تنسيق الجامعات 2024.. رابط نتيجة تظلمات طلاب الدبلومات والمعاهد للالتحاق بكليات التجارة    جامعة بنى سويف تشارك في مؤتمر مراكز تميز المياه والزراعة    تحسبًا للتعويم المقبل … 45 جنيهًا زيادة بأسعار الذهب خلال 4 أيام وارتفاع الطلب على السبائك    كاتب صحفى: بوتين وصف انضمام مصر للبريكس بالإضافة القوية    12 شهيداً بينهم أطفال في غارات إسرائيلية على لبنان    أوكرانيا: وحدات كورية شمالية تتواجد حاليا في كورسك    مانشستر يونايتد يتعادل مع فنربخشة في الدوري الأوروبي.. وطرد مورينيو    أول قرار في الزمالك بشأن جوميز بعد هزيمة السوبر أمام الأهلي    أخبار الحوادث اليوم: المعاينة تكشف سبب حريق شقة أبو الليف.. اعترافات صادمة للمتهم بقتل شاب طعنا في العمرانية.. إحالة سائق للجنايات بتهمة دهس شقيقين بالساحل    انطلاق الدورة السابعة من مهرجان الجونة.. حضور مكثف لنجوم الفن.. وتحية خاصة لروح الفنانين الراحلين في 2024.. ونجيب ساويرس: الإنسانية تعاني بغزة ولبنان ورسالتنا أوقفوا الحرب    رئيس جامعة الأزهر: نحرص على تذليل الصعاب لاستكمال بناء فرع دمياط الجديدة    إيران تٌحذر إسرائيل من الاعتماد على نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي    صندوق النقد الدولي يكشف عن الرسوم الجديدة للفائدة    19 شهيداً حصيلة القصف الإسرائيلي على لبنان خلال 24 ساعة    التشكيل الرسمي لمواجهة فناربخشة ضد مانشستر يونايتد فى الدوري الأوروبي    وفق الحسابات الفلكية.. موعد بداية فصل الشتاء 2024    قبل إغلاق العمل بالجهاز المصرفي.. بنك مصر يرفع عوائد الادخار بالدولار.. تفاصيل    سفير القاهرة فى لاهاى يستقبل ممثلى الاتحادات والجمعيات المصرية    محاكمة تاجر خردة لاتهامه بقتل جاره في الجيزة    السجن 6 سنوات لمتهم لاتجاره في مخدر الترامادول    مصر أكبر نظام للتعليم قبل الجامعي بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا| إنفوجراف    نسرين طافش بإطلالة جذابة في افتتاح مهرجان الجونة السينمائي    وزير الثقاقة يكرم الفائزين بمسابقات الموسيقى والغناء بالأوبرا    محظوظ ماليًا.. توقعات برج الثور يوم الجمعة 25 أكتوبر 2024    أمين الفتوى: "حط إيدك على المصحف واحلف" تعتبر يمين منعقدة    خالد الجندي: أنا أؤمن بحياة النبي في قبره    فضل قراءة سورة الكهف قبل الفجر بدقائق.. أسرارها والحكمة منها    قومي المرأة يشارك في جلسة "الشمول المالي.. الأثر والتحديات والحلول"    رويترز : نتنياهو يرحب باستعداد مصر للتوصل إلى صفقة للإفراج عن المحتجزين فى غزة    الثقافة تدشن أول مركز للموهوبين بإقليم شرق الدلتا    قرار رسمي بسحب 3 أدوية من الصيدليات.. من بينها دواء شهير للصرع (مستند)    محمود عنبر: الفترة المقبلة ستشهد تطورا في التبادل التجاري بين دول «بريكس»    وقولوا للناس حسناً.. خالد الجندي يوضح أهمية الكلمة الطيبة في الحياة اليومية    بروتوكول تعاون بين جامعة حلوان و"الصحفيين" لتقديم الخدمات الصحية لأعضاء النقابة    «مُحق في غضبه».. تعليق مثير من عماد متعب بشأن أزمة كهربا مع كولر    تشكيل روما الرسمي لمواجهة دينامو كييف في الدوري الأوروبي    شريف فتحي يؤكد عمق العلاقات الثنائية بين مصر وإيطاليا في مجال السياحة    الجريدة الرسمية تنشر قرار إنشاء صندوق مصر السيادي للاستثمار والتنمية    "حياة كريمة" تحذر من إعلانات ترويجية لمسابقات وجوائز نقدية خاصة بها    كلاسيكو إنتر ميلان ويوفنتوس في قمة الدوري الإيطالي    مدبولي يستقبل الشوربجي: نحرص على تذليل التحديات أمام المؤسسات الصحفية    عرض الحلقة الأخيرة من مسلسل برغم القانون ل إيمان العاصى الليلة على on    حب فى ظروف غير ملائمة    وزير الأوقاف: مصر تهتم بالمرأة في شتى مناحي الحياة    بث مباشر.. انطلاق الحفل الختامي للمؤتمر العالمي للسكان    3670 حافظا للقرآن ومبتهلا يتقدمون للمنافسة المحلية المؤهلة لمسابقة بورسعيد الدولية    مديرية أمن الأقصر تنظم حملة للتبرع بالدم    "إيتيدا" و"القومى للاتصالات" يختتمان برنامج التدريب الصيفى 2024 لتأهيل الطلاب    الابن العاق بالشرقية.. حرق مخزن والده لطرده من المنزل    المشدد 5 سنوات لعاطلين شرعا في قتل سائق "توك توك" وسرقته بالمطرية    ضبط عامل بالفيوم لقيامه بإدارة ورشة لتصنيع الألعاب النارية والإتجار فيها    5 قرارات من النيابة العامة في حادث لاعبي فريق دراجات نادي 6 أكتوبر (خاص)    تداول 55 ألف طن بضائع عامة ومتنوعة بموانئ البحرالأحمر    الطقس اليوم.. استمرار الرياح على البلاد وأمطار تضرب هذه المناطق بعد ساعات    جيرارد: صلاح مهووس باللعبة.. أتحدث عنه باستمرار.. وأتمنى بقاءه    سيميوني: ركلة جزاء غير صحيحة منحت ليل الفوز على أتلتيكو    القوات المسلحة تحتفل بتخريج دفعات جديدة من المعاهد الصحية    أول إجراء من الزمالك ضد مؤسسات إعلامية بسبب أزمة الإمارات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ريتشيل كوري ..عبور جرافة على جسد ''الإنسانية'' (بروفايل)
نشر في مصراوي يوم 07 - 07 - 2014

في السابع من أكتوبر 1979، بعثت السعادة بنسائمها لآل ''كوري''، ابنة جديدة تنضم لأخوين اثنين صبي وفتاة أخرى، على أعينهم ظلت تكبر ''ريتشيل''، تتقافز بالمنزل، مرحة، مميزة، غريبة في نظر الآخرين، في أولمبيا بولاية واشنطن الأمريكية، أخذ الأب يسقيها خبرة العمل بمجال التأمين الصحي؛ مساعدة الناس، احترامهم، الإثار، تحنو عليها الأم على أنغام الموسيقى التي تهواها، تتهجى مع الألحان الحب، وعمل ما تؤمن به.
بالخلفية كان رفاق ''ريتشيل كوري''، اعتدلت في وقفتها أمام الكاميرا، تلقي كلمات خُطت بورقة صغيرة بدأت ملامح وجهها تتغير، تتطبع بجدية القضية وإن لم تغب البراءة عنها، كانت تنظر للورقة بين الحين والآخر إلى أن جاء الحديث عن الحلم، لم تعد بحاجة لما يُذكرها به، أو يحيدها عن قوة يقينها في تحقيقه ''سيصبح حلمي حقيقة إذا نظرنا للمستقبل ورأينا نوره الساطع''.
في الجانب الأخر من العالم كانت ''الجرافات'' تتقدم، ''الهدم'' غايتها، يتوقف لهو صغار ''فلسطين''، بينما تعيد ''ريتشيل'' مع أسرتها كلماتها الأولى أمام الكاميرا، تبغض هي ''الجرافات''، أيا ما كان مكانها، زمانها، إن اتخذت من الفكر وقود، أو الظلم سبيل، تحيد عنها متمسكة بطريقها في نبذ العنف ومساندة الجانب الأضعف وإن لزم الأمر تصدت لها، فلا تعبر إلا على جسدها.
الطفلة التي سافرت إلى روسيا -في نظام تبادل الطلاب- وهى لم تتخط الخامسة عشر بعد، تتعلم، تتعايش مع أناس لم ترهم من قبل، تدرك معنى تقبل الآخر، لذا حين وقعت الواقعة على أرض فلسطين، كانت القضية شغلها الشاغل.
دماء، تشريد، غربة داخل الوطن، ''محتل''. تتحرك ''الجرافة'' تُخلف وراءها ركام بيوت، أغصان الزيتون تصرخ دون مجيب. دون غيرها من الجامعات تلتحق الفتاة العشرينية بجامعة ''ايفرجرين'' بواشنطن، المعروفة بنشاطها الحقوقي، تنهل من القراءة خاصة في السياسة الخارجية، تناقش، تستمع، تبنى نظرتها الخاصة، تؤمن بدور المواطن الأمريكي، أو هكذا أرادت، تبحث عن الطرف الأضعف لتناصره، لازال يراودها حلم الطفولة بأن يأتي عام 2000 وقد تم القضاء على الجوع في العالم أسره، وإنقاذ آلاف الأشخاص الذين يموتون يوميًا.
الحادي عشر من سبتمبر 2001، ينهار برجي التجارة العالمي، ومعه أفكار كثيرة، تتزاحم الجرافات لإزالة آثار ''الهدم''، تزداد حدة العداء، ''أمريكا تحارب الإرهاب''، العرب وراء الحادث، ''لماذا يكرهوننا؟'' ظلت تسمع ''ريتشيل''، ظنت أنها الحرب العالمية الثالثة، نأت بنفسها، أخذت تبحث عن مسببات الحادث ونتائجه، انضمت لحركة ''أولومبيا للعدالة والسلام''، راقبت ما يحدث بالعراق، السياسة الأمريكية الخارجية، حركات السلام العالمية والأهداف التي تسعى لتحقيقها، طالما توقفت عند ''فلسطين''، يحدثها الرفاق عن الواقع، لكن مثاليتها كانت دافعها دائمًا لرؤية الأمور، خاصة وهى الحالمة بأن تصبح ''أول امرأة ترأس أمريكا''، أدركت أن الصورة الكاملة ستظل ممهورة إلى أن تبصرها بعينيها، لذا انضمت عام 2003 لحركة ''التضامن الدولية''، وودعت عائلتها متوجهة إلى الأراضي المحتلة، قد وجدت ضالتها في مناصرة الجانب الأضعف.
أمريكا تعلن عن موقفها الدائم الداعم ل''إسرائيل''، تتحدث عن حقها في الدفاع عن نفسها، وضرورة التزام فلسطين ببنود اتفاقيات وقف إطلاق النار، والجلوس على طاولة المفاوضات، بينما ''رايتشل'' في رفح وقت انتفاضة فلسطين الثانية، الواقع أكثر قسوة مما تخيلت ''تعرض الأطفال للقتل وإطلاق النار''، منازل تُهدم كل بضعة أيام وأحيانًا بشكل يومي، ''توقف.. توقف'' باتت كلمة مكررة لها مع رفاق الحركة وقت تصديهم ل''الجرافات''.
شهران، من رفاهية الحياة إلى إطلاق نار لا يتوقف فوق الرؤوس، وظلام مكثت فيه برفقة أصدقاء الموطن والفكرة وأهل المصاب من فلسطين، ترسل لوالديها، تشاركهم رؤيتها، كأنما كانت تعلم أن اللقاء لن يتكرر.
تتقدم الجرافات، تجمع المراقبون، بينهم كانت ''ريتشل'' بسترة برتقالية اللون حال نشطاء الحركة، على بعد 30 متر من ''الجرافة'' جلست لمنع هدم أحد المنازل، ''لم يستطع السائق رؤيتها'' هكذا بررت قوات الجيش الإسرائيلي، مُنعت حركة التضامن الدولية من دخول فلسطين بعد ذلك اليوم، الأحد16 مارس 2003، يرن الهاتف، تصرخ الأم ''ماتت رايتشل.. قُتلت''.
ساق في الهواء، جسد ملتوي بدرجة كبيرة، شفاه ممزقة، كدمات حول العين ظهرت سريعًا، الضغط يرتفع، نزيف بالدم داخل الرأس، وكأنها المرة الأولى التي تشعر بالانكسار، ''الجرافة'' تواصل طريقها على جسدها لهدم المنازل ولا مجيب، فلفظت آخر كلماتها ''ظهري مكسور'' لصديقتها الناشطة البريطانية ''أليس كوي''، تهم الأيدي تتلقفها، بالمستشفى كان الإجراء اعتيادي، محاولة انقاذ لعل وعسى، لكن عينا ''ريتشل'' انطلقت لوجهتها، لم تتقدم قوات ''الاحتلال'' بأي اعتذار كما تم رفض الدعاوى القضائية المرفوعة.
يتحدث البعض في بلادها أن ذلك ''جزاء'' خيانة الوقوف لجانب ''الإرهاب''، ويجدي سعيها في أخرين ساورهم الفضول لمعرفة القضية الفلسطينية بعد رحيلها، ويخبر ياسر عرفات والدتها ''ابنتك أصبحت ابنة كل الفلسطينيين''، أما ''ريتشيل'' فتعود ابتسامتها لسابق عهدها، بينما جسدها يلتحف بالعلم الفلسطيني وتحملها الأيدي قبل شهر من تمام عامها ال24 إلى مثوى أخير، مرددة كلماتها الأولى وهى بسن العاشرة ''أنا هنا من أجل الأطفال الآخرين...أنا هنا لأنني أهتم''.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.