وجد إليوت هيغنز دليلًا على استخدام القنابل العنقودية في سوريا، كما كشف مؤخرًا عن وجود أسلحة كراوتية بأيدي المجموعات الجهادية. وردّ على العديد من الشائعات والدعايات بالأدلة الثابتة. كل هذا من دون أن تطأ قدماه سوريا أو أي منطقة حرب. يروي هيغنز لاذاعة هولندا العالمية كيف أصبح خبيرًا في الأسلحة وهو جالس أمام جهاز الكومبيوتر. تحت اسم براون موسى (وهو اسم مستعار من أغنية فرانك زابا) كتب هيغنز (34 عامًا) في مدونته عن استخدام الأسلحة في الصراع السوري. لم يزر هيغنز سوريا أبدًا ولا أي منطقة تشهد حروبًا، ولم يتدرب أبدًا كخبير اسلحة. كان يعمل كمساعد إداري، حتى فقد وظيفته في شهر اكتوبر من العام الماضي. يجلس هيغنز كل يوم في منزله، في ليستر بشمال انجلترا، لمشاهدة مئات الافلام على موقع يوتيوب. مضخة دراجة هوائية يقول هيغنز أنه لاحظ انّه قد التقط شيئًا مميزًا في الصراع الدائر، عندما اكتشف استخدام القنابل العنقودية في سوريا وهو ما التقطته أيضاً منظمة هيومن رايتس ووتش. منذ اللحظة الأولى للحديث عن القنابل العنقودية، جمع هيغنز قاعدة بيانات من 500 شريط فيديو تظهر بالدليل استخدام هذه القنابل في جميع أنحاء البلاد. لا ينظر هيغنز بعين ناقدة إلى الادعاءات الحكومية فقط، بل يقوم أيضًا بدراسة أفلام الفيديو الخاصة بالنشطاء والمقاتلين بالإضافة إلى أشرطة الفيديو الحكومية.
عندما قام النشطاء بوضع فيلم فيديو يدعي أنَّ هناك دليلًا آخر على استخدام القنابل العنقودية، استطاع هيغنز- بمساعدة شبكته على مواقع التواصل الاجتماعي- أن يبرهن أن هذا في الواقع لم يكن سوى مضخة لدراجة هوائية. يقدر السوريون عادة عمله ''حتى ولو لم يظهر دائمًا الجانب الجيد للمعارضة''. لكن الهجمات تشن على براون موسى من الجانبين ايضًا. ''قبل قصة الأسلحة الكراوتية، كان بعض الموالين للأسد يطلقون علي اسم CIA و15M (المخابرات الأمريكية والبريطانية) وأسماء اخرى. وبعد أن كشفت عن وجود الاسلحة الكراوتية التي وصلت إلى مجموعات مثل جبهة النصرة، بدأ بعض المؤيدين للجيش السوري الحر يصفوني بالكاذب وبأنني ضد الثورة ومن الموالين للأسد''. تصحيح الهراء اهتمام هيغنز بالربيع العربي دفعه إلى العمل هذا ''مواقع التواصل الاجتماعي تسمح للناس العاديين بالاطلاع بشكل غير عادي على الأحداث'' يقول هيغنز لاذاعتنا. ''هناك مئات الآلاف من أشرطة الفيديو عن الصراع السوري. لكن من ضمنها يوجد الكثير من الهراء، إذ لدى الجماعات المختلفة أجندتها الخاصة''. كونه لا يريد أن ينشر سوى ''المعلومات الصحيحة 100%'' بدأ بالتدقيق بكل ما ينشر حول الأسلحة. ''من الصعب جدًا تزوير قنبلة'' يوضح المدون الانكليزي في حديث له مع محطة NOS التلفزيونية الهولندية ''بنيت معلوماتي قنبلة قنبلة وسلاحاً سلاحاً''. خرائط جوجل يكرر المدون الانكليزي نصيحته للناس بعدم الاستماع إلى ما يقال في أشرطة الفيديو، بل النظر إلى حقيقة ما تظهره هذه الاشرطة. ''لأن الأشخاص الذين يصورون الأفلام لا يعرفون دائما ما الذي يتحدثون عنه''. يمضي هيغنز وقتًا طويلًا في أبحاثه هذه ''افتش أين نُشرت أشرطة الفيديو وعلى أي صفحات على الفيسبوك موجودة، ...هذا الأمر يعطيك الانطباع الجيد ما إذا كانت هذه الأشرطة حقيقية أم لا. استعنت في بعض الاحيان بخرائط جوجل من الأقمار الصناعية لمقارنة مناطق محددة تظهر في أشرطة الفيديو. ''النتيجة: معظم أخطائي كانت عمومًا في قواعد اللغة والهجاء''. لا يخجل من تصحيح إدعاءات الآخرين إذا تبين له أنَّها لا تستند إلى أدلة. يوم الأربعاء دحض وفند في مدونته حجج بعض الصحفيين.: إستخدم عينيك تعتبر منظمة هيومن رايتس ووتش ومثلها الصحفيون أن هذا المدون الإنجليزي هو من أكثر مصادر المعلومات الجديرة بالثقة في ما يتعلق بالأسلحة في سوريا. أكد ذلك مدير الطوارىء في هيومن رايتس ووتس بيتر بوكارت في مقابلة مع الجارديان البريطانية حيث قال عنه إنه ''يحصل على الحقائق بصورة صحيحة ولقد اصبح مصدرًا لا غنى عنه''. يقول هيغنز لاذاعتنا ''أركز على سوريا بنوع من الهوس واتعمق في الكثير مما يصدر عبر الإعلام، وتكونت لدي صورة جيدة عن الأوضاع المتغيرة فيها على الدوام. في مثل هذا الصراع المعقد، من الجيد أن يكون هناك الكثير من العيون المحدقة''. هذا الامر لم يعد محصورًا بالخبراء ''اعتقد انه بوجود الرغبة والدافع، يمكن لأي مواطن أن يقوم بذلك، على أن يعرف كيفية الاستفادة القصوى من الأدوات والمعلومات المتاحة''.