طرابلس (رويترز) - خارج الجدران المنيعة لمجمع الزعيم الليبي معمر القذافي في طرابلس يزيد نقص الوقود والطوابير التي لا تنتهي الاجواء قتامة في المدينة التي أنهكتها أسابيع من الصراع. وتتقدم قوات المعارضة المسلحة بسرعة نحو أكبر معقل للقذافي ويخشى المواطنون في العاصمة بغض النظر عن ارائهم السياسية مما يخبئه المستقبل. وتعيش طرابلس وسط أصوات الانفجارات ونيران الاسلحة المضادة للطائرات مع استمرار الغارات الجوية الغربية وقد أكسب الواقع الجديد البعض جرأة للتعبير عن غضبهم بصراحة أكبر. وقال رضوان وهو في الاربعينات من العمر أثناء وقوفه في صف لشراء الوقود في محطة بنزين بوسط طرابلس "الوضع يزداد سوءا. أنا شخص بسيط. لا أعلم لماذا." ومضى يقول "كل شيء صعب. هناك مشكلة في الغذاء حتى الخبز. لا تستطيع شراء الخبز بسهولة. أشتري الدقيق وأصنع الخبز لنفسي. أشعر بالقلق. هناك مشكلة خطيرة." في احدى محطات التزويد بالوقود في طرابلس اصطفت مئات السيارات في طابور طوله أكثر من كيلومتر أمس الاحد. وانتظر قائدو السيارات المنهكون لساعات ليملاوا خزانات سياراتهم. وعلقت محطة أخرى للوقود لافتة كتبت عليها "لا يوجد بنزين اليوم. الله أعلم متى." وانتظر معظم الناس صابرين بعد أن أوقفوا محركات سياراتهم. استظل البعض بالاشجار الكبيرة يدخنون. ونفد البنزين من سيارة في منتصف طريق ساحلي وساعدت مجموعة من المارة سائقها في دفعها الى الامام. كانت الصورة مشابهة في أجزاء أخرى من طرابلس والبلدات القريبة. تعطلت شبكات الامداد بالسلع الاساسية من جراء القتال الممتد منذ أسابيع. وأدى تدفق اللاجئين الى خارج ليبيا الى نقص شديد في الايدي العاملة بالمخابز ما حد من انتاج ما يكفي من الخبز. وليبيا عضو بمنظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ولديها مصاف نفطية لكن القطاع تعطل بشدة من جراء الصراع. وتضرر جانب كبير من البنية التحتية لتكرير النفط كما تراجع انتاج النفط والمنتجات النفطية بدرجة كبيرة. ويطمئن التلفزيون الحكومي الناس بأن احتياطيات الوقود كافية لكن مسؤولا بقطاع الطاقة اعترف لرويترز الاسبوع الماضي بأن ليبيا تحتاج الى استيراد المزيد من الامدادات للتعامل مع النقص. وتتقدم قوات المعارضة المسلحة التي تسعى لاسقاط القذافي نحو غرب ليبيا بسرعة مدعومة بالغارات الجوية الغربية وتمكنت في الايام القليلة الماضية من استعادت الاراضي التي تركها الجيش المتقهقر. وتطل طرابلس على ساحل البحر المتوسط ويعيش بها ما يصل الى مليوني نسمة وهي أكثر المدن تحصينا حيث لا تتسامح الميليشيات المرهوبة الموالية للقذافي مع المعارضة. غير أن غضب بعض السكان كان واضحا حين حاول صحفيون الحديث معهم يوم الاحد. وقال رجل وقف في طابور لشراء البنزين "التلفزيون يقول ان بريطانيا وفرنسا تريدان أن تأخذا نفطنا لكنني واقف هنا ولا أستطيع شراء البنزين لسيارتي... أين النفط.. أي نفط هذا الذي يتحدثون عنه.." وقال رجل اخر وهو يفرك عينيه اللتين احمرتا بعد أن سهر ليلة كاملة دون نوم منتظرا في محطة بنزين "أنا منتظر منذ الساعة الرابعة صباحا. لا يوجد بنزين. أنا متعب جدا. ونعم أنا غاضب. كثيرون غاضبون." كما عطلت الاضطرابات وصول امدادات الغذاء في الدولة الصحراوية التي تعتمد على الواردات لتغطية الطلب على الغذاء في الداخل. وقالت فاطمة وهي في العشرينات من عمرها التي وقفت في صف للحصول على الخبز المقنن بأحد الاحياء ان شراء زيت الطهي والسكر والمنتجات الاخرى صعب. وأضافت "قبل ذلك كان الوضع طبيعيا لكن الان هناك نقص. بدأ هذا مع الازمة قبل شهر والوضع يزداد سوءا." وتابعت أنها ترى أن أسعار المواد الغذائية الرئيسية مثل الارز والدقيق ارتفعت بمقدار الثلث على الاقل. وقالت انها لا يسمح لها الا بشراء عبوة واحدة من الخبز لاسرتها في كل مرة. وتبدو السلع متوفرة لدى المتاجر في طرابلس لكن الكثير منها مغلق. ويقول الناس ان سعر الخبز نفسه تغير قليلا ونجم النقص أساسا عن رحيل العمال الاجانب. وقال علي محمد علي وهو شاب يعمل في مخبز "قبل ذلك كان الخبز متوفر الان لا. ليس لدينا عمال الان وبالتالي يصعب انتاج ما يكفي من الخبز." وقال علي سالم وهو سائق سيارة أجرة شاب انه لا يعلم ماذا يجب أن يتوقع لكنه أنحى باللائمة على دول أجنبية في كل هذه المشاكل. وأضاف "انتظرت لاربع ساعات بالفعل. يجب أن أفعل هذا كل يوم. انا سائق سيارة أجرة." ومضى يقول "لا أحد يعلم ماذا سيحدث بعد ذلك. غدا يمكن أن يتغير كل شيء. كل هذا بسبب الدول الاجنبية التي تتدخل."