احتفالاً بذكرى انتصارات أكتوبر.. فتح جميع المتاحف والمسارح مجانًا للجمهور    رئيس جامعة الزقازيق يتفقد سير العملية التعليمية بالجامعة الأهلية    وزير الإسكان يتابع موقف تشغيل مشروع "The Zen" للسياحة العلاجية    محافظ بنى سويف يشارك فى افتتاح معرض منتجات النباتات بالفيوم    محافظ المنوفية يتابع آخر مستجدات منظومة التصالح على مخالفات البناء    وزير المالية: زيادة مساهمة دور القطاع الخاص يتصدر أولويات الإصلاح المالى والاقتصادى    محافظ الأقصر يبحث شكاوى المواطنين فى اليوم المفتوح    ارتفاع القيمة السوقية للبورصة 14 مليار جنيه ختام تداولات اليوم    انتخابات أمريكا.. "CBS" تكشف كواليس استعداد والز وفانس لمناظرة نواب الرئيس    فصائل فلسطينية: دمرنا ناقلتى جند للاحتلال وأوقعنا طواقم الآليات    رئيس الوزراء الروسى يصل طهران فى زيارة رسمية    اللجنة الدولية للصليب الأحمر في لبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    أبو الغيط: انتهاك السيادة اللبنانية قد يؤدي إلى اتساع رقعة الصراع    ناصر منسي: توقعت التسجيل في السوبر الأفريقي.. وبكيت قبل المباراة    وزير الرياضة يستعرض ملامح الرؤية المستقبلية للإعداد لأولمبياد 2028    ناصر منسي: إمام عاشور صديقي.. وأتمنى اللعب مع أفشة    إصابة 4 أشخاص فى انفجار أنبوبة غاز بقرية ميت الخولى بالدقهلية    غدا.. انخفاض طفيف بالحرارة وفرص أمطار ببعض المناطق والعظمى بالقاهرة 30 درجة    مصرع شخص دهسته سيارة أثناء عبوره الطريق بمدينة نصر    إحباط تهريب 71 هاتف محمول وأجهزة تابلت بمطار الغردقة الدولي    سرق 2000 جنيه.. ضبط أب عذب نجله حتى الموت بالمطرية    انطلاق الدورة السابعة من مهرجان أيام القاهرة الدولي للمونودراما غدا    «هَنو» يجتمع بأعضاء المجلس الأعلى للثقافة لبحث آليات تطوير منظومة العمل    وزارة الثقافة تعلن فتح باب التقديم لجائزة الدولة للمبدع الصغير غدا    عن الاستشراق والاستغراب: أيام وليالى عام 1530    صحة المنوفية: الانتهاء من فحص 13434 طالب في اليوم الثاني لمبادرة الأنيميا    لا تهمل صحتك.. عادات يومية تمنع الإصابة بالنوبات القلبية    صحة سوهاج: تقديم خدمات طبية مجانية ل7000 مواطن ضمن مبادرة "حياة كريمة"    حملة 100 يوم صحة قدمت أكثر من 95 مليونا و681 ألف خدمة مجانية خلال 60 يوما    القنوات الناقلة لمباراة النصر والريان في دوري أبطال آسيا 2024-2025 اليوم    تسييم شماسا جديدا في مطرانية القدس الأنچليكانية الأسقفية    معهد البحوث: الإكزيما تصيب من 15 إلى 20% من الأطفال عالميا    ريفر بليت يسقط على أرضه أمام تاليريس كوردوبا    يحتل المركز الأول.. تعرف على إيرادات فيلم "عاشق" لأحمد حاتم أمس في السينمات    جالانت: الجيش سيستخدم كل قدراته العسكرية في مناورة برية وهدفنا إعادة سكان شمال غزة لمنازلهم    جريزمان يلاحق ميسي بإنجاز تاريخي في الليجا    النيابة تواجه متهمى واقعة السحر لمؤمن زكريا بالمقاطع المتداولة    وكيل تعليم دمياط يتفقد سير اليوم الدراسي بعدة مدارس    وزير الإسكان يتفقد سير العمل بمحطة تنقية مياه الشرب بمدينة أسوان الجديدة    إحلال وتجديد مدخل المنطقة الصناعية بالطرانة بحوش عيسى في البحيرة    المؤتمر: تحويل الدعم العيني لنقدي نقلة نوعية لتخفيف العبء عن المواطن    نبيل علي ماهر ل "الفجر الفني": رفضت عمل عشان كنت هتضرب فيه بالقلم.. وإيمان العاصي تستحق بطولة "برغم القانون"    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    بعد واقعة مؤمن زكريا.. داعية: لا تجعلوا السحر شماعة.. ولا أحد يستطيع معرفة المتسبب فيه    انطلاق أولى جلسات دور الانعقاد الخامس لمجلس النواب.. غداً    حرب كلامية بين ترامب وهاريس.. اتهمته بالعمل للأثرياء ووصفها ب«المختلة»    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    نتائج جهود الأجهزة الأمنية بالقاهرة لمكافحة جرائم السرقات    «المالية»: إطلاق مبادرات لدعم النشاط الاقتصادي وتيسيرات لتحفيز الاستثمار    نائب الأمين العام لحزب الله يعزي المرشد الإيراني برحيل "نصر الله"    بالصور.. محافظ أسيوط يجلس على "ديسك" مع طالبات في مدرسة المطيعة الثانوية المشتركة    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    أمين الفتوى: كل قطرة ماء نسرف فيها سنحاسب عليها    بعد خسارة السوبر الأفريقي.. الأهلي يُعيد فتح ملف الصفقات الجديدة قبل غلق باب القيد المحلي    «القاهرة الإخبارية»: أنباء تتردد عن اغتيال أحد قادة الجماعة الإسلامية بلبنان    «الإفتاء» توضح حكم تناول مأكولات أو مشروبات بعد الوضوء.. هل يبطلها؟ (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



''آل حمدون''.. 60 عامًا وسط المقابر ''إحنا ولِّفنا على الحياة هنا''
نشر في مصراوي يوم 26 - 11 - 2013

لم يكن يفصلها عن ازدحام القاهرة شيئًا سوى أن قدسية الموت تحلق حولها؛ فبعد خطوات قليلة من السير داخل منطقة مقابر السيدة نفيسة تظهر أمارات الحياة وإن كانت قليلة، طفل يلعب، سيدتان تسيران بتؤدة تتبادلان الأحاديث، رجل يجلس على حافة ''مصطبة'' بجانب بيته، أو للدقة ''الحوش'' الذي يسكن به.
جلباب رمادي اللون وعمامة على الرأس، لغة صعيدية لا تخطئها أذن، ترحيب يبدأ بمجرد دخول باب ''الحوش''، ''محمد حمدون'' ذو السبعين عامًا، يقطن مع زوجته وابنته ''أم زياد'' بمنطقة المقابر، دستوره في الحياة هو العمل ثم يأتي أي شيء عقب ذلك.
تعتبر سوهاج مسقط رأس ''حمدون''؛ فيها ولد وعاش بضعة أعوام قبل انتقاله لصخب القاهرة وسكنه مع أسرته ''إحنا هنا من أيام جمال عبد الناصر، وقبله، وأنا صغير شُفت الموكب بتاع الملك فاروق كان معدي قريب من هنا ناحية السيدة زينب''.
تفاصيل منطقة المقابر؛ حيث يسكن ''حمدون'' لم تتغير كثيرًا، ولكن ما تغير من وجهة نظره ''أخلاق الناس، كان فيه احترام''؛ حيث يرى أن السياسة هي ما أفسدت الأخلاق ''اللي بيقتل واحد ده يقتل ليه، حسني مبارك ومرسي مشيوا مش مشكلة، بس إحنا ذنبنا إيه نموت في الوسط''.
''تبّاع'' على سيارة لنقل الطوب والأسمنت وحارس عقار وعامل بالأجرة، ومهن أخرى عمل بها الرجل السبعيني لا يتذكرها ''المهم يكونفي شغل وخلاص''، السعي على الرزق هو ما يشغله كل يوم ''السياسة مش هتأكل عيالنا''، على حد قوله.
رغم توافر متطلبات الحياة داخل سكن ''حمدون'' من مياه وكهرباء، إلا أن المنطقة لا تخلُ من أعمال البلطجة، وإن لم تكن كثيرة ''مفيش حتة مفيهاش بلطجية في البلد، حتى الصعيد كان زمان مفيهوش حاجة، دلوقتي مليان بلطجة وخطف''.
تعاقب الحكومات والرؤساء لم يغير معيشة ''حمدون'' في شيء، التسهيلات التي وعد بها مرشحي مجلس الشعب، ومرشحي الرئاسة لسكان المقابر لم تحدث، ولم يشعر بها الرجل السبعيني ''من يوم ثورة يوليو وإحنا هنا، حكومات تيجي وحكومات تروح وإحنا زي ما إحنا''، وهذا ما جعله يعمل يومًا بيوم حتى الآن ''عشان أربي كوم اللحم اللي ورايا''.
في نفس ''الحوش'' كانت ''أم زياد'' ابنة ''حمدون'' تنشغل بإعداد طعام الغذاء لأولادها، تدبر أمرها كأي سيدة مصرية، وسط لهو ثلاثة أطفال بعمر البراعم ''زياد ومراد وإسراء''؛ يلهون حولها بعد انتهاء يومهم الدراسي، لا يجدون وسائل للتسلية إلا في الرمال وأدوات المنزل البسيطة.
''أم زياد''، لم يتجاوز عمرها الثلاثين عامًا، تعيش مع زوجها وأطفالها الثلاثة فى غرفة بمنطقة المدابغ بعين الصيرة، لكنها تفضل أن تقضى أغلب وقتها فى النهار مع والدها المسن بمنطقة مقابر السيدة نفسية ''ريحة المدابغ صعب جدًا استحملها أنا والعيال''.
''إحنا ولِّفنا على الحياة هنا''، بتلك الكلمات وصفت ''أم زياد'' حياتها وسط الأموات، فقد ولدت في ذات المكان وعاشت به حتى بعد زواجها مع والدها ووالدتها وشقيقها بين غرفتين مجاورتين ل''حوش'' كبير بأحد المدافن.
كانت السيدة الثلاثينية في صغرها تخشى الدخول إلى حوش القبور الملحق بمنزلهم، ومع الاعتياد لم تعد تخشى المكوث بين جنبات المقابر، لا تعبأ ''أم زياد'' كثيرًا بتفاصيل السياسة، لا يشغل بالها مواد الدستور التي تناقش على شاشات التليفزيون، رغم متابعتها بعض برامج السياسة واهتمامها بالأوضاع ''عشان البلد تهدى''.
''للأسف كل واحد بيجي، بيجيب اللي تبعه عشان يخدم مصالحهم''، هكذا عبرت ''أم زياد'' عن رأيها في السلطة؛ فعدم إكمالها التعليم لم يبعدها عما يحدث في الشارع لكنها؛ فهي تحزن لكل هذا العدد الذي يموت من المصريين، متمنية أن ''كل واحد يعمل اللي عليه''، لأنها لم تشاهد أي مسؤول سياسي أو حكومي طوال مكوثها بالمقابر، للسؤال عن احتياجاتهم أو مطالبهم.
قضت ''أم زياد'' العيد هذا العام مثل سابقه، وسط أولادها وأهلها، دون ملابس عيد أو نزهة؛ فضيق ذات اليد قيدها هي وزوجها ''الأرزقي'' الذي يبيع الدجاج لسد حاجة بيتها، لا تتمنى ''أم زياد'' سوى تربية أولادها وتعليمهم ليكونوا صالحين.
لمتابعة أهم وأحدث الأخبار اشترك الآن في خدمة مصراوي للرسائل القصيرة.. للاشتراك...اضغط هنا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.