عقدت لجنة التربية المسيحية بمجمع القاهرة الإنجيلي و الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، ندوة حملت اسم '' الدستور ومستقبل مصر- المخاوف والآمال''، وذلك لتسليط الضوء على مواد الدستور الذي يُصاغ حاليا بعد الانسحابات الأخيرة من الجمعية التأسيسية للدستور. وحاضر في الندوة، التي أقيمت مساء السبت، بمقر الكنيسة الإنجيلية بالفجالة، كلا من القس أندريه زكي، مدير عام الهيئة القبطية الإنجيلية للخدمات الاجتماعية، هالة مصطفى الكاتبة بجريدة الأهرام القومية، و حازم حسني، الأستاذ بكلية الاقتصاد والعلوم السياسية جامعة القاهرة، فيما اعتذر حسام عيسى، أستاذ القانون الدستوري بجامعة عين شمس، بسبب الأحداث التي تمر بها البلاد. و قال القس إكرام لمعي، أستاذ مقارنة الأديان بكلية اللاهوت الإنجيلية، أن الأحداث الأخيرة في مصر أصابت الجميع بالإحباط واليأس بسبب الإعلان الدستوري الذي قاد جميع السلطات في البلاد ليد الرئيس، مؤكدا أن التفاؤل لازال موجودا وذلك بعد نزول الآلاف للميادين اعتراضا على الإعلان وهو ما يؤكد أن الثورة لا زالت مشتعلة وأن الأيام لن تعود مرة أخرى إلى الوراء. وذكر لمعي ثلاث ملاحظات على الدستور الحالي منها أن رجال الدين ليسوا هم المنوطين بكتابة الدستور والا أصبح الدستور يؤسس لدولة دينية وليس دولة مدنية حديثة، كما أن الدستور هو مبادىء عامة مجردة رافضا وضع جملة ''بما لا يخالف النظام العام في بعض المواد''، ورأى لمعي أن الدستور لا يفسر نفسه لأن كل مادة دستورية يكون القانون واللوائح هما الملكفان بتفسيرها. وأشار الدكتور حازم حسني، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أنه لا يمكن وضع مستقبل البلاد من خلال نص دستوري تتحكم فيه لحظة عابرة من الممكن أن تتغير بمرور الزمن، مردفا :'' لا يصح إدخال أحكام فقهية في الدستور ونحن نريد دستورا لدولة مدنية، فكيف يتم استدعاء وثيقة المدينة التي كانت بين فريقين ولم تكن دستورا ولم تكن هناك دولة في ذلك الوقت''. وتعجب حسني في كلمته من نص المادة الثانية بالدستور والتي تنص على أن ''الشريعة الإسلامية هي المصدر الرئيسي في التشريع'' لافتا أن تلك المادة تهدر الدستور لأن الدستور هو المصدر الرئيسي للتشريع ولا يصح أن تكون هناك مادة تنص بغير ذلك. ورأى حسني أن المادة الثالثة والتي تنص على أن لأصحاب الديانات السماوية الحق في الاحتكام لشرائعهم تقسم المصريين لأن كل إنسان ينظر إلى دينه على أنه دين سماوي حتى الهندوس، مشيرا إلى أن مواد الدستور يجب أن تكون مجردة وعامة وليست لفئة بعينها قائلاً:'' أنا رؤيتي للإسلام تختلف 180درجة مع رؤية آخرين يتحكمون اليوم في كتابة الدستور وليس من حق أي إنسان أن يأتي ليشرح لي مفهوم الإسلام''. وأضاف حسني :'' هتاف السلفيين بأن الشعب يريد تطبيق شرع الله، ليس له وجود في القرآن، فمصطلح الشريعة لم يذكر الإ مرة واحدة في القرآن وأتى بمعنى الطريق، ولم يستعمل هذا المصطلح نهائيا بالمعنى القانوني والتشريعي الذي يريدون فرضه''. ورأى حسني أن الإعلان الدستوري '' صدر عن إنسان مرتبك ومتوتر وخائف من الحراك في الشارع '' مضيفا :'' الدستور الذي تجري صياغته حاليا لن يصدر بسهولة وإذا تمت الموافقة عليه سيسقط لأن المصريين قادرين على ذلك ''. من جانبه قال القس أندريه زكي، مدير عام الهيئة القبطية الإنجيلية :'' إعطاء جهة ما سلطة التفسير يعتمد على سماحة وتعصب من يقوم بالتفسير، والمادة 220 تعطي جماعة ما مهمة تفسير مبادىء الشريعة، وهذه الجماعة قد تتغير في المستقبل، ومن حقي أن أعيش تحت رحمة القانون وليس الأفراد''. ورأى زكي أن المسودة الحالية للدستور تريد أن تسقط من أبوابها احترام مصر لكافة قضايا المرأة وحقوق الإنسان، مشيرا :'' لا بد من وضع وثيقة للتعايش لا تعبر عن وجهة نظير فصيل معين ولا عن رأي الأغلبية ولكن يجب أن تعبر عن الشعب بأجمعه لذا لا بد من إعادة تشكيل الجمعية التأسيسية للدستور ليصدر عنها دستورا يعبر عن المجتمع المصري ككل''. ولفت زكي إلى أن اجتماع ممثلي الكنائس أمس الجمعة بالكاتدرائية، والذي تمت دعوته لحضوره، توصل إلى العودة للتأسيسية فقط في حالة التجاوب مع ممثلي الكنيسة وتنفقذ مطالبهم وتعديل المواد التي اعترضوا عليها، مؤكدا أن ممثلي الكنيسة انسحبوا لعدة أسباب منها المادة 220، وأيضا لعدم إعطاء فرصة حقيقية لهم للتعبير عن رأيهم، ولأن المواد التي كانوا يتفقون عليها كانت تكتب بصياغات أخرى''. وأشارت هالة مصطفي، الكاتبة الصحفية، إلى أن تشكيل الجمعية التأسيسية يوضح أنها قامت على شكل تقليدي وروتيني و هيمنة فصيل واحد. وقالت مصطفى :'' أن تحديد الانتخابات أولا قبل الدستور كان هو الإجهاض الأول للثورة لأنه كان معروفا من الذي سيفوز حيث أن الأحزاب في مصر كانت ضعيفة للغاية ولم يتصور أحد أنها ستخوض الانتخابات وتنجح وبالتالي كان النصر حليف الإخوان المسلمين''، مضيفة :'' فوجئنا بقوة التيار السلفي لأنه لم يتعرض للقمع في عهد النظام السابق كما كان الحال مع الإخوان كما كان له علاقات من الدولة التي كانت تقوم بمساعدة السلفيين ليكونوا جزءا من إحتواء الإخوان المسلمين''. وأكدت مصطفي أنه من الخطأ ما فعلته القوى المدنية بالدخول في الجمعية التأسيسية منذ البداية بعدما كان واضحا سيطرة فصيل بعينه عليها، موضحة أن الحديث عن تفسير الشريعة طبقا لمذاهب أهل السنة والجماعة أمر شديد الخطورة لأن ذلك سيقود لتديين المؤسسات والخروج من إطار الدولة المدنية إلى الدينية وهذا النظام معمول به في إيران حيث يوجد مرجعية لتفسير القوانين.