على الرغم من الاضطرابات الأخيرة التي شهدها ميدان التحرير والعديد من المدن المصرية الأخرى، وكذلك فوز حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين بالنسبة الأكبر من المقاعد في المرحلة الاولى من الانتخابات البرلمانية. يبدو أن مسألة الأصول المالية المصرية المجمّدة والمهرّبة من طرف رموز النظام السابق في سويسرا تتجه نوعا ما نحو الحل. ولاتخفي سويسرا، بحسب مسؤول رفيع المستوى، تفاؤلها بإمكانية التوصّل في أقرب وقت إلى اتفاق بشأن الإجراءات القانونية الواجب اتباعها، كما حدث بالضبط مع تونس من قبل. وكانت السلطات السويسرية قد أقدمت على تجميد أصول مالية تبلغ 410 مليون فرنك يُعتقد أنها على ذمّة الرئيس السابق محمّد حسني مبارك، وبعض المقربين منه. كان الإقبال على صناديق الإقتراع في أوّل انتخابات برلمانية عاشتها مصر بعد انهيار نظام حسني مبارك يوميْ الإثنيْن والثلاثاء 28 و29 نوفمبر 2011 شديدا رغم المخاوف الأمنية عقب المواجهات الدامية التي شهدتها نهاية الأسبوع التي سبقت الإنتخابات مباشرة. ويقول المسؤولون السويسريون إن الاسترداد المحتمل للأصول المصرية المجمّدة لن يتأثّر لا بأعمال العنف التي شهدتها القاهرة في الآونة الأخيرة، ولا بما ستسفر عليه العملية الإنتخابية الجارية حاليا. وأوضح فالونتين سيلفيغر، رئيس قسم القانون الدولي بوزارة الخارجية السويسرية بأن "سويسرا لا تزال تواصل عملها مع السلطات المصرية، وبناءً على ذلك، نعتقد أن القضاء المصري سوف يفتح متابعات قضائية حول هذه المسألة". وأضاف سيلفيغر:" ولا يسمح القانون السويسري إلا بتجميد هذه الودائع في المصارف التي توجد فيها، لكن مصادرتها وإعادتها لا تتم إلا بعد صدور قرار من محكمة يثبت مصدرها غير المشروع" . ويقول الخبير القانوني إن سويسرا متفائلة بشأن التوصل إلى اتفاق قانوني شبيه بذلك الذي توصلت إليه مع تونس. وسبق أن طالبت تونس في بداية شهر أكتوبر الماضي بالمساعدة القانونية من لدن سويسرا من أجل استرداد مبلغ 60 مليون فرنك المحتجز بقرار من مكتب العدل الفدرالي في المصارف السويسرية للإشتباه في كونه يعود إلى الرئيس التونسي السابق زين العابدين بن علي، وبعض الدوائر المقربة منه. إحراز تقدم تمت إحالة طلب المساعدة القانونية المتبادلة بين مصر وسويسرا إلى مكتب المدعي العام الفدرالي في شهر اغسطس الماضي، ويقول سيلفيغر إن خبراء مصريين سيصلون قريبا إلى سويسرا للتباحث بشأن القضايا العالقة. وفي شهر اكتوبر الماضي فتح مكتب المدعي العام الفدرالي قضية جنائية ضد أفراد من عائلة حسني مبارك وجهت إليهم تُهم تبييض أموال، والمشاركة في منظمة إجرامية . لكن رضا العجمي، المحامي بمدينة فريبورغ، والذي قاد الخطوات الهادفة إلى تجميد الودائع المالية التي توجد في مصارف سويسرية على ذمة القيادتيْن السابقتيْن في كل من تونس ومصر، يقول: "إن لديه شعور بأن القيادة المصرية الحالية ليست مهتمّة بتسريع التدابير اللازمة لهذا الغرض"، ويضيف: "تقود السلطات العسكرية محاولة يائسة للبقاء في السلطة، وهم لا يريدون مناقشة قضايا حساسة من هذا القبيل". "أموال وأرباح مشروعة" وفقا لما صرّح به نائب وزير العدل المصري عاصم الجوهري، الذي يرأس أيضا هيئة الكسب غير المشروع المكلفة بالعمل على إسترداد الأموال المهرّبة إلى خارج مصر تقدّر الأموال المودعة في المصارف السويسرية من طرف إبنيْ مبارك، جمال وعلاء، بما يناهز 340 مليون دولار، مع أن الجزء الأكبر منها (300 مليون دولار مُودع باسم علاء البالغ من العمر 49 عاما). لكن فريد الديب، محامي عائلة مبارك، أكّد في حديث إلى مجلة "فورين بوليسي" الأمريكية أن الأصول التي تحتجزها السلطات السويسرية "أموال مشروعة" وفوائد محصّلة من أسهم "أبناء مبارك في أسواق الأوراق المالية العالمية، ومن خلال التعامل مع عملاء في الخارج . ويواجه الرئيس المصري السابق، محمد حسني مبارك، ونجلاه جمال وعلاء، ووزير الداخلية السابق، حبيب العادلي، وستة من كبار ضباط الشرطة حاليا المحاكمة بتهم من بينها قتل المتظاهرين، وارتكاب أعمال فساد؛ حيث أنكر جميعهم التهم الموجهة إليهم، وينتظر أن تستأنف المحكمة جلسات الإستماع في هذه القضية يوم 28 ديسمبر 2011. وفي منتصف شهر أكتوبر الماضي أصدرت محكمة مصرية حكما غيابيا بسبع سنوات سجنا وغرامة مالية قدرها 4 مليون دولار بحق خالد، وماجدة أبني رجل الأعمال حسيْن سالم، أحد المساعدين المقربين من الرئيس المصري السابق واللذان اتهما بتببيض أموال والتربّح غير المشروع. ويُشار إلى أن أبيهما قد فرّ من مصر يوم 3 فبراير 2011 وأعتقل في إسبانيا في شهر يونيو من نفس العام بعد صدور إذن دولي بإلقاء القبض عليه، وتطالب مصر حاليا بإعادته إلى البلاد للمحاكمة. وأوضح نائب وزير العدل المصري أن ثروة رجل الأعمال حسين سالم تفوق 4 مليون دولار، لكن تلك الاموال تم تهريبها خلال الاشهر الست الماضية إلى كل من هونغ- كونغ، ودولة الإمارات العربية المتحدة. وقال العجمي: "لقد توجهت بالسؤال مرات عديدة إلى السلطات السويسرية: عندما تم اعتقال سالم بإسبانيا، لماذا لم تجمّد أمواله في سويسرا؟"، مضيفاً:" أريد أن أعرف كم من المبالغ تم دفعها في هذه الشركات؟ وما مصدر تلك الأموال؟ وهل هي من الأموال العامة المصرية؟". وفي شهر فبراير الماضي، أرسل العجمي إلى السلطات الفدرالية قائمة بأسماء 21 مسؤولا ساميا مصريا سابقا يشكّ في إخفائهم ودائع في مؤسسات مالية سويسرية، وكذلك قامت سويسرا بوضع قائمتها الخاصة المتضمنة لاربعة عشر إسما من بينهم حسني مبارك وأفراد عائلته، ولكن ليس من بينهم أحمد سالم. واستند المرسوم السويسري المتعلّق بتجميد الاموال المصرية، وقائمة الأشخاص الذين يشملهم، وفقا لوزارة الخارجية السويسرية، على تقارير ممثلي الدبلوماسية السويسرية في مصر، فضلا عن المعلومات الواردة من جميع البلدان الأخرى المعنية بهذه القضية. اقرأ ايضا: وفد قضائى مصرى يبحث فى سويسرا إستعادة الأموال المهربة