تونس (رويترز) - قال الزعيم الاسلامي التونسي راشد الغنوشي يوم الخميس ان الاسلاميين في تونس استبعدوا من الحكومة المؤقتة داعيا الى حكومة تضم جميع الاحزاب وتفكيك دولة زين العابدين بن علي البوليسية. واستقبل الاف الاسلاميين الغنوشي عند عودته من المنفى يوم الاحد فيما يشير الى أن حزب النهضة الذي يتزعمها ستصبح قوة كبيرة في تونس بعد أن أطاحت احتجاجات استمرت أسابيع ببن علي الذي فر من البلاد في 14 يناير كانون الثاني. وتقدم حزب النهضة الذي ظل محظورا ما يزيد على 20 عاما للحصول على رخصة هذا الاسبوع وسيشارك في أول انتخابات حرة في تونس رغم أن الغنوشي تعهد بألا يرشح نفسه لاي منصب. وقال الغنوشي في مقابلة مع رويترز ان حركته لم تدع للمشاركة في الحكومة أو تستشر بشأن تشكيلها مضيفا أنه لا يعرف من شكلوها ومن اختاروا أعضاءها وما هي سلطاتهم وأمام من يسألون. وأضاف أنه يدعو الى حكومة تحالف وطني تضم أحزاب المعارضة ومنظمات المجتمع المدني مثل الاتحاد العام للشغل والمحامين وجماعات حقوق الانسان ويقول انهم لا يريدون حكومة مفروضة كالحكومة الحالية. وأجرت تونس تعديلين على الحكومة منذ الانتفاضة التي أطاحت بحكم بن علي الذي دام 23 عاما. وأبقى أول تعديل أدخل على الحكومة بعد فرار بن علي الى السعودية على كثير من وزراء حزبه الحاكم السابق وفشل في اقناع المحتجين الذين طالبوا بتعديل أكثر شمولا. واعلن تشكيل ثان في 27 يناير كانون الثاني خرج منه كل اعضاء حزب التجمع الدستوري الديمقراطي الحاكم سابقا لكنه استبقى رئيس الوزراء الذي كان ايضا رئيسا للحكومة في عهد بن علي. ويضم حزبين سياسيين معارضين واستبعد منه حزب النهضة وعدة معارضين علمانيين لبن علي. وقال الغنوشي ان التجمع الدستوري "مات" بالفعل ولكن شبكته الواسعة من الجواسيس والشرطة والامن الداخلي ما زالت تعمل في تونس وتعمل ضد الثورة. وتابع ان تفكيك هذه الدولة الموازية أولوية لحزب النهضة وكذلك مراجعة القانون التونسي لارساء الديمقراطية والحيلولة دون صعود أي رجل قوي اخر. واضاف ان هناك دولة أخرى لا تزال موجودة هي دولة الامن السياسي ويجب تفكيكها وتفكيك آلة القمع التي تملكها وقوانينها ومؤسساتها وثقافتها لتحقيق ديمقراطية تعددية. وقال ان حركته لا تريد نظاما رئاسيا يركز السلطة في يد الرئيس وانما تريد نظاما برلمانيا ينشر السلطة على نطاق واسع ويبقي على الرئيس كرأس رمزي للدولة. والغنوشي من علماء الاسلام ويتمتع بالاحترام على نطاق واسع ويدعو منذ فترة طويلة الى أن الاسلام يتفق مع الحداثة والديمقراطية التعددية. ويقول ان حزب النهضة أقرب شبها بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا من جماعة الاخوان المسلمين التي تتبنى نهجا اكثر تشددا في مصر. ولكن عودة الغنوشي من المنفى أزعجت بعض التونسيين الذين يريدون الفصل بين الدين والدولة. وقال الغنوشي ان حزب النهضة يؤمن بالحريات الفردية وحقوق المرأة ومساواتها مع الرجل. وأضاف أن هناك دولا تجبر المرأة على ارتداء ملابس معينة باسم الاسلام ودولا تحظر على المرأة ارتداء ملابس معينة باسم الحداثة مثل تونس وان حزب النهضة يعارض الامرين. ومضى يقول ان حزبه مع حرية المرأة في أن تقرر ما تلبسه وتختار شريكها في الزواج ولا تجبر على أي شيء. وكانت تونس دولة علمانية على مدى عقود. واعتبر الحبيب بورقيبة زعيم الاستقلال الاسلام خطرا على الدولة ووصف الحجاب بأنه خرقة بالية. وقمع بن علي حزب النهضة بعد أن حصل رسميا على أكثر من 15 في المئة من أصوات الناخبين في انتخابات عام 1989 ونفى أعضاءه وسجنهم. ويقول محللون ان حزب النهضة قد يحصل اليوم على ما يتراوح بين 35 و40 في المئة من الاصوات وهي نسبة قريبة مما قد يكون حصل عليه بالفعل في انتخابات عام 1989 التي شابها تزوير. وقال الغنوشي ان من السابق لاوانه حساب عدد أتباع النهضة الان أو نسبة الاصوات التي قد يحصل عليها. وكان النساء اللاتي يرتدين الحجاب يحرمن منذ فترة طويلة من الحصول على التعليم والوظائف في تونس وكذلك يتعرض الرجال الذين يواظبون على أداء الصلاة في المسجد للاعتقال على أيدي الشرطة بشكل متواتر. وحسب تقديرات الغنوشي سجن حوالي 30 الفا من أعضاء النهضة على مدى السنين ودعا الى تعويض جميع التونسيين الذين تعرضوا للاضطهاد. وقال الغنوشي ان حركة النهضة لا تسعى الى جعل الدستور التونسي الذي ينص على أن تونس دولة عربية واسلامية أكثر اسلامية ولكنها تسعى الى جعله أكثر ديمقراطية. وقال ان الدستور فصل على مقاس حاكم مستبد. وكل الصلاحيات تتركز في يديه وهو فوق أي مساءلة فهو رئيس القضاء ورئيس السلطة التنفيذية ويسيطر على كل شيء. وأضاف هذه الثورة يجب أن تفكك النظام الاستبدادي بدءا بالدستور بما في ذلك القوانين التي تقيد وسائل الاعلام والاحزاب والجماعات والانتخابات.