الخرطوم (رويترز) - يتطلب الاستثمار في سوق الاسهم السودانية نوعا خاصا من المستثمرين اذ تواجه البلاد تمردا في الغرب وانفصالا في الجنوب وعقوبات أمريكية على سائر الانحاء. لكن ذلك لم ينل من حماس المسؤولين في سوق الخرطوم للاوراق المالية الذين يأملون في أن يعزز بدء العمل بنظام التداول الالكتروني في يونيو حزيران احجام التداول وأن يتيح للبورصة التوسع لتشمل تجارة الذهب والصرف الاجنبي. وقال عثمان حمد خير المدير العام للبورصة "بمجرد أن نتحول من التداول اليدوي الى التداول الالكتروني فسنستهدف اسواقا جديدة مثل السلع الاولية والصرف الاجنبي والعقارات." ويشمل نشاط سوق الخرطوم للاوراق المالية التي تأسست في 1995 تداول أسهم الشركات وصناديق الاستثمار والسندات الاسلامية (الصكوك) على أن تتوافق جميع التعاملات مع احكام الشريعة الاٍسلامية. وتقول البورصة انها سجلت قيم تداول قياسية قدرها 2.4 مليار جنيه سوداني (802.7 مليون دولار) في 2010 وان عدد الاسهم المتداولة بالسوق ارتفع الى 28.9 مليون سهم في الربع الاول من 12.7 مليون قبل عام. وفي مبنى متواضع في قلب العاصمة الخرطوم يستعرض خير بكل فخر قاعة التداول الجديدة وهي صالة تضم لوحة الكترونية عملاقة ومقصورات بها مقاعد برتقالية فاقعة اللون للمتعاملين وصفا من المقاعد في الخلف للمستثمرين. وقال خير ان القاعة لم تشهد بعد أي نشاط لكن من المتوقع أن تدب فيها الحياة في 30 يونيو اذا سار كل شيء كما هو مخطط له. وأضاف أنه كان من المتوقع في بادئ الامر التحول الى نظام التداول الالكتروني العام الماضي لكنه تأجل بسبب مشاكل في استيراد أجهزة الكمبيوتر دون انتهاك العقوبات الامريكية. وتصنف الولاياتالمتحدة السودان الذي يسعى لتحويل نظامه المالي الى النظام الاسلامي على أنه دولة راعية للارهاب. ويضطر السودان بسبب العقوبات لاستيراد أشياء كثيرة مثل اجهزة الكمبيوتر ومعدات الشبكات من الصين ودول اسيوية أخرى بتكلفة أعلى. وتأخر السودان بالفعل عن دول اخرى مثل العراق الذي مزقه الحرب في اعتماد النظام الالكتروني. وتحولت بورصة بغداد للتداول الالي في ابريل نيسان 2009. وقاعة التداول في الوقت الحالي هي غرفة في ركن اخر من نفس المبنى حيث تتجمع مجموعة من الوسطاء يوميا لجلسة التداول التي تمتد ساعة واحدة بين العاشرة والحادية عشرة صباحا. وفي احدى الجلسات مؤخرا أمضى المتعاملون الوقت في تجاذب اطراف الحديث والتجول في القاعة بينما تمثل علامة سريعة بقلم على لوحات بيضاء معلقة على الجدران أو مثبتة فوق الارض التداولات الهزيلة. وقال محمد محجوب مدير قاعة التداول "ساعة واحدة كافية تماما في الوقت الحالي لكن ربما ينتعش التداول عند بدء التداول الالكتروني." ويقول مسؤولون ان البورصة تضم أسهم 57 شركة تتراوح بين بنك الخرطوم وسينما السودان. وتشكل البنوك أكبر قطاع بالبورصة اذ يبلغ عدد أسهم البنوك المدرجة 19 سهما منها أربعة مشروعات مشتركة مع شركاء اجانب. وقال مسؤولون بالبورصة ان أكثر من 90 بالمئة من التداولات ينحصر في صكوك تعرف محليا باسم "شهامة" أو شهادات حكومية بنظام المشاركة وهي أوراق مالية قصيرة الاجل تصدرها الحكومة للاقتراض من السوق المحلية. وقالت الوسيطة سلمى محمد "نتداول صكوك شهامة بالاساس وأسهم البنوك أحيانا." وأضافت "يسهل بيع صكوك شهامة.. يمكنك القيام بذلك في أي وقت. لكن بالنسبة للشركات قد لا تستطيع بيع أسهمك لفترة طويلة." ولا يوجد تداول فعليا في أسهم بعض الشركات مثل شركات قطاع التأمين وذلك منذ صدرت فتوى بأن المالكين الحقيقيين لشركات التأمين هم حاملو وثائق التأمين. واعتبرت الفتوى حاملي أسهم شركات التأمين مضاربين وهو ما قضى على أي اهتمام بتلك الاسهم. وأشار مسؤول بالبورصة على اللوحة البيضاء في ركن قاعة التداول موضحا أنه لم يجر تداول أسهم شركة النيلين للتأمين على سبيل المثال منذ الثاني من ابريل 2009. وتركزت التداولات حينما بدأت البورصة نشاطها على أسهم البنوك وشركات التأمين قبل أن يتحول التركيز الى الشركة السودانية للاتصالات (سوداتل) والان الصكوك. وفي ظل تحريم المضاربة وفقا للشريعة الاسلامية استقر مؤشر الخرطوم عند 2367.9 نقطة في نهاية مارس اذار مقارنة مع 2361.85 نقطة قبل عام. وقال خير ان من استثمروا في صكوك شهامة جنوا عائدا بين 15 و17 بالمئة خلال العام. وعلى أي حال فان من استثمروا في الخرطوم تجنبوا تداعيات الازمة المالية العالمية التي هزت الاسواق في شتى أنحاء العالم في الاونة الاخيرة. وقال خير "لم نعاني على الاطلاق لانك لا تستطيع اصدار أوراق اسلامية ما لم تكن مدعومة بأصول مادية حقيقية. "أداؤنا لم يتغير قبل وبعد وخلال الازمة."