تعاني مؤسسات الصحف القومية، من مديونات تقدر بالمليارات، والتي تعود إلى عهد النظام السابق، حيث تمثل هذه المديونات أكبر عائق أمام المؤسسات في الوقت الذي تعجز الدولة بسبب الوضع الاقتصادي المتردي في مساندتها. وشهدت الأيام الماضية تصريح شديد اللهجة من وزير المالية ممتاز السعيد أن مديونية المؤسسات الصحفية لا يمكن لوزارة المالية التنازل عن تحصيلها. ولكن.. يبدو أن الأزمة بدت في طريقها إلى الحل بعد الاجتماع الذي دار بين وزير المالية، وممدوح الولي نقيب الصحفيين، ورؤساء الصحف القومية أمس الثلاثاء، حيث رحب بمساعدة المؤسسات الصحفية على إعادة هيكلة أوضاعها المالية ومساندتها في التحول إلى مؤسسات تدار بصورة اقتصادية سليمة. وأعلن ممتاز السعيد خلال اجتماع أمس الثلاثاء بينه وبين ممدوح الولي نقيب الصحفين ورؤساء الصحف القومية، موافقته على تأجيل خصم جزء من مستحقات طبع الكتاب المدرسي وفاءاً لمديونية المؤسسات الصحفية لدي مصلحة الضرائب، وذلك لمدة 3 أشهر لمساندة المؤسسات الصحفية القومية علي استعادة استقرارها المالي. يأتي ذلك بعد أن أعلن وزير المالية في وقت سابق، أنه ستتم المقاصة في حدود ما لا يتجاوز نسبة 50% فقط من قيمة الطباعة بدلاً من الحجز على كامل تلك القيمة وفاءاً لمديونياتها للخزانة العامة، وهو مارفضه محمد جمال الدين رئيس مجلس إدارة روز اليوسف، وتقدم باستقالته من منصبه بسبب الأزمة المالية التى تعاني منها المؤسسة، بعد قيام المالية بخصم 2.5 مليون جنيه من مستحقات المؤسسة لدى وزارة التربية والتعليم لسداد الديون المستحقة على المؤسسة بعد خصم 50% من مستحقات الصحف القومية لسداد مديونياتها منذ عام 2006. كما أكد قطب العربى الأمين العام المساعد للمجلس الأعلى للصحافة في تصريحان صحفية سابقة له، أن قرار وزارة المالية سيزيد الأوضاع سوءاً فى المؤسسات القومية، مشيراً إلى أن الدكتور أحمد فهمى طالب وزير المالية بإعادة ما تم استقطاعه نظراً للحالة المادية لتلك المؤسسات، إلا أنه رفض. وقال الوزير إنه وافق من حيث المبدأ على منح المؤسسات الصحفية إعفاءاً من ضريبة الدمغة عن قيمة الإعلانات التنشيطية التي تنشرها الصحف للترويج لأي إصدار للمؤسسة ذاتها باعتبار أنها إعلانات داخلية لا يتم سداد قيمتها ولا تدر عائد، وطلب من ممدوح عمر رئيس مصلحة الضرائب دراسة هذا المطلب للمؤسسات الصحفية و وضع ضوابط تنفيذية لذلك. وأضاف ممتاز السعيد أن المؤسسات الصحفية يمكنها الاستفادة من التيسير الذي أقرته وزارة المالية مؤخراً وهو السماح بإجراء مقاصة بين المستحقات الضريبية علي أي ممول للضرائب وأية مستحقات مالية له لدي مصلحة الضرائب أو مصالح إيرادية أخرى، والتي تنتج بسبب سداد مبالغ مالية تحت حساب الضريبة يظهر فيما بعد أنها أكثر من الضريبة المستحقة، أو من سداد ضرائب مبيعات على مدخلات الإنتاج بأكثر من الضريبة المستحقة على الإنتاج النهائي. يذكر أن وزير المالية قد شدد في وقت سابق أن مديونية المؤسسات الصحفية لا يمكن لوزارة المالية التنازل عن تحصيلها قائلاً ''هذا حق الدولة قانوناً، وحق المواطن ولا يمكن إعفاء أحد من سداد الضرائب المستحقة إلا بقانون''. كما طالب الوزير من جميع المؤسسات الصحفية ممن عليها متأخرات ضريبية بسرعة سدادها لغلق هذا الملف، مشيراً إلى أن مديونيات المؤسسات الصحفية ترجع إلى عدم توريدها حصيلة ضرائب الدمغة علي إعلاناتها والتي حصلتها بالفعل بجانب ضريبة كسب العمل علي العاملين بها وهو ما تم خصمه بمعرفة الصحف من مرتبات وحوافز هؤلاء العاملين. من جهة أخرى، رحب رؤساء المؤسسات الصحفية خلال اجتماع أمس بقرارات وزير المالية، مشيدين بتفهمه لأوضاع مؤسساتهم وما تعانيه من تركة موروثة وثقيلة من المشكلات المالية، مؤكدين حرصهم على أداء الضرائب وكافة الرسوم العامة باعتبارها حق للخزانة العامة. وكشفوا عن إعداد المؤسسات الصحفية القومية لتصور واضح حول سبل إستعادة الاستقرار المالي والخروج من الأزمة الراهنة وتطوير خدماتها، بما يسهم في تحولها من عبء علي الدولة إلى داعم للخزانة العامة باعتبار أن أية فوائض مالية تحققها يحول للخزانة العامة. كما طالب عدد من رؤساء المؤسسات الصحفية تدخل وزير المالية لدي التأمينات الاجتماعية لمنحهم مهلة لسداد أقساط التأمينات علي أسطول المؤسسات من السيارات، ووعد الوزير بالتدخل والتنسيق مع وزيرة التأمينات الاجتماعية لحل هذه المشكلة. وبالنسبة لطلب ممدوح الولي نقيب الصحفيين استثناء المؤسسات الصحفية من دفع ضرائب مبيعات علي قطع غيار مطابعها باعتبارها من السلع الرأسمالية والتي قضت المحكمة الدستورية العليا ببطلان خضوعها لضرائب المبيعات، أوضح الوزير أنه يجري حالياً بالتنسيق مع وزير الصناعة والتجارة الخارجية دراسة إصدار عدداً من الإجراءات الجديدة لدعم القطاع الإنتاجي من بينها ملف ضرائب المبيعات على السلع الرأسمالية، مشيراً إلى أن تلك الإجراءات ستعلن قريباً وستحل هذه المشكلة. وفي نفس السياق، كشف محمد نجم الأمين العام للمجلس الأعلى للصحافة عن تشكيل لجنة من عدد من الخبراء الماليين لدراسة أوضاع المؤسسات الصحفية خاصة المؤسسات التي تعاني من مشاكل مالية حادة وذلك لإعداد دراسات مالية لإعادة هيكلة تلك المؤسسات مع وضع توصيف واضح لمشكلاتها وسبل الخروج منها ووضع اليات عملية لتطوير اوضاعها المالية. وفي هذا الإطار أكد الدكتور مصطفى هديب رئيس مؤسسة دار التحرير، وجود دراسات سابقة أعدتها بيوت خبرة عالمية ومحلية مولتها وزارة المالية لتطوير المؤسسات الصحفية ومنها دار التحرير، مشيراً إلى أنه يجري إعادة تحديث تلك الدراسات والاستفادة من توصياتها. كما أثار السيد هلال رئيس القومية للتوزيع مشكلة التقدير الجزافي لضرائب الدخل المستحقة علي المؤسسة، حيث وجه وزير المالية بالغاء تلك التقديرات فوراً والعودة لصحيح القانون والذي يمنع التقديرات الجزافية تماماً طالما أن الممول شركة كبرى وعامة ولديها دفاتر حسابات منتظمة وسليمة وخاضعة لرقابة الجهاز المركزي للمحاسبات وتقدم اقرارات ضريبية في المواعيد القانونية، وشدد الوزير على أن يكون تقدير الضرائب المستحقة على أي ممول من واقع فحص حقيقي طبقاً للقانون. والجدير بالذكر، أنه قد صدر بحق رؤساء مجلس إدارة الصحف القومية السابقين، من جهاز الكسب غير المشروع بتجميد والتحفظ علي أموال وممتلكات العقارية. وتضمن قائمة الأسماء: الكاتب الصحفي ''سمير رجب'' -رئيس مجلس مؤسسة دار التحرير للطباعة والنشر الأسبق، الذي أصدر جهاز الكسب غير المشروع أمر قبض دولي للشرطة الجنائية الدولية والعربية''إنتربول'' للقبض على سمير رجب الهارب لدولة الإمارات العربية المتحدة وتسليمه للجهاز لاتهامه بالكسب غير المشروع، وتضخم ثروته جراء عمله لفترة طويلة على رأس مؤسسة دار التحرير للطباعة والنشر. وكان الكسب غير المشروع أصدر قرارًا بمنع سمير رجب وأسرته من التصرف في أموالهم السائلة والمنقولة والعقارية وكافة ممتلكاتهم، وكذلك منع رجب من مغادرة البلاد ووضع اسمه على قوائم الممنوعين من السفر وترقب الوصول. كما أن محكمة استئناف القاهرة وافقت على طلب جهاز الكسب غير المشروع بالكشف عن سرية الحسابات المصرفية الخاصة بسمير رجب، وذلك في إطار التحقيقات التي يباشرها الجهاز بشأن امتلاكه لثروات ضخمة لا تتفق مع مصادر دخله المقررة، على نحو يمثل كسبًا غير مشروع. كما شمل قرار تجميد الأموال الكاتب الصحفي ممتاز القط رئيس مجلس إدارة أخبار اليوم الأسبق، ويمتلك شركة الدار المصرية للنشر والاستثمار، وكذلك 500 سهم بشركة الجيزة العامة للمقاولات، و1900 سهم بشركة مجموعة طلعت مصطفي القابضة، بالإضافة إلي تعاملات أخري لعدد من الشركات . كما أصدر الكسب غير المشروع قرراً بمنع القط من مغادرة البلاد ووضع اسمه على قوائم الممنوعين من السفر، وأيضاً منعهما من التصرف في أموالهما العقارية والمنقولة والسائلة. وأصدر جهاز الكسب غير المشروع قرارًا بمنع إبراهيم نافع رئيس مجلس إدارة الاهرام الأسبق، وزوجاته وأولاده من التصرف في أموالهم بعد أن كشفت التحقيقات قيامهم باستغلال وظيفتهم في الحصول على كسب غير مشروع، والتربح من المال العام بغير حق وتحقيق ثروات طائلة بما لا يتناسب مع دخله ومصادره المشروعة، ووافقت محكمة استئناف القاهرة بالكشف عن سرية حسابات نافع. وقد قررت هيئة مكتب المجلس الاعلي للصحافة تقديم دعم مالي للمؤسسات الصحفية القومية المتعثرة بقيمة 7 ملايين جنيه لمساندتها في دفع رواتب العاملين بها وتوفير مستلزمات الإنتاج . كما أرسل الدكتور أحمد فهمي رئيس مجلس الشورى، خطاباً لوزير المالية لاسترداد ماتم استقطاعه من قبل الوزارة من مستحقات المؤسسات الصحفية القومية لدى وزارى التربية والتعليم، والمطالبة بوقف أية استقطاعات جديدة من مستحقات هذه المؤسسات لحين تحسن الأوضاع المالية لها.