تستقطب جزيرة آنا ماريا، الواقعة قبالة ساحل خليج فلوريدا، السياح من جميع أنحاء العالم بفضل أجوائها الهادئة التي تجعلها واحة للهدوء والاستجمام يقصدها الراغبون في الهروب من صخب المدن الكبرى وإيقاع الحياة المحموم. كما تُعد الجزيرة بفضل هدوء الأمواج بها، جنة لعشاق رياضة التجديف على ألواح التزلج.
وتُعد رياضة التجديف على ألواح التزلج متعة حقيقية؛ حيث يقف السائح على لوح تزلج كبير الحجم ويقوم بالتجديف على صفحة الماء الهادئة بواسطة مجداف ذي مقبض طويل.
وهناك بدائل أخرى بانتظار السياح إذا هبت الرياح بشدة وجعلت الأمواج تتلاطم، حيث يقول شون دويتشافير أثناء قيامه بفحص الرصيف، :"إذا كان الطقس غير مواتٍ هنا
سنذهب إلى الجانب الآخر من الجزيرة إلى منطقة أشجار المنغروف''.
ركوب الأمواج
ويقوم شون دويتشافير، الذي يرتدي سروالاً قصيراً لركوب الأمواج وقبعة ونظارة شمسية، بتأجير وبيع قوارب التجديف في جزيرة آنا ماريا، كما أنه ينطلق في جولات بصحبة
السياح يومياً.
وأضاف الكابتن سكوت، عالم الأحياء البحرية المتقاعد، أن كل منزل في جزيرة آنا ماريا يمتلك على الأقل سيارة واثنين من قوارب التجديف وزورق مزود بمحرك يتم وضعها
في المراب أو أمام حديقة المنزل. ويشرح الكابتن سكوت للسياح المتواجدين على متن ألواح التجديف طبيعة النظام البيئي الفريد من نوعه قبالة ساحل خليج فلوريدا. ويرى عالم
الأحياء البحرية أنه يعيش في قطعة من الجنة، مؤكداً على روعة وجمال الطبيعة بجزيرة آنا ماريا بقوله :"كيف لي أن أفكر في مكان آخر لأعيش فيه؟''.
ويستمر الكابتن سكوت في شرح طبيعة الحياة البحرية بهذه الجزيرة الهادئة، ويقول إن السلاحف تبني أعشاشها لكي تضع بيضها على الشاطئ، لذلك فإنه يحظر على السياح
التنزه على الشواطئ ليلاً، فضلاً عن عدم وجود إضاءة بمحاذاة الشاطئ. وهناك العديد من الطيور التي تتخذ من ساحل الخليج بجزيرة آنا ماريا موطناً لها. بالإضافة إلى أن
سواحل جزيرة آنا ماريا تشهد ظهور أعداد كبيرة من الدلافين التي دائماً ما تقفز فوق الماء فرحاً بقدوم السياح.
الهدوء والجمال
وتعتبر جزيرة آنا ماريا من أكثر الأماكن هدوء وجمالاً بولاية فلوريدا الأمريكية، فضلاً عن انتشار المساحات الخضراء بها بكثرة. ويظهر بجزيرة آنا ماريا الطابع المميز
لولاية فلوريدا ذات الشمس الساطعة، والتي تقع في أقصى الغرب الأمريكي، حيث يرغب الأشخاص كبار السن في قضاء آخر أيامهم في أجواء دافئة ومشمسة. بالإضافة إلى
وجود العديد من السياح الذين يجذبهم الطقس المعتدل والشواطئ الرملية الناعمة.
ولكن الفرق بين جزيرة آنا ماريا وبقية المناطق في ولاية فلوريدا، أنه لا يوجد بها ناطحات سحاب أو منتجعات سياحية أو فنادق كبرى أو أياً من سلاسل المتاجر العالمية
المشهورة، باختصار لا يوجد أي صخب أو إزعاج على الإطلاق.
ومن مظاهر الهدوء في جزيرة آنا ماريا أن الحد الأقصى للسرعة لا يتجاوز 40 كلم/ساعة في جميع أرجاء هذه البقعة الساحرة، ومن الملاحظ أن جميع سكان الجزيرة يلتزمون
بهذه السرعة المقررة. ويعتمد السكان على السيارات وعربات الغولف والدراجات في تنقلاتهم داخل الجزيرة، كما يظهر كثير من الأشخاص أثناء تنقلهم سيراً على الأقدام من
مكان إلى آخر.
ولكي تتحول الحركة التقليدية للسياح والسكان المحليين إلى تجربة ومعايشة ممتعة، اقترح إيد شيلي ومايكل كولمان، وهما اثنان من المتقاعدين، بأن يتم إنفاق عشرة ملايين من
الدولارات حتى تصبح جزيرة آنا ماريا مدينة عصرية مفعمة بالحيوية والنشاط، ثم قال مايكل لزوجته مازحاً، وبعد ذلك بسنوات قليلة تظهر المنطقة التجارية بالجزيرة.
ويعتبر شارع باين بمثابة القلب النابض بجزيرة آنا ماريا، وعلى الرغم من أنه ليس منطقة مخصصة للمشاة، إلا أن إيد شيلي أضافت :"لكن حركة المرور أصبحت أقل بكثير''،
وعلى جانبي الطريق يتنزه السياح والسكان المحليون ويشاهدون ما تقدمه المتاجر الصغيرة من بضائع ومنتجات.
وبعد فترة من التجول والتنزه وصل السياح إلى مطعم «Village Café at Rosedale»، بعد أن أصبحوا في غاية الإجهاد والتعب. وأوضح مدير المطعم بريان سيمور :'' نحن نرغب في أن تظل آنا ماريا مدينة صغيرة خضراء في أمريكا الشمالية". وهو يشير في تلك الأثناء إلى الصهاريج وألواح الطاقة الشمسية على السقف بالإضافة إلى نظام
متطور يتم استخدامه للتوفير في الطاقة.
الحفاظ على البيئة
وأضافت روبرتا شايفر أن موضوع الحفاظ على البيئة والطبيعة يمثل أهمية كبيرة في جزيرة آنا ماريا، وتمتلك شايفر متجر «Ginny's & Jane E's Bakery Café» الذي يزخر بجميع أنواع الهدايا التذكارية، يقدم العديد من الأطباق الصغيرة واللذيذة.
وقد جاءت روبرتا شايفر من منطقة نيو إنجلاند ذات الطقس البارد، لكنها اتخذت من الشاطئ الغربي بولاية فلوريدا وطناً جديداً لها، وتقول :''لا يمكن أن أتصور العودة مرة
أخرى إلى المنطقة الباردة''.
وتتشابه هذه الانطباعات لدى جميع الأشخاص الذين يعيشون في جزيرة آنا ماريا طوال العالم، حيث لا ينقصهم أي شيء. وعندما يرغب المرء في معايشة صخب المدن الكبيرة،
يمكنه الذهاب إلى مدينة تامبا، التي تبعد عن هذا المكان مسيرة ساعة بالسيارة تقريباً.
وتؤكد روبرتا على أن جزيرة آنا ماريا لا تزال تزخر بطبيعة بكر لم تعبث بها يد الإنسان، وكذلك شواطئ رملية ناعمة ومطاعم صغيرة رائعة، وكلها أمور تساعد المرء على
الاسترخاء والاستمتاع بالحياة. ولذلك فإنه ليس من المستغرب أن يتمتع كل الأشخاص هنا بحالة مزاجية رائعة وأن يعود السياح إلى أوطانهم بعد أن غسلوا همومهم وأخذوا