جاءت الدعوة الرسمية التي وجهتها الولاياتالمتحدةالأمريكية للرئيس محمد مرسي لزيارة واشنطن في سبتمبر القادم والزيارة القادمة لوزيرة الخارجية الأمريكية هيلاري كلينتون للقاهرة في منتصف الشهر الجاري لتجسد حرص واشنطن على تعزيز علاقات المشاركة الاستراتيجية مع مصر في كافة المجالات عقب ثورة 25 يناير. ويرى محللون سياسيون واقتصاديون أن الزيارات المتعددة لعدد كبير من مسئولي المؤسستين التشريعية والتنفيذية بالولاياتالمتحدةالأمريكية لمصر عقب ثورة 25 يناير تعد مؤشرا على إدراك واشنطن لأهمية دور مصر المحوري في منطقة الشرق الأوسط وحرصها للحفاظ على مصالحها المشتركة مع مصر على أساس احترام السيادة الوطنية. وأوضحوا أن اهتمام واشنطن الملحوظ بالتطورات التي شهدتها مصر عقب تنحى الرئيس السابق حسنى مبارك جسده تأكيد إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما على دعم التحولات الديمقراطية والاقتصاد المصري ومواصلة المشاورات بين واشنطن وكل من المجلس الأعلى للقوات المسلحة والحكومة المصرية. وفى السياق ذاته، قدمت الولاياتالمتحدةالأمريكية مساعدات اقتصادية قيمتها 100 مليون دولار بعد ثورة 25 يناير لدعم الشعب المصري خلال المرحلة الانتقالية وتخفيف المتاعب الاقتصادية التي يعاني منها المصريون وتعزيز القطاع الخاص المصري كمحرك لخلق الوظائف. وجاء الدعم الأمريكي في إطار المساعدات الاقتصادية لمصر والتي بلغت قيمتها نحو 30 مليار دولار استثمرتها واشنطن في مصر على مدار ثلاثة عقود لرفع المعايير الصحية ومستويات التعليم والتوسع في توفير المياه النظيفة وبناء شبكات اتصالات ونقل قوية ودعم المجتمع المدني وتحديث القطاع الزراعي في مصر. وكان الرئيس الأمريكي باراك أوباما قد أكد مؤخرا - في رسالة تهنئة للرئيس محمد مرسى بمناسبة فوزه في الانتخابات الرئاسية - التزام أمريكا الشديد ببناء علاقة شراكة مع الديمقراطية الجديدة في مصر على أساس المصالح المشتركة والاحترام المتبادل. وشدد مساعد وزير الخارجية الأمريكية وليام بيرنز مؤخرا على التزام بلاده بدعم جهود التعافي الاقتصادي في مصر. وقد أعلن الرئيس الأمريكي باراك أوباما في مايو 2011 عن عدة مبادرات لدعم الانتقال الديمقراطي في مصر من بينها: أولا: إعفاء مصر من ما قد يصل إلى مليار دولار ديون للولايات المتحدةالأمريكية وتوجيه هذه الأموال لمشروعات توفر فرص تعليمية واقتصادية جديدة للمصريين. ثانيا : إتاحة ما قد يصل إلى مليار دولار في صورة قروض وضمانات أو كليهما لمشروعات بنية أساسية محتملة في قطاعي المياه والنقل بمصر. ثالثا: إقراض ما قد يصل إلى 700 مليون دولار للمشروعات الصغيرة والمتوسطة الحجم لدعم نموها. رابعا: تأسيس صندوق مشروعات مصري أمريكي للاستثمار في المشروعات الصغيرة والمتوسطة الواعدة لمساعدة هذه المشروعات على التوسع. خامسا : بناء شراكات تجارية واستثمارية شرق أوسطية لزيادة التجارة في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا فضلا عن الولاياتالمتحدةالأمريكية وأوروبا. من جانبه، أوضح جاك كريستوفر الاقتصادي السابق ببنك أوف أمريكا أن تعزيز علاقات التعاون السياسي والاقتصادي والتجاري بين مصر والولاياتالمتحدةالأمريكية سوف ينعكس بشكل إيجابي على مصالح البلدين، مشيرا إلى أن تعزيز التحولات الديمقراطية والنمو الاقتصادي في مصر سوف يدعم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وبالتالي المصالح الأمريكية. وأكد كريستوفر أن تقوية العلاقات بين القاهرةواشنطن في كافة المجالات سوف يسهم في زيادة حجم التدفقات الاستثمارية الامريكية بالسوق المصرية ودعم الصادرات المصرية بالسوق الامريكية. كان وزير الصناعة والتجارة الخارجية محمود عيسى قد أوضح مؤخرا أنه تم الاتفاق مع المسئولين في الإدارة الأمريكية على خطة تحرك عاجلة لمساندة الاقتصاد المصري خلال الستة أشهر المقبلة، موضحا أن تلك الخطة تشمل زيادة التجارة البينية ومضاعفة الاستثمارات، وتعزيز الصناعات الصغيرة والمتوسطة. وأوضح محللون اقتصاديون أمريكيون أن تعزيز العلاقات بين واشنطنوالقاهرة سوف يدعم قدرة الأخيرة في التفاوض مع مؤسسات التمويل الدولية بشأن الحصول على قروض لتمويل مشروعات التنمية وتقليص العجز في الموازنة، مبدين ثقتهم في قدرة الاقتصاد المصري على تحقيق التعافي الاقتصادي. وفى ذلك الصدد، أكدت السفيرة الأمريكيةبالقاهرة آن باترسون مؤخرا ثقة واشنطن في قدرة مصر على تحقيق النمو والرخاء في أسرع وقت ممكن خلال الفترة المقبلة. من جانبه، قال روبرت درومهيلر نائب رئيس مؤسسة الاستثمار الخاصة الدولية بالولاياتالمتحدةالأمريكية إن مصر تحتاج بشدة دعم صندوق النقد والبنك الدوليين اللذين تهيمن عليهما الولاياتالمتحدة لتنفيذ الاصلاحات الهيكلية وللتأكيد على قدرة الاقتصاد المصري على التعافي الاقتصادي. وأضاف درومهيلر أن بلاده يمكن أن تسهم بفاعلية فى دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة في مصر، لافتا إلى أن الشركات الأمريكية تراقب عن كثب تطورات لأوضاع السياسية والاقتصادية على الساحة المصرية تمهيدا لاتخاذ قراراتها بشأن الدخول بالسوق المصرية. وأشار إلى أن الولاياتالمتحدةالأمريكية أبدت التزامها بدعم الاقتصاد والمؤسسات المالية المصرية، مبدية عزمها إجراء اتصالات مع الجهات الدولية المانحة لمساعدة مصر في تحقيق الانتعاش الاقتصادي. وأوضح نائب رئيس مؤسسة الاستثمار الخاصة الدولية بالولاياتالمتحدةالأمريكية أن مصر تجابه مشكلات اقتصادية هائلة رغم المكاسب التي حققتها ثورة 25 يناير من بينها تراجع احتياطي النقد الأجنبي وتدهور قيمة العملة المحلية وتآكل التدفقات الاستثمارية المباشرة وارتفاع معدلات البطالة والتضخم والعجز بالموازنة وانخفاض عائدات السياحة. اقرأ أيضا البيت الأبيض: لا ترتيبات للقاء أوباما بمرسي خلال سبتمبر المقبل