باريس (رويترز) - حين وجه الرئيس الأمريكي باراك أوباما خطابا للعالم الإسلامي للمرة الاولى من العاصمة المصرية القاهرة العام الماضي كان خطابه محملا باشارات إلى الماضي وإلى الإسلام وإلى التوترات التي يعاني منها الشرق الاوسط. وفي استكمال لخطابه هذا القى أوباما كلمة يوم الاربعاء في اندونيسيا في أقصى شرق هذا العالم عبر فيها عن تفاؤله بشأن الديمقراطية والتنمية والتنوع في اندونيسيا وعن أمل في المستقبل. لكنها انطوت ايضا على اشارة إلى الدول الإسلامية الاستبدادية. واعتبر أوباما اندونيسيا مثلا يحتذى يجب أن يحاكيه الاخرون مشيدا بالتقدم الذي تم احرازه من الدكتاتورية إلى الديمقراطية المتسامحة مع الديانات الاخرى. ومثلت القاهرة وجاكرتا خلفيتين متباينتين لمراجعة واشنطن علاقاتها مع دول تربط بينها العقيدة لكنها تمارسها بطرق مختلفة ومتناقضة في بعض الاحيان. وعكس الخطابان بوضوح تلك الاختلافات. في القاهرة تحدث الرئيس الامريكي عن سبع مشاكل يجب حلها في الشرق الاوسط. اما خطاب جاكرتا فأشاد فيه بثلاثة مجالات قال ان اكبر دولة اسلامية من حيث عدد السكان نجحت فيها. وقال أوباما "هذا لا يعني أن اندونيسيا بلا عيوب. لا توجد دولة بلا عيوب... لكن هنا توجد القدرة على تضييق هوة الخلافات بين العرق والمنطقة والدين." وفي حين أكد الخطابان أن الولاياتالمتحدة ليست في حرب على الإسلام أولى خطاب القاهرة تركيزا اكبر للدين. واقتبس أوباما آيات من القرآن أربع مرات وتحدث عما "تدين به الحضارات للإسلام" وأضاف أن الإسلام يفخر بتاريخ طويل من التسامح. وفي الوقت نفسه حذر من أن هناك "ميلا مربكا بين بعض المسلمين لقياس تدين المرء برفض ديانة الاخر." وكانت النبرة مختلفة إلى حد كبير في جاكرتا حيث قال "مثلما لا تحدد هويات الافراد بدياناتهم وحسب فان هوية اندونيسيا يحددها ما هو اكثر من شعبها المسلم." ويمثل المسلمون 90 بالمئة من سكان مصر بينما يمثل المسيحيون عشرة في المئة اما في اندونيسيا يمثل المسلمون 86 بالمئة ويمثل المسيحيون تسعة بالمئة اما البقية فمن الهندوس وديانات أخرى. واستخدم أوباما المصطلحات الدينية بشكل متكرر في خطاب القاهرة حيث ذكر كلمة مسلم او مسلمين 46 مرة وكلمة إسلام وإسلامي 23 مرة وديانة 17 مرة. وفي اختلاف عن خطاب القاهرة كانت أغلب الاشارات في خطاب جاكرتا إلى الدولة حيث ذكر كلمة اندونيسيا او اندونيسي 69 مرة واستخدم المفاهيم السياسية مثل الديمقراطية والتقدم والتنمية والحرية بشكل اكبر من التعبيرات الدينية. وفي القاهرة كانت اكثر كلمة استخدمها هي (الشعب) حيث ذكرها 45 مرة متقدمة على كلمة (العالم) بكثير التي جاءت في المركز الثاني وذكرها 29 مرة ثم (مسلمون) التي ذكرها 27 مرة. وفي جاكرتا تصدرت (اندونيسيا) القائمة وذكرها 49 مرة يليها (الشعب) وذكرها 20 مرة ثم (العالم) في المركز الثالث وذكرها 14 مرة. وأكد الرئيس الأمريكي معرفته بالإسلام في القاهرة مشيرا إلى أنه كان يسمع صوت الاذان في جاكرتا وله أقارب مسلمون في كينيا وعمل مع مسلمين في شيكاجو. وأشاد بالانجازات العظيمة للحضارة الإسلامية فيما مضى وتعهد بمكافحة أي أفكار مسبقة سلبية عن هذا الدين ودافع عن حق النساء المسلمات في ارتداء الحجاب. وفي حين احتوى خطابه في اندونيسيا على اشارة تنم عن حنين للماضي حين ذكر سماعه صوت الاذان في جاكرتا فان تركيز أوباما على الدين كان من منطلق الاهتمام بالتسامح الديني. وتطرق في عجالة إلى مشاكل الشرق الاوسط ليقول انه يجب بذل مزيد من الجهد هناك. وفي جاكرتا لم يرد ذكر القرآن الذي كان يستقبل ذكره بالتصفيق في كل مرة يشير اليه أوباما في خطاب القاهرة. كما غابت الاشارة الى اسمه الاوسط المسلم وهو حسين عن خطاب يوم الاربعاء وقد قوبلت هذه الاشارة بالتصفيق في القاهرة. وقال الرئيس الأمريكي في الخطابين انه مسيحي وهي حقيقة يشكك فيها 18 بالمئة من الامريكيين قالوا في استطلاع للرأي مؤخرا انهم يعتقدون أنه مسلم. وكانت القضايا الرئيسية التي تطرق لها أوباما في خطاب القاهرة هي التشدد المتسم بالعنف والصراع الاسرائيلي الفلسطيني والاسلحة النووية والديمقراطية والحرية الدينية وحقوق المرأة والتنمية. وفي جاكرتا تحدث عن "ثلاث مجالات مرتبطة ارتباطا وثيقا واساسية لتقدم الانسان هي التنمية والديمقراطية والدين."