لم يكن غريبا خروج الملاين من الشعب المصرى للمشاركة فى إحياء الذكرى الثانية لخالد سعيد فى جميع محافظات الجمهورية و بتلك الحشود البركانية الرهيبة و التى تحمل العديد من الرسائل ذات المعانى التى تؤكد أن ثورة يناير لن يستطيع كائن من كان أن يختطفها أو يجهضها , و أنها ستظل قائمة و متربصة بأعدائها من خارج أو داخل البلاد خصوصا فى ظل الأجواء التى تعيشها البلاد الأن من حالة الترقب فيما ستسفر عنه الإنتخابات الرئاسية التى صنعت حالة من الإنقسام داخل الشارع المصرى بعد إنحصار المنافسة بين مرسي و شفيق , فضلا عن القوى الثورية التى أعلنت مقاطعتها للإنتخابات إعتراضا على الأثنين معا. خالد سعيد أيقونة سكندرية لثورة شعبية خالد سعيد - حمدين صباحى - الإسكندرية , ثلاثة أسماء يمثلون طرف معادلة سياسية نتيجتها ممكن أن تكون معلومة للبعض و مجهولة للبعض الآخر , فخالد سعيد ذلك الشاب السكندرى الذى لقى مصرعة بطريقة وحشية على أيدى رجال الداخلية فى ظل تطبيق قانون الطوارىء , قد آثار مقتلة العديد من ردود الفعل الواسعة عالميا و محليا , تمثلت فى إحتجاجات علنية فى القاهرة و الإسكندرية قام بها نشطاء حقوق الإنسان فى مصر , و أطلقوا على خالد لقب شهيد قانون الطوارىء , ثم ما تبع ذلك من أحداث متلاحقة أدت إلى وصول قضية خالد سعيد إلى هذا الحجم. فبعد وفاة خالد فى 6 يونيو 2010 بدأت قضيته تأخذ منعرج آخر فى 9 يونيو 2010 بعد إنتشارها على الإنترنت وفى وسائل الإعلام , حيث تم تأسيس صفحة "كلنا خالد سعيد" على الفيس بوك لإظهار التضامن معة و الذى تجاوز حاجز 4000 عضو فى اليوم الأول خلال أقل من ساعة واحدة و 184000 فى خلال عشرة أيام من نشر الخبر مما يدل على حالة التعاطف و الغضب الشعبى الذى تصاعد عبر الفيس بوك إحتجاجا على مقتل خالد سعيد حتى وصل عدد معجبى الصفحة حاليا أكثر من مليونين شخص. وشهدت تعليقات الأعضاء حالة من الغليان ,و الأعتراض حيث أشارت التعليقات إلى أن مقتل خالد بهذا الشكل يعد إدانة جديدة ضد تمديد قانون الطوارىء الذى سمح لرجال الداخلية بهذا التعامل اللاإنسانى مع خالد , كما دعت مجموعة حملة البرادعى رئيسا على الفيس بوك إلى ورشة عمل إلكترونية لبيان كيفية التحرك الشعبى للحصول على حق خالد , فيما بدأ مركز نصار للقانون تشكيل لجنة لتقصى الحقائق فى جريمة الداخلية بمقتل خالد لتقديم المتهمين للمحاكمة , فى 17 يونيو 2010 أصدرت محكمة المنشية حكما بالحبس ستة أشهر ضد حسن عبد الفتاح أحد نشطاء 6 إبريل و أحد المتضامنين مع خالد بسبب الإعتداء على ضابط شرطة وتبع ذلك إدانة حقوقية للحكم. وفى 18 يونيو نظمت الجمعية الوطنية للتغير وقفة إحتجاجية حاشدة أمام مسجد القائد إبراهيم بالإسكندرية بحضور ممثلى القوى السياسية المختلفة و نظمت عائلة خالد مؤتمرا صحفيا عقب صلاة الجمعة , و فى 22 يونيو قام أيمن نور بزيارة قبر خالد ثم عقد ندوة بمقر حزب الغد بالإسكندرية حول الحادث أعلن خلالها عن تدشين مركزحقوقى بأسم مركز خالد سعيد للدفاع عن الحقوق و الحريات و مناهضة التعذيب. و فى 25 يونيو "جمعة الغضب" خرج آلاف المصريين فى مظاهرة إحتجاجية فى الأسكندرية من بينهم الدكتور محمد البرادعى , و المستشار محمود الخضيرى , و أيمن نور , و حمدين صباحى تنديدا لما وصفوة بعمليات تعذيب منظمة للمعتقلين فى أقسام الشرطة , و شارك فى المظاهرة عدد من قيادات الإخوان المسلمين , و حركة 6 إبريل , و حزب الغد , و الجمعية الوطنية لللتغير , و عدد من المتظاهرين يمثلون إتجاهات و تيارات متنوعة رافعين لافتات عليها شعارات مثل تسقط الدولة البوليسية - و يسقط قانون الطوارىء - كلنا خالد سعيد - يسقط نظام الإستبداد آلاف المصريين فى وقفات صامتة بالملابس السوداء حدادا على روح خالد فى العديد من محافظات مصر صباحى و ثورة يناير و عودة المشهد ظلت الوقفات الإحتجاجية و حالة الحداد على خالد قائمة من الشعب المصرى حتى جاءت ثورة يناير , و بالنظر إلى المراحل التى مرت بها الثورة و التى يعلمها الجميع حتى يوم إحياء الذكرى الثانية لخالد سعيد فى 6 يونيو 2012 نجد أنة لم تتحقق أهداف و مطالب الثورة بل على العكس جاءت النتائج مخالفة لثورة يناير ,و وضح ذلك جاليا فى مشهد دخول أحمد شفيق جولة الإعادة فى الأنتخابات الرئاسية وهو محسوب على النظام السابق , و من هنا جاء إحياء الذكرى الثانية لخالد سعيد بمثابة صرخة بركانية من كل أطياف الشعب المصرى تحمل رسالة و اضحة بإستمرارية الثورة و بقائها قائمة حتى تتحقق المطالب , ويرى ثوار مصر عامة و ثوار الإسكندرية خاصة فى شخص حمدين صباحى طوق نجاة لثورة يناير , ولكن لماذا حمدين ؟ و من أين أتى بهذه الشعبية الجارفة ؟ و بالإبحار فى تاريخ حمدين صباحى نجد تاريخة حافل بالنضال و المعارك السياسية من أجل وطنة , فكيف لا و هو سياسيى ناصرى الميول و ما أدراك بشىء يتعلق بجمال عبد الناصر بالنسبة للشعب المصرى الذى أرتبط بجمال عبد الناصر إرتباطا يصل لحد العشق الهستيرى و الذى وضح جليا فى المشهد المهيب لجنازة تاريخية لعبد الناصر , فحمدين صباحى أبن محافظة كفر الشيخ لة تاريخ فى الدفاع عن حقوق المصريين و العدالة الإجتماعية و مناصرة القضايا الوطنية ولة العديد من المواقف الشهيرة فى تاريخ نضالة السياسيى. ففى 1977 عارض السادات فى عدة أمور خاصة بإتفاقية كامب ديفيد بعدها تم حرمانة من التعيين فى الجامعة ووسائل الإعلام الحكومية بقرار من السادات و رفض حمدين تقديم إلتماس على هذا القرار بل ساهم فى تأسيس العديد من المراكز الإعلامية و الحقوقية و الأحزاب السياسية , حتى جاءت سنة 2004 حيث تم تأسيس حركة كفاية وكان حمدين أحد مؤسيسها حيث لعبت حركة كفاية دورا هاما و محوريا فى كسر حاجز الخوف و الخطوط الحمراء فى كثير من قضايا الوطن وجاء ذلك متسقا تماما مع أفكار حمدين صباحى و رفاقة و طموحاتهم , و كان حمدين صباحى أول نائب برلمانى ينجح فى إثارة قضية تصدير الغاز المصرى لإسرائيل داخل البرلمان وكان ذلك فى عام 2008 , وفى نفس العام أيضا كان أول نائب يكسر حاجز الحصار الذى تفرضة قوات الإحتلال الإسرائيلى على غزة ودخل و إلتقى ببعض قيادات حماس و أبلغهم دعم الشعب المصرى لهم , كما أشترك حمدين فى المظاهرات التى قامت ضد ظلم و إستبداد النظام و المناهضة للتوريث مثل مظاهرة عابدين ضد التوريث, و مظاهرة الشارع لنا , فضلا عن مشاركتة فى قلب أحداث إنتفاضة العطش فى البرلس و مع عمال المحلة مؤيدا لمطالبهم فى إضراب 6 إبريل , و داعما لنضال و إعتصام موظفى الضرائب العقارية و حقهم فى نقابة مستقلة, و منتصرا لمطالب و حقوق عمال شركة طنطا للكتان , و العديد من مثل هذه القضايا النضالية , حتى تم إسقاطة بالتزوير فى الإنتخابات البرلمانية عام 2010 و أنسحب بعدها من الأنتخابات إحتجاجا على التزوير. وفى 25 يناير 2011 قاد مظاهرة فى بلطيم ثم قرر العودة إلى القاهرة مع تصاعد الأحداث يومى 26 , 27 و مظاهرات الغضب فى يوم 28 إنطلاقا من مسجد مصطفى محمود بالمهندسين , و مع بدء الإعتصام فى ميدان التحرير و الذى أستمر 18 يوما لم يرغب فى الظهور السياسي و الإعلامى و أكتفى بتبنى أهداف الثورة كاملة فى كل تصريحاتة و أجتماعاتة ورفض التورط فى حوارات ما قبل تنحى مبارك ملتزما برأى الجماهير الثائرة و كان بإستمرار دائم الذهاب إلى ميدان التحرير ليشارك الثوار و يتواجد فى كل المظاهرات المليونية التى تمت فى تلك الأيام , حتى جاء موعد ترشحة للرئاسة فى إنتخابات 2012 حيث تقدم فى 6 إبريل 2012 رسميا لإنتخابات الرئاسة وقام بتقديم عدد يتراوح ما بين 40 و 45 ألف توكيل من المواطنين , حتى جاءت لحظة نتائج الجولة الأولى لإنتخابات الرئاسة حيث حصل حمدين على المركز الاول فى محافظة الإسكندرية بعد أن حصد 602634 صوتا متقدما على أبو الفتوح و مرسي و شفيق الذى جاء فى المركز الأخير على مستوى محافظة الإسكندرية. وقد دلت نتائج الإنتخابات الرئاسية فى الجولة الأولى بالأسكندرية على مدى رفض شعب الإسكندرية للنظام القديم و كان ذلك واضحا و جليا ليس فقط فى إنتخابات 2012 , و لكن منذ إنتخابات 2005 , حيث كانت الإسكندرية أكثر المحافظات التى رفضت مبارك و أعطت أعلى الأصوات لأيمن نور المرشح الرئاسي أمام مبارك وقتذاك , و بالنظر لإنتخابات 2005 و 2012 فى الإسكندرية يتضح لنا أن عروس البحر المتوسط أعلنت منذ زمن رفضها النظام السابق و رفضها التام للظلم و الإستبداد , وكان ذلك فى الوضع العادى الطبيعى , فما بالك بعد سقوط خالد سعيد صريعا , ذلك الشاب السكندرى الذى تبع مصرعة ثورة يناير المجيدة التى حولت شوارع مصر إلى ميادين وساحات للتعبير عن ثورات الفضب , وتجدد المشهد مرة أخرى بالحشود الغفيرة و الذى تمثل فى إحياء الذكرى الثانية لخالد سعيد وهنى سؤال يفرض نفسة , لماذا قرر حمدين المشاركة فى إحياء ذكرى خالد سعيد بالأسكندرية و ليس فى اى محافظة أخرى ؟ وللإجابة على هذا السؤال نستطيع أن نقول أن زيارة حمدين للإسكندرية فى ذكرى خالد سعيد تعد الأولى بعد إنتهاء المرحلة الأولى من الإنتخابات , حيث سبق لحمدين أن علق على نتيجة محافظة الإسكندرية و قال أن مصر قالت أحسن كلام بلسان الإسكندية ,فجاءت زيارتة نوع من رد الجميل و إعترافا بمدى الصلة القوية التى أصبحت بين حمدين وبين الإسكندرية, بالإضافة إلى ذلك لم يكن حمدين وحدة الذى شارك فى إحياء ذكرى خالد بالإسكندرية بل أنضم إليه كثير من السياسين و النشطاء أمثال الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح , و الناشط خالد على , و النائب العليمى , و المخرج خالد يوسف و الإعلامى عبد الرحمن يوسف , و الناشط أحمد حرارة , و احمد دومة , كل هؤلاء شاركوا فى إحياء الذكرى الثانية لخالد سعيد بالإسكندرية , إلى أن جاء ختام ذلك اليوم بمغادرة حمدين منزل خالد سعيد بمنطقة كليوبترا الساحرة و سط هتافات تقول "الرئيس أهو "ذلك الهتاف الذى يحمل رغبة شعبية قوية فى جلوس ذلك الرجل المناضل على كرسي الرئاسة ليتولى مسؤلية البلاد , فهل ستتحقق تلك الرغبة؟ و بالرجوع إلى المعادلة السابقة نجد أن قتل خالد سعيد جاء بعده ثورة يناير , وأن ثورة يناير بصرخة الإسكندرية تطالب بحمدين رئيسا , الإسكندرية التى طالب ثوارها بإستقلالها فور حصول شفيق على ملاين الأصوات فى الجولة الاولى معتبرة ذلك خيانة كبرى للثورة و إشاره إلى أنها أكثر المحافظات التى غارت على تلك الثورة المجيدة , إن هتاف ثوار الإسكندرية لحمدين الرئيس أهو يعتبر صرخة بركانية فها تتحقق , و يتحقق معها حلم جمهورية الإسكندرية الثورية .