حين احتفل بذكرى ميلاده السادسة عشر بمنزله العام الماضى، لم يخطر ببال والديه أن الاحتفال القادم سيكون بمسيرة هائلة يحضرها أصدقاؤه ويغيب هو، وأن سبب غيابه سيكون قتله أثناء حضوره بمباراة كرة قدم . كانوا يحلمون لأبنهم الأكبر الذى كان متفوق فى دراسته بأن يسعد بحياة هنيئة ويحقق بها أمنياته، إلا أن مباراة الموت اغتالت فلذة كبدهم قبل أن يبدأ حياته التى يحلم بها . محمد خالد - الشهيد رقم 72 في مجزرة بورسعيد التي وقعت العام الماضي، يجدد أحزان أهله ومحبيه فى ذكرى ميلاده السابعة عشر، بعد أن ترك موته فى قلوبهم جرح كبير لم يلتئم بعد، لتظل قصة موته من أكثر القصص بشاعة ومأساوية، إذ لم تتعرف أسرته على جثته إلا بعد مرور ثلاثة أيام عن طريق ''حذائه'' بعد أن تشوهت ملامح وجهه بالكامل ليصعب التعرف عليه من خلالها . ''محمد'' أحد شباب أولتراس أهلاوى، كان قد ذهب إلى مبارة الأهلى والمصرى ببورسعيد بعد صعوبة شديدة فى إقناع والده الذى لم يكن يسمح له بحضور المباريات بالاستاد، وهذه هى المرة الأولى الذى يسمح له فيها، ليكون قدره أن تقتله الفوضى الأمنية وهو لا يزال بالصف الثانى الثانوي، دون أن يبالي الإهمال بسنه الصغير وأحلام شبابه التى لم يأخذ فرصته لتحقيقها. ونظم أصدقاؤه بالمدرسة مسيرة لإحياء ذكرى ميلاده، أمس الاثنين، لتكون هي المرة الأولى التى يحتفلون بها فى غيابه؛ ضمت المسيرة عشرات من شباب الأولتراس، وانطلقت من ميدان ''سراى القبة'' حتى منزل ''محمد'' بمصر الجديدة ، مرددين هتافات جيل مناضل يقسم على التمسك بحق الشهداء، كما كان لصيحاتهم وقرع طبولهم صدى استطاع أن يجمع الناس ويضم الآخرين للمسيرة مرددين هتافات '' محمد خالد يا ولد .. دمك هيحرر بلد، هذا إلى جانب أغانى الأولتراس '' لابس تيشرت أحمر ورايح بورسعيد .. راجع وكفنى أبيض وفى بلدي بقيت شهيد''.