وسط جو من البهجة الغامرة ومشاعر الفخر والكبرياء تدفق ملايين المصريين على ميدان التحرير بوسط القاهرة يوم الجمعة في يوم تاريخي بعد أسبوع من نجاح ثورتهم الشعبية في الاطاحة بالرئيس حسني مبارك. وتوافدت الحشود الغفيرة على الجسور التي تعبر النيل الى ميدان التحرير الذي كان على مدى 18 يوما مركزا لاستعراض قوة شعبية هزت العالم العربي. وكتب على لافتة رفعت وسط أمواج الاحمر والابيض والاسود التي هي ألوان العلم المصري التي غطت ميدان التحرير وشوارع وسط القاهرة المؤدية اليه " انت مصري.. ارفع راسك لفوق". وعادت العربات التي تجرها الخيول الى الشوارع وقد زين أصحابها سيقان الخيول بأشرطة بلون العلم. وكان انتهاء صلاة الجمعة ايذانا ببدء احتفال من المتوقع أن يستمر طوال الليل. وتوافدت على الميدان عائلات غنت ورقصت على انغام الاغاني المنبعثة من القوارب السياحية التي تجوب النيل بينما قرع اخرون الطبول ورقصوا على ضفتي النهر. وطلى بعض الشبان وجوههم بألوان العلم المصري ورددوا النشيد الوطني بينما ارتدت سيدة قميصا كتب عليه "انا احب مصر" فوق عباءتها. وارتدى بعض المحتفلين ملابس قدماء المصريين بينما أطلق اخرون بالونات بألوان العلم الوطني في الهواء لتحلق فوق مبنى المتحف المصري الشهير. والتقط البعض صورا بالقرب من بناية المقر الرئيسي للحزب الوطني الذي كان يتزعمه مبارك والذي أحرق خلال الايام الاولى للانتفاضة الشعبية أو بالقرب من دبابات الجيش التي أحاطت بها العائلات وسط ترحيب من الجنود. وعرض الباعة الجائلون الاعلام والفيشار والمثلجات والوجبات الخفيفة على جموع المتدفقين ووضع البعض شارات تحمل صور محتجين قتلوا في الانتفاضة. وسار أحد الباعة بين الجموع ينادي على بضاعته "صورة الشهيد بجنيه.. صورة الشهيد بجنيه." وانتهت الاجواء المتوترة التي أحاطت بالاحتجاجات المناهضة لمبارك حيث صلى جنود الشرطة العسكرية الجمعة الى جانب المواطنين في الميدان. واكتست الدبابات التي تحرس شوارع القاهرة بالاعلام بينما واصل الاطفال الصغار تسلق العربات المدرعة. ولم يفت الحشود الغفيرة تذكير المجلس الاعلى للقوات المسلحة الذي يحكم البلاد مؤقتا بوعده بالانتقال سريعا الى حكم ديمقراطي مدني. وهتف المتظاهرون في الشوارع بهتافات مثل "الشعب يريد تطهير النظام" و"حسني مبارك ساب القصر.. واعوانه لسه بيحكموا مصر". وكتبت على احدى اللافتات عبارة تقول "من اجل الاستقرار.. الشرطة والشعب يدا بيد في مواجهة البلطجة". وأقيم نصب تذكاري علقت عليه صور بعض المحتجين الذين قتلوا خلال الاحتجاجات وقد أحاطت به الزهور والاعلام. ووسط الاجواء الاحتفالية ما زال الغضب من الفساد الذي استشرى في عهد مبارك محتدما. وحمل احد المتظاهرين لافتة تطالب باستقالة الحكومة المؤقتة التي يرأسها أحمد شفيق التي تضم سامح فهمي وزير البترول وأحمد ابو الغيط وزير الخارجية و"بقية العصابة". واحتفظ فهمي وأبو الغيط بمنصبيهما بعد الثورة الشعبية. وسارت مجموعة من المتظاهرين من مبنى الاذاعة والتلفزيون الحكومي نحو المتحف المصري وهم يحملون لافتات كتبت بلغات أجنبية تدعم السياحة. وجرت مجموعة أخرى نموذجا ضخما للهرم وملصقا ملونا لسائحين يمارسون الغوص في البحر الاحمر وقد كتبوا عليه "رحل مبارك.. مصر ممتعة." وحمل عشرة متظاهرين لافتة كبيرة كتب عليها "زوروا أرض السلام" و"ساعدونا في اعادة بناء مصر". كما وقفت مجموعة من عشرين فتاة فوق احدى الدبابات وأنشدن "مصر بلدنا بلد سياح.. فيها الاجانب تتفسح" مرددات كلمات أغنية شهيرة للمطرب المصري محمد العزبي. وقال محمد (35 عاما) الذي يعمل بأحد الفنادق "نحتاج لعودة السياح. مصر حرة. المعركة لم تنته بعد لكننا مستعدون لاعادة البناء ونحتاج الى دوران عجلة الاقتصاد مرة أخرى." وكان عدد المشاركين في مظاهرة أخرى نظمت بهدف "الاعتذار" لمبارك والاعتراف بانجازاته أقل بكثير وكان معظمهم يبدو عليه الثراء. وقالت منال نخلة وهي سيدة أعمال "أردت ما أراده المحتجون المعارضون لمبارك لكنني أريد أيضا أن أعبر عن الاحترام لرئيسنا السابق." من الكسندر جاديش وشيرين المدني