غادرت كل منهما اللجنة الانتخابية التي حملت رقم ''35'' بمدرسة محمد نجيب الإعدادية بنات في منطقة دار السلام؛ بعد أن وضعت العلامة أمام قرارها الذي لم تتنازل عنه حتى لحظة الحصول على الورقة، وإلقائها بذلك الصندوق الزجاجي وسط غيرها من الأوراق التي سبقتها، والكثير المُنتَظِر اللحاق بها. ''أم عمر'' و''أم روان''.. يُشبهان كثير من الأمهات المصريات اللاتي دخلت السياسة ضمن اهتمامهن بعد الثورة بدافع ''مصلحة البلد''؛ جمعتهما اللجنة الانتخابية للاستفتاء على مسودة الدستور كما جمع أبناءهما فصل ومدرسة واحدة، لكن قرار كل منهما جاء مختلفاً، وإن صاحبه المبرر المدعم له. ''أم عمر'' سيدة منتقبة لكنها تعلم ما قد يظنه البعض من انتمائها لحزب أو تيار سياسي إسلامي، لهذا تنفي ذلك الظن بكلماتها '' أنا تبع حزب الكنبة''. ''أم عمر'' ربة المنزل ومحفظة القرآن أيدت الدستور وقالت '' نعم'' لأنها '' أولا قريته حتة حتة وعجبني''، لكن يظل السبب الرئيسي لتأييدها هو الشريعة '' آه قلت نعم عشان الشريعة نجرب ديننا شوية نشوف شريعتنا هتوصلنا لغاية فين''. وليس لدى ''أم عمر'' اقتناع بأن وسائل الإعلام كانت يمكن أن تكون دليلاً لفهم مسودة الدستور '' أنا الحمد لله متعلمة وربنا إداني عقل.. ما سمعتش التليفزيون؛ اسمع الناس اللي بتقبض ملايين ومش حاسة بحاجة ''. وعاتبت ''أم عمر'' على من رآتهم يرفضون الدستور رغم تأييدهم لما يحتويه ''عندا في الاخوان''، قائلة: '' طب ده يرضى ربنا، هو لازم فيفي عبده هى اللي تحط الدستور'' - على حد قولها - ولا توجد مشكلة لدى ''أم عمر'' إلا في تطبيق هذا الدستور'' يعملوا قوانين حلوة يطبقوا بقى الدستور صح ''. أما ''أم روان'' التي وقفت بجانب أبنائها الصغار الذين حملت أصابعهم آثار الحبر الفسفوري؛ فقد رفضت الدستور وقالت ''لا'' لأن '' ماينفعش فصيل واحد هو اللي يسيطر على البلد كلها، أنت مسكت الحكومة والرئاسة البلد ما اتقدمت حتى ما حطتوش رجلينا على خطوات''. وعلى الرغم من رفضها إلا أنها وجدت ''كام مادة كويسة''؛ ولم تستطع ''أم روان'' قراءة الدستور كاملاً: '' مالحقتش أقرأه كله حوالي 100 مادة بس خدتهم من حتت متفرقة''؛ فبالنسبة لها لم تكن الفترة قبل الاستفتاء كافية قائلة: ''المدة قليلة المفروض نقرأ الدستور قبلها بشهرين مثلاً ونتناقش لأن مش أي مواطن عادي هيعرف يفسر الدستور''. بينما رأت ''أم عمر'' أن المدة كافية قائلة ''هو احنا هنذاكره''، مؤكدة أن الأغلبية ستوافق على الدستور وأن ''مرسي'' هو ''أشرف واحد موجود دلوقتي''، وأن رجال النظام السابق هم من يسعوا '' لخراب البلد'' وأنه لن يتوانى في دفع الملايين'' عشان تقسيم مصر'' . وعلى عكس ما رأت ''أم عمر''، ترى صديقتها أم روان'' أن '' مدام في انقسام أيا كان الدستور ده حلو أو وحش هو مش هيستمر، اينعم احنا استفتينا عليه لكننا عارفين أنه مش هيستمر''، مضيفةً أن '' في الأول والأخر الشعب لم يتوافق عليه، احنا اتقسمنا نصين بالظبط؛ نص مؤيد جداً وبروحه وبدمه ونص معارض جداً وبروحه وبدمه برضو''، وهنا قاطعتها ''أم عمر'' بالموافقة على كلامها لكن الأولى لاحقتها ''بس الغلط على اللي ماسكنا''. وذكرت '' أم عمر'' عتابها الموجه للرئيس ''مرسي'': '' بعتب على مرسي في حاجة واحدة، نفسي يعمل مشروع موحد يلمنا كلنا حواليه مايقعدتش يتخانق معاهم يسيبهم يعملوا اللي هم عايزينه بس الناس هتتجمع، الناس عايزة تحس أن في حاجة بتتعمل''. واستمر اتفاق الأمهات في أنه لم يكن هناك تأثير داخل وخارج اللجان، وأن كل ما تريداه من الدستور من أجل أبنائهما، الذين أصروا على مصاحبتهما للجنة الانتخابية، ليشاركوا بشكل افتراضي كعبد الرحمن القائل ''أنا عايز انتخب'' و''روان'' التي قالت ''قلت لأ زي ماما''. ''احنا مختلفين في الآراء لكن حبايب''.. هكذا أكدت ''أم عمر'' وصديقتها ''أم روان'' وذكرا أنفسهن بعد المناقشة التي جرت بينهما، ولم تلبث إن كانت أخر كلماتهما التي وقفا عليها بالاتفاق ''ربنا يعمل الصالح للبلد''.