جلس ''عبده لطفي السيسي'' في منزله وسط أحزانه وهمومه التي فاقت قدرته؛ فمنذ أيام قليلة كانت ابنته ''ميسون'' التي لم تكمل عامها الرابع بعد، تلعب وتلهو بضحكاتها وسط ذلك المنزل، حتى لاقت مصرعها في المنزل ذاته حرقًا. ''ميسون'' ..طفلة مصرية لأب وأم يعشقونها ويربونها مع شقيقتها ''إيمان'' بمدينة بورفؤاد في محافظة بورسعيد، وفى يوم من الأيام، اصطحب ''عبده'' زوجته المريضة بالكلى للغسيل في القاهرة، تاركًا ابنتيه مع جدتهما في المنزل، والتي في نفس الوقت استقبلت عمال شركة الغاز من أجل أعمال الدهان، التي تتطلب استخدام مواد سريعة الاشتعال. وفي وسط تلك الأجواء، كان الطفلتان الصغيرتان تلعبان على سلم المنزل، بينما جلست جدتهما تراقبهما، في الوقت الذي تسببت فيه ''سيجارة'' مشتعلة من أحد العمال بتفاقم الوضع، ليشتعل ''جردل'' من المواد المستخدمة في الدهان، يتحرك على إثرها العامل ب''الجردل'' المشتعل في المنزل باحثًا عن مكان لإلقائه. وتحكي الجدة ما حدث على لسان والد الطفلة الذي يقول: ''أول ما الجردل ولع، خرج العامل ذاهبًا إلى البلكونة وجدها مغلقة، ثم ذهب إلى باب الشقة مباشرًة حتى ألقى الجردل الذى لم يتحمل الاشتعال طويلاً على الفتاة ''ميسون''، ولم تفلح الجدة بعدها في إنقاذ الفتاة، بعد حريق من الدرجة الأولى أشعل جسدها، وأشعل يد الجدة التي حاولت أن تطفئ النار ولم تنجح''. صرخت الجدة وهى ترى الفتاة تشتعل، واستنجدت بحارس العمارة، لكن دون جدوى، حتى تحولت إلى كتلة من النار نُقلت على إثرها إلى مستشفى بورفؤاد العام ، بعد أن أكد الأطباء بالمستشفى إنها جاءت كتلة متفحمة، وقالت الطبيبة للأب :''إحنا كنا بنقص جلد بنتك وإحنا كنا عايزين نشيل الهدوم''. صمت الأب المكلوم لحظات حابسًا دموعه على ابنته الصغيرة؛ فنار الإهمال التي تسببت في وفاتها لم تحرقها فقط، لكنها أكلت قلبه حزنًا، ولم تترك له غير الرضا والحمد على قدره الأليم، ليقول :'' بعد وقوع الحادثة، اختفى العاملان فجأة، كأنهم فص ملح وداب، بعد أن أخذوا معهم كل أدوات الجريمة من الأدوات التي يستخدمونها''. ويتابع الأب الحزين: ''للأسف دي جريمة مكتملة الأركان نتيجة الإهمال والتسيب والجهل، ورفعت قضية متهمًا أربع أشخاص أولاً العمال، ثانيًا المهندس المسؤول عن تعيينهما، وثالثًا المهندس رئيس الشركة، ورابعًا وزير البترول المصري بتهمة الإهمال والقتل العمد، وللأسف دي أول مرة أدخل النيابة''، على حد قوله . وأضاف '' السيسي'': '' أنا مبقدرش أعد فى البيت لأني مش قادر نفسيًا، وأمها تعيش بعد الحادثة عند والدتها تأثرًا بالحادث، صوت بنتي لسه بيرن في ودني، وهى بتقولي يا بابا هات لي حقي''. ويتابع الأب: ''لله ما أخذ ولله ما أعطى، كل اللي أتمناه أن القانون يأخذ مجراه حتى لا تتكرر تلك المهزلة مرة أخرى مع أي شخص، فإننا لا نشكو الله لكن نشكو الإهمال''، مضيفًا:'' بنتي لو كانت بنت حد من المشاهير كانت خدت حقها بعد الجريمة اللي حصلت''، على حد قوله .