منذ تراجع الاحتياطي النقدي لمصر إلى مستويات حرجة منذ بداية الثورة، وتأكيد البنك المركزي المصري على إعطاء الأولوية في فتح المعتمدات المستندية بالدولار للسع الأساسية والضرورية، يشهد السوق نقص في العملة الصعبة، مما أدى ارتفاعه أمام الجنيه بأكثر من 1.80 قرش، بالإضافة إلى وجود السوق السوداء والتي تخطى فيها الدولار ال8 جنيه، بسبب نقص المعروض منه. وكان هشام رامز محافظ البنك المركزي، أكد في تصريحات سابقه له، انه سوف يقوم بضرب أوكار السوق السوداء للدولار، ووضع نظام جديد لشركات الصرافة للتعامل في العملات الأجنبية قريباً، فيما قدر مستشار وزير المالية المصري الدكتور عبد الله شحاتة حجم الدولارات التي يجري تداولها في السوق السوداء بنحو مليار دولار. ويرى بعض الخبراء أنه ليس أمام رامز أي طريق لضرب السوق السوداء للدولار ومواجهة ارتفاع العملة الصعبة أمام الجنيه، إلا من خلال إحداث حالة من التوازن بين العرض والطلب للدولار في السوق، مطالبين بعدم الاهتمام بالسوق السوداء الذي لا يمول إلا السلع الاستفزازية والغير ضرورية، وان الأهم السعر المعلن في البنوك الذي يمول أكل الشعب، على حد وصفهم. بينما يرى الصناع أن الأسلوب الأمثل لمواجهة صعود العملة الصعبة أمام المحلية، هو الحد من الاستيراد على السلع التي لها مثيل محلي، أو الاستفزازية، حيث يروا أن أغلب فاتورة الاستيراد في سلع لاتهم معظم الناس. الحل في التوزان قال جلال الجوادي مدير الرقابة على النقد سابقاً بالبنك المركزي، إنه لا يوجد أي وسيلة لمحابة سوق السوداء للدولار في مصر، بغير إحداث توازن بين العرض والطلب للعملة الأجنبية.
وأكد مدير الرقابة على النقد السابق، في تصريحات لمصراوي، على أن البنك المركزي لا يستطيع التدخل بأي وسيلة في الوقت الحالي من أجل محاربة السوق السوداء للدولار، خصوصاً في ظل تراجع الاحتياطي النقدي لمصر إلى مستويات حرجة، والذي يمثل الطريقة الوحيدة في توفير الدولار بالأسواق من أجل محاربة ارتفاع السعر.
وطالب ''الجوادي'' من هشام رامز محافظ البنك المركزي بتثبيت سعر الدولار في البنوك الوقت الحالي، وعدم رفعه أكثر منذ ذلك، لافتاً إلى أن ارتفاعه قرش أو قرشين يعمل على مضاعفة سعره في السوق السوداء.
وأضاف ''هناك قاعدة تقول (العلاقة بين السعرين.. كلب يطارد أرنباً)، وعندما ترتفع التسعيرة الجبرية للدولار في البنوك يرتفع بشكل مضاعف في السوق السوداء، وفي المقابل لا يوجد أي إجراءات اقتصادية، طالما هناك خلل في مصادر النقد الأجنبي''.
وعن وعود رامز بتوجيه ضربة للسوق السوداء للدولار، قال إن الطريقة الوحيدة التي أمامه هو أن يقوم باستخدام إجراء بوليسي في القبض على تجار العملة وأصحاب شركات الصرافة وهو ما قد يؤدي إلى زيادة سعر الدولار بأضعاف ما هو عليه الآن، قائلاً'' تم اتباع ذلك الأسلوب من قبل، مما أدى إلى زيادة الطين بله، وإذا تم اتباعه في الوقت الحالي قد يؤدي إلى كارثة وسوف يسئ السعر أكثر خصوصاً مع عدم وجود عرض متوازن والمتسبب في عدم وجود سقف للصعود''.
رفع الجمارك والحد من الاستيراد
قال المهندس مجد الدين المنزلاوي رئيس لجنة الجمارك باتحاد الصناعات المصرية، إن أحد الأساليب التي تساعد على تغلب مشكلة ارتفاع الدولار والسوق السوداء، نقوم بالحد من الاستيراد على بعض سلع تامة الصنع التي لها بديل محلي، من خلال رفع نسبة الجمارك عليها.
وأوضح في ساق تصريحاته لمصراوي، أن هناك من السلع التي يمكن أن ترفع مصر الجمارك عليها دون أن تخل بتعهداتها أمام منظمة التجارة العالمية، لافتاً إلى أن هناك العديد من فئات السلع بنود فئة الجمارك لها 10% والتعهد أمام المنظمة 60%، أي مما يسمح لك برفع نسبة الجمارك أكثر من مرة.
وأكد على أن اتخاذ تلك الخطوة يعطي فرصة لتقليل حجم الاستيراد مما يخفف الضغط على العملة المحلية، وكذلك رفع دخل الموازنة العامة للدولة، وفي المقابل تعظيم دور الصناعة الوطنية وإفادة السوق المحلي منها.
وعن قول بعض التجار أن المنتج المحلي لا يستطيع تغطية احتجاجات السوق مما يتطلب الاستيراد، قال ''إن وارادت الكثير من التجار بالسلع الترفيهية التي ليس لها علاقة أساساً بمحدودي الدخل، والتاجر الذي يتحدث عن عدم كفاية الإنتاج المحلي لم يحاول أن يشتري من الإنتاج المصري يستورد فقط''.
ونوه إلى أن لجنة الجمارك بالاتحاد تقدمت بطلبات إلى وزارة الصناعة، كما عقدت العديد من الاجتماعات والنقاشات مع مصلحة الجمارك والأمانة العامة للتعريفة الجمركية، من أجل رفع التعريفة الجمركية على بعض السلع تامة الصنع التي لها مثيل محلي، مؤكداً على أن حل أزمة الدولار يكمن في حزمة من الإجراءات البنكية والاقتصادية لضبط الأسواق.
وأشار المنزلاوي، إلى أن تأثير ارتفاع الدولار على الصناعة المصرية له شق سلبي وإيجابي، لافتاً إلى أكثر المتضررين من الصناع، تلك المصانع التي تعتمد على مكونات مستوردة من الخارج، والتي تحتاج إلى تدبير الدولار بالسعر المرتفع مما يعمل انكماش في السوق نتيجة رفع سعر السلعة وبالتالي تراجع الطلب وتقليل الإنتاج.
وأضاف أن المصانع التي تعتمد على مكونات محلية في التصنيع لا يؤثر عليها ارتفع الدولار، بل يمثل مؤشر إيجابي يعمل على تعظيم الرباح لها نتيجة أنها تصدر بالعملة الأجنبية، مما يعمل على رفع القيمة التصديرية لها، لافتاً إلى أنه من الصعب تحديد أي فئة يتكون منها السوق المحلي، وتختلف على حسب نوع الصناعة.
السوق السوداء ستنتهي قريباً
وتوقع أحمد آدم خبير المصرفي، أن تنتهي السوق السوداء للدولار قريباً، خصوصاً مع ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء بشكل كبير، مما يؤدي إلى رفع سعر السلعة المستوردة، مقابل التي لها بديل محلي، وعندها سوف يتوجه الأفراد إلى شراء السلعة المصرية، مما يؤدي إلى وقف الاستيراد وانتهاء السوق السوداء مع مرور الوقت، مؤكداً على أن السوق السوداء للدولار معظمها في سلع مستفزة لا تؤثر على الاقتصاد.
ويرى الخبير المصرفي أن السوق السوداء للدولار، تضر أكثر بالنسبة للمستوردين للسلع المستفزة والغير ضرورية مثل أكل القطط، وليس السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج التي تهم المجتمع، مطالباً بعد الاهتمام في السعر الذي يتم إعلانه في السوق السوداء، حيث الذي يهم المجتمع اكثر هو سعر المعلن في البنوك الذي يمول السع الأساسية.
وأشار خلال تصريحاته لمصراوي إلى إن الطلب الغالب على الدولار في فتح المعتمدات المستندية بالبنوك وفقاً للسعر المعلن، يكون للسلع الضرورية ومستلزمات الإنتاج التي ليس لها مثيل محلي، قائلاً '' إذا كان الدولار يرتفع في السوق السوداء على أكل الأغنياء والسلع الاستفزازية لا توجد مشكلة، وفي المقابل البنك المركزي يعمل على توفير أكل الشعب والضرورية من السعر المعلن في البنوك والذي لايزيد في الشهر أكثر من نصف في المئة، فالمهم ان توفر المستلزمات الضرورية من السعر المعلن''.
وعن ارتفاع سعر بعض السلع بسبب الدولار، أوضح أن تراجع الجنيه ''قرش'' واحد أمام الدولار، يعمل على زيادة فاتورة الاستيراد بنحو 580 مليون جنيه، ولذلك من الطبيعي أن ترتفع على المستهلك.
وعن قول محافظ المركزي هشام رامز انه سوف يوجه ضربة قوية إلى السوق السوداء للدولار، قال ''حرب نفسية تستخدم من أجل تخويف الأفراد''.
وأكد ''آدم'' أن ما أعلن عنه أن ليبيا والعراق سوف يدعمون الاحتياطي النقدي لمصر، -والذي لا يعلم مدى صحته- كان من الممكن أن يؤدي إلى استقرار سعر الدولار أمام الجنيه، وتراجعه