرات دولية ونريد وزراء أصحاب فكر    ميمي جمال: أنا متصالحة مع شكلي وأرفض عمليات التجميل    حظك اليوم برج الثور الخميس 4-7-2024 مهنيا وعاطفيا.. احذر ضغوط العمل    دعاء استفتاح الصلاة.. «الإفتاء» توضح الحكم والصيغة    أول ظهور لحمادة هلال بعد أزمته الصحية    التشكيل الوزاري الجديد، مدبولي يعقد اليوم مؤتمرا صحفيا بالعاصمة الإدارية    طائرات استطلاع تابعة للاحتلال تحلق في سماء مخيم «شعفاط» بالقدس    هيئة الدواء توافق على زيادة سعر 3 أدوية منها علاج للضغط (تفاصيل)    3 أبراج تتوافق مع «الدلو» على الصعيد العاطفي    حزب الله يعلن قصف مقرين عسكريين إسرائيليين    أول رد سمي من موردن سبوت بشأن انتقال «نجويم» ل الزمالك    ميسي مهدد بالغياب عن مباراة الأرجنتين ضد الإكوادور في كوبا أمريكا 2024    وزراء خارجية روسيا والصين ومنغوليا يناقشون التعاون في المجالات الاقتصادية    "مين كبر ناو".. شيكو يحتفل بعيد ميلاده    لميس حمدي مديرا لمستشفى طلخا المركزي    الكويت تعلن اعتقال مواطنين بتهمة الانضمام لتنظيم محظور    أفعال مستحبة في ليلة رأس السنة الهجرية    أمين الفتوى: لا ترموا كل ما يحدث لكم على السحر والحسد    أبرز مشروعات وزير البترول الجديد بالقطاع الحكومي.. تعرف عليها    ملف رياضة مصراوي.. تعادل الزمالك.. قائمة الأهلي لمواجهة الداخلية.. وتصريحات وزير الرياضة    في أول تصريح صحفي له، محافظ بورسعيد الجديد يوجه رسالة إلى اللواء عادل الغضبان    حدث ليلًا| موعد إجازة رأس السنة الهجرية وحالة طقس الخميس    رئيس مجلس الوزراء يعلن موعد إجازة رأس السنة الهجرية    نجم الزمالك السابق: هناك عناد من الأهلي وبيراميدز ضد المنتخب الأولمبي    إجراء تحليل مخدرات لسائق ميكروباص تسبب في سقوط 14 راكبا بترعة بالصف    أستاذ استثمار عن التغيير الوزاري: ليس كل من رحل عن منصبه مقصر أو سيئ    وزير الزراعة الجديد: سنستمكل ما حققته الدولة وسأعمل على عودة الإرشاد الزراعي    هاني سعيد: بيراميدز لم يعترض على طلبات المنتخب الأولمبي.. وهذا موقفنا النهائي    عمرو خليل: اختيار الوزراء في الحكومة الجديدة على أساس الكفاءات والقدرة    أدعية رأس السنة الهجرية.. يجعلها بداية الفرح ونهاية لكل همومك    والدة شاب تعدى عليه بلطجي بالمرج تكشف تفاصيل الحادث    فحص نشاطها الإجرامي.. ليلة سقوط «وردة الوراق» ب كليو «آيس»    مصرع طفل غرقا داخل نهر النيل بقنا    اتحاد الصناعات: وزارة الصناعة تحتاج لنوعية كامل الوزير.. واختياره قائم على الكفاءة    تعيين عبلة الألفي نائبة لوزير الصحة والسكان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العامل والأجير في هدي النبي البشير
نشر في مصراوي يوم 29 - 10 - 2014

الإجارة والعِمالة شُرِعَت لأن الناس في حاجة إليها لاختلاف المواهب والتخصصات، وتحقيقا للتكامل والتعاون، والنبي صلى الله عليه وسلم جاء ليُتَمِّمُ أحوال الناسِ ويُحقق المصالح بينهم، وقد شاء الله تعالى بحكمته أن يجعل بعض الناس أغنياء وبعضهم فقراء، ومعلوم أنَّ الغنيَّ بحاجة إلى الفقير، وأنَّ الفقيرَ بحاجةٍ إلى الغنيَّ، والله سبحانه جعل الناس بهذه الصِّفةِ كلٌّ يحتاج الآخر حتى تتكامل حركة الحياة وتعمر الأرض، قال الله تعالى: {نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُم مَّعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُم بَعْضًا سُخْرِيًّا}.. (الزخرف : 32)، فإذا قام كلٌّ بحقِّه وواجِبِهِ كما ينبغي تحققتْ السعادة والائتلاف، وأصبح المجتمع المسلم كالجسد الواحد كما قال صلى الله عليه وسلم : (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى).. رواه البخاري .
وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحاب الأعمال إلى معاملة العمال معاملة كريمة، وإلى الشفقة عليهم، والبرِّ بهم وعدم تكليفهم ما لا يطيقون من الأعمال، بل ارتفع النبي صلى الله عليه وسلم بدرجة العامل والخادم إلى درجة الأخ، وهذا ما لم يُسْبَق في حضارة من الحضارات، أو في أمة من الأمم، فقال صلى الله عليه وسلم : (إخوانكم خولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يديه فليطعمه ممّا يأكل، وليلبسه ممّا يلبس، ولا تكلّفوهم ما يغلبهم، فإن كلّفتموهم ما يغلبهم فأعينوهم).. [رواه البخاري] .
وكذلك ألزم النبي صلى الله عليه وسلم صاحب العمل أن يسارع في وفائه وسداده للعامل والخادم أجره المكافئ لجُهده، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه).. [رواه ابن ماجه]، وفي رواية: (حقه) بدل (أجره).
قال المناوي في فتح القدير: "(قبل أن يجف عرقه) أي ينشف، لأن أجره عمالة جسده، وقد عجل منفعته، فإذا عجلها استحق التعجيل، ومن شأن الباعة إذا سلموا قبضوا الثمن عند التسليم فهو أحق وأولى، إذ كان ثمن مهجته لا ثمن سلعته، فيحرم مطله والتسويف به مع القدرة، فالأمر بإعطائه قبل جفاف عرقه إنما هو كناية عن وجوب المبادرة عقب فراغ العمل إذا طلب وإن لم يعرق أو عرق وجف ".
وهذه الوصية النبوية تتعلق بعدم تأخير حق الأجير، وأما عدم إعطاء الأجير أجره ومنعه بالكلية فذلك من كبائر الذنوب، وقد حذر الله تعالى من ذلك وجعل آكل حق الأجير خصما له يوم القيامة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (قال الله تعالى: ثلاثة أنا خصمهم يوم القيامة: رجل أعطى بي ثم غدر، ورجل باع حرا فأكل ثمنه، ورجل استأجر أجيرا فاستوفى منه ولم يعطه أجره).. [رواه البخاري] .
قال المناوي: (ذِكر الثلاثة ليس للتقييد، فإنه خصم كل ظالم، لكنه أراد التغليظ عليهم لغرابة قبح فعلهم)، وقال: (فإن قيل: هؤلاء كلهم ظلمة، والله سبحانه وتعالى خصم لجميع الظالمين، فما وجه التصريح بهذا الحديث بأن الله خصْمٌ لهم؟، والجواب: الله عز وجل وإن كان كذلك إلا أنه أراد التشديد على هؤلاء بالتصريح لفظاعة أمر ذلك في هذه الأشياء، واستقباحه، والله أعلم).
وكذلك حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من ظلم العمال باقتطاع شيئا من أجورهم ولو كان صغيرا، فعن أبي أمامة إياس بن ثعلبة الحارثي - رضي الله عنه - أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من اقتطع حقّ مسلم بيمينه، حرم الله عليه الجنة، وأوجب له النّار، قالوا: وإن كان شيئا يسيرا؟، قال: وإن كان قضيبا عودا) من أراك (سواك).. [رواه مسلم] .
وإذا كان النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالرحمة العامة مع الناس جميعا بل مع الحيوان فقال: (الراحمون يرحمُهم الرحمن، ارحموا من في الأرضِ يرحمكم من في السماء).. [رواه الترمذي]، فمما لا شك فيه أن العامل والخادم داخل في ذلك، فينبغي التعامل معهما برحمة وشفقة، ومن ثم أمر النبي صلى الله عليه وسلم صاحب العمل عدم تكليف العامل أو الخادم ما لا يطيق، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (ما خفَّفْتَ عن خادمك مِن عملِه كان لك أجراً في موازينِك).. [رواه ابن حبان]، وعنأبي ذرٍّ الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِخْوَانُكُمْ خَوَلُكُمْ جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم).. [رواه البخاري] .
ومع الأمر بالمسارعة في إعطاء العامل أجره، وعدم الإنقاص منه، والتخفيف عنه، حث النبي صلى الله عليه وسلم صاحب العمل والمخدوم على شكر العامل والخادم، فالإنسان بطبعه يحب من يحسن إليه ويشكره ويقدر عمله، وشُكْرُ من أسْدَى إلينا معروفا أو صنيعا مِنْ شكرِنا لله عز وجل ، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (لا يَشْكرُ اللهَ مَنْ لا يشكرُ الناس).. [رواه أبو داود] .
قال الخطابى: (هذا يتأول على وجهين، أحدهما: أن من كان من طبعه وعادته كفران نعمة الناس، وترك الشكر لمعروفهم، كان من عادته كفران نعمة الله تعالى وترك الشكر له، والوجه الآخر: أن الله سبحانه لا يقبل شكر العبد على إحسانه إليه إذا كان العبد لا يشكر إحسان الناس ويكفر معروفهم، لاتصال أحد الأمرين بالآخر ).
وقد حرم النبي صلى الله عليه وسلم استغلال العامل، وعدم إعطائه ما يستحق من أجر بسبب حاجته إلى المال: فقال صلى الله عليه وسلم : (لا ضرر ولا ضرار).. [رواه ابن ماجه]، وهذه القاعدة العامة التي وضعها النبي صلى الله عليه وسلم لم تصل إليها النظريات الاقتصادية والقوانين الوضعية، وهي أصل عظيم من أصول الدين، فإن الفرد إذا التزم بصيانة حقوق غيره وعدم الإضرار بها، فإن من شأن ذلك أن تقل المنازعات بين الناس، فينشأ المجتمع على أساس صيانة الحقوق والاحترام المتبادل بين أفراده، وهذا الحديث على قصره يدخل في كثير من الأحكام الشرعية، ويبيّن السياج المحكم الذي بنته الشريعة لضمان مصالح الناس، في العاجل والآجل .
واعتبر النبي صلى الله عليه وسلم إعطاء الأجير حقه من أفضل الأعمال التي يتقرب بها صاحب العمل إلى الله، والشاهد على ذلك حديث النبي صلى الله عليه وسلم عن الثلاثة الذين انطبقت عليهم صخرة وهم في جوف الغار، ودعا كل منهم ربه بأفضل ما لديه من أعمال صالحة، راجيا من الله أن يكشف عنهم المحنة التي أصابتهم، وذكر أن أحد الثلاثة كان أمينا وحريصا على حفظ حق الأجير رغم بُعْد الزمان والمكان، فقال: (اللهم استأجرت أجراء وأعطيتهم أجرهم غير رجل واحد ترك الذي له وذهب، فثمرت أجره حتى كثرت منه الأموال، فجاءني بعد حين، فقال: يا عبد الله، أد إليّ أجري، فقلت: كل ما ترى من أجرك من الإبل والبقر والغنم والرقيق، فقال: يا عبد الله، لا تستهزئ بي! فقلت: لا أستهزئ بك، فأخذه كله فاستاقه فلم يترك منه شيئا، اللهم إن كنت فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج عنَّا ما نحن فيه، فانفرجت الصخرة فخرجوا يمشون).. [رواه البخاري] .
لقد سبق النبي صلى الله عليه وسلم كل الأنظمة والقوانين والمواثيق في حفظ حقوق العمال والخدم بغض النظر عن ديانتهم وجنسياتهم، وجعل العلاقة بين صاحب العمل والعامل أو الموظف أو الخادم أو الأجير تحكمها قاعدة واضحة وهي: أنه على الأجير أن يحسن عمله على الوجه الأكمل ويراقب اللهَ فيه، فقال صلى الله عليه وسلم : (إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملا أن يتقنه).. [رواه الطبراني وصححه الألباني].
وعلى صاحب العمل أن يحفظ للعامل حقه المادي وحقه المعنوي بلا قهر أو إذلال، أو احتقار أو إساءة معاملة، مع معاملته برحمة وشفقة، والمسارعة في إعطائه حقه لقوله صلى الله عليه وسلم : (أعطوا الأجير أجره قبل أن يجف عرقه).. [رواه ابن ماجه] .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.