حزب حماة وطن يهنئ الرئيس السيسي بذكرى انتصارات حرب أكتوبر    رئيس مجلس الشيوخ يدعو لانتخاب هيئات مكاتب اللجان النوعية    تصل ل9 أيام.. مواعيد الإجازات الرسمية في شهر أكتوبر 2024    وزير الآثار يلتقي نظيره السعودي لمناقشة آليات الترويج السياحي المشترك    بيع 4 قطع أراضٍ بأنشطة مخابز جديدة بالعاشر من رمضان لزيادة الخدمات    رئيس الوزراء يشهد مع نظيره البافارى توقيع إعلان نوايا مشترك بقطاع الكهرباء    وزيرة التخطيط: 5.2% تراجعا فى نشاط الصناعات التحويلية خلال 23/2024    نائب وزير الإسكان يتابع موقف خدمات مياه الشرب والصرف بدمياط لتحسين الجودة    بالصور.. حي العجوزة يشن حملات لرفع الإشغالات وإزالة حالات بناء مخالف بأرض اللواء    باحث سياسي: الاحتلال الإسرائيلي لم يلتفت إلى الأصوات الدولية الدافعة للتهدئة    «القاهرة الإخبارية»: استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل داخل لبنان    صلاح الأسطورة وليلة سوداء على الريال أبرز عناوين الصحف العالمية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل القيادي في حركة حماس روحي مشتهى    بزشكيان خلال لقائه وفد حماس: أي خطأ يرتكبه الكيان الصهيوني سيعقبه رد إيراني أقسى    بريطانيا تستأجر رحلات جوية لدعم إجلاء مواطنيها من لبنان    محمد رمضان يحسم أولى صفقاته داخل الأهلي رغم رفض مارسيل كولر    قاهر ريال مدريد يشعل صراعاً بين أرسنال وميلان    الحلوانى: إمام عاشور يحتاج للتركيز داخل الملعب.. وعطية الله صادفه سوء توفيق مع الأهلى    محامي أحمد فتوح يكشف تفاصيل زيارة اللاعب لأسرة ضحيته لتقديم العزاء    مصرع طالب غرقا خلال السباحة فى نهر النيل بالعجوزة    ب4 ملايين جنيه.. «الداخلية»: ضبط 19 كيلو «هيدرو وحشيش» بالإسكندرية ودمياط (تفاصيل)    المنيا: ضبط 124 مخالفة تموينية خلال حملة على المخابز والأسواق بملوي    حبس عامل سرق محتويات من محل عمله بالجمالية 4 أيام    ب367 عبوة ل21 صنف.. ضبط أدوية بيطرية منتهية الصلاحية في حملات تفتيشية بالشرقية    التعليم تعلن موعد اختبار الشهر لصفوف النقل.. وعلاقة الحضور والغياب بالدرجات    محافظ المنيا: ضبط 124 مخالفة تموينية خلال حملة رقابية على المخابز والأسواق    فيلم عنب يحتل المركز الثالث بدور العرض.. حقق 47 ألف جنيه في يوم واحد    توقعات برج القوس اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024: الحصول على هدية من الحبيب    معرض صور فلسطين بالدورة ال 40 لمهرجان الإسكندرية السينمائي    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    الصحة توصى بسرعة الانتهاء من رفع أداء 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    20 غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية و6 قتلى بقصف وسط بيروت    بحث سبل التعاون بين وزارتي الصحة والإسكان في المشاريع القومية    مصرع عامل وإصابة 3 أشخاص في حوادث سير بالمنيا    كلية العلوم تعقد اليوم التعريفي لبرنامج الوراثة والمناعة التطبيقية    وزير العدل يشهد مراسم توقيع اتفاقية تسوية منازعة استثمار بين الري والزراعة    4 أزمات تهدد استقرار الإسماعيلي قبل بداية الموسم    «وسائل إعلام إسرائيلية»: إطلاق 10 صواريخ على الأقل من جنوبي لبنان    التابعي: الزمالك سيهزم بيراميدز.. ومهمة الأهلي صعبة ضد سيراميكا    مفاجآت اللحظات الأخيرة في صفقات الزمالك قبل نهاية الميركاتو الصيفي.. 4 قيادات تحسم ملف التدعيمات    الصحة: تشغيل جراحات القلب في الزقازيق وتفعيل أقسام القسطرة ب3 محافظات    نقيب الأطباء: ملتزمون بتوفير فرص التعليم والتدريب لجميع الأطباء في مصر إلى جانب خلق بيئة عمل مناسبة    ألفاظ خارجة.. أستاذ جامعي يخرج عن النص ويسب طلابه في «حقوق المنوفية» (القصة كاملة - فيديو)    روسيا تعلن اعتقال "عميلين" لأوكرانيا على حدود ليتوانيا    إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مركز شباب برج البرلس في كفر الشيخ    وزير الثقافة يفتتح الدورة 24 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    نجاح عملية استئصال لوزتين لطفلة تعانى من حالة "قلب مفتوح" وضمور بالمخ بسوهاج    ‫ تعرف على جهود معهد وقاية النباتات لحماية المحاصيل الزراعية    «يا ليالي الطرب الجميل هللي علينا».. قناة الحياة تنقل فعاليات مهرجان الموسيقى العربية ال 32 من دار الأوبرا    الفنانة منى جبر تعلن اعتزالها التمثيل نهائياً    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    حظك اليوم| برج العقرب الخميس 3 أكتوبر.. «يومًا مليئا بالتغييرات المهمة»    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    وزير الصحة الأسبق: هويتنا تعرضت للعبث.. ونحتاج لحفظ الذاكرة الوطنية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دول الخليج تسعى لمواجهة البطالة ببرامج توطين الوظائف
نشر في مصراوي يوم 24 - 10 - 2010

عندما هرع المسعف القطري محمد مجيب الى قصر الشيخ خليفة بن حمد ال ثاني في منتصف التسعينيات بعدما تلقى مكالمة استغاثة لم يكن يعرف أيهما له وقع أكبر على الامير المريض.. النوبة القلبية التي داهمته لتوها أم حقيقة أن من يسعفه مختص محلي. وقد بادره الحاكم السابق للامارة بصوت متهدج قائلا "أنت قطري.. ما شاء الله."
المفاجأة التي انتابت الشيخ خليفة كان لها ما يبررها ففي شتى دول الخليج -خاصة في الدول التي يقود النفط والغاز فيها نموا سريعا- من النادر أن تجد مواطنا يعمل في قطاع الصحة أو في أي مجال اخر تابع للقطاع الخاص. ويبدو أن هناك ميثاقا غير معلن بين الحكام والمواطنين في الخليج بأن يرضى المواطنون تمام الرضى بشغل الوظائف الحكومية المريحة ذات الاجر المرتفع وساعات العمل القصيرة والتي كثيرا ما لا يجد الموظف فيها ما يشغله. أما في القطاع الخاص فقد بدأ الاجانب من جنوب اسيا والعرب غير الخليجيين والغربيون يشغلون الوظائف الواحدة تلو الاخرى.
ويدرك حكام الخليج منذ أكثر من عقد أنهم يواجهون مشكلة لاسباب ليس أقلها أن هذا الامر يضع سلطة تسيير العمل اليومية في قطاعات كاملة من الاقتصاد في أيدي الاجانب. ويمثل العاملون الاجانب أكثر من 80 بالمئة من قوة العمل في القطاع الخاص في كثير من الدول الخليجية ويشغلون مناصب رئيسية في ادارة الشركات الوطنية في مجالات الطيران والعقارات والخدمات المالية وقطاع الاعلام.
واستجابة لذلك شرعت الحكومات في تنفيذ برامج "توطين" تهدف لدفع مواطنيها للعمل في القطاع الخاص. وقادت سلطنة عمان الطريق فأطلقت في الثمانينيات من القرن الماضي برنامجا للعومنة وحذت حذوها حكومات البحرين والكويت وقطر والسعودية والامارات العربية المتحدة. وعادة ما تتضمن هذه البرامج حوافز ضريبية للشركات الخاصة التي تعين مواطنين وتحديد حصة من العمالة المحلية بكل شركة والاستثمار في تدريب الخريجين.
لكن ذلك لم يؤت ثماره اذ تجد كثير من الحكومات الخليجية صعوبة في تغيير ثقافة الوظيفة الحكومية التي يسهل الحصول عليها واعداد مواطنيها للعمل في القطاع الخاص. ومازال القطريون الذين يشكلون 16 بالمئة من سكان البلاد البالغ عددهم 1.7 مليون نسمة لا يمثلون -وفقا للاحصاءات الحكومية - سوى خمسة بالمئة فقط من اجمالي العاملين في القطاع الخاص بالبلاد. ولا يشغل المواطنون غير واحد بالمئة فقط من وظائف القطاع الخاص في الامارات العربية المتحدة. أما السعودية بعدد سكانها الكبير فقد بلغ حجم مشاركة المواطنين في القطاع الخاص عشرة بالمئة.
تقول نورة البدور المسؤولة عن برنامج توطين الوظائف بالامارات "نحتاج للمشاركة في القطاع الخاص ... القطاع الخاص عصب الاقتصاد الوطني وللمواطنين الحق في العمل في هذا القطاع. هذا مهم للغاية بالنسبة لنا."
لقد اعتاد المواطن في الخليج أن تكون بانتظاره وظيفة حكومية مريحة في اطار ما يسميه انجو فورشتينلتشنر الاكاديمي النمساوي بجامعة الامارات العربية المتحدة صفقة الحكم وهي أن يعطيك الحاكم كل شيء على ألا تطلب شيئا.
ويقول فورشتينلتشنر "انها في الاساس عملية شراء الرضوخ السياسي من خلال توزيع الثروة النفطية."
كانت الامور تسير جيدا مادامت الوظائف الحكومية متاحة. لكن في دول مثل السعودية - حيث تبلغ نسبة البطالة 10.5 بالمئة رغم أن دبلوماسيين ومحللين يقولون ان النسبة الفعلية أعلى من ذلك على الارجح - لم تعد الوظائف الحكومية مضمونة. وفي الكويت ينتظر 12 ألف مواطن الحصول على وظائف حكومية.
أدى كل هذا الى شعور بالاحباط بين الشبان في تلك الدول. وفي احتجاج عام شديد الندرة في أواخر أغسطس اب احتشد حوالي 200 خريج جامعي سعودي أمام وزارة التعليم في الرياض يحملون ملصقات عليها شعارات تطالب الحكومة بتوفير الوظائف وأخرى تقول " كفى ظلما".
ويقول خبراء انه ما لم تتصدى الحكومات لمشكلة البطالة فربما تتزايد الاحتجاجات مما يضيف الى المخاطر الامنية في هذه البلاد. وقال مصطفى علاني من مركز الخليج للابحاث "الحكومة (السعودية) تعتبر مسألة البطالة مشكلة رئيسية لها تداعيات خطيرة على الاوضاع الامنية."
وجزء من المشكلة هو أن كثيرا من مواطني الخليج مازالوا لا يرون جدوى من السعي للعمل في القطاع الخاص. في دولة مثل الامارات - حيث اختفت البيوت المتواضعة المبنية بسعف النخيل لتحل محلها الفيلات الفاخرة وناطحات السحاب على مدى جيل أو اثنين - تقول الحكومة ان معظم المواطنين عاطلون بارادتهم. وتظهر الاحصاءات الرسمية أن نسبة البطالة تبلغ 23 بالمئة بين الاماراتيين - وهي نفس نسبة البطالة في قطاع غزة.
يقول بول داير المتخصص في الاقتصاد السياسي والعمالة بكلية دبي للادارة الحكومية "هذه اقتصادات غريبة.. فهي اقتصادات تحولت بين عشية وضحاها من اقتصادات فقيرة الى حد ما وغير متطورة الى اقتصادات بها استثمارات ضخمة من عائدات النفط." ويقول المواطن الاماراتي خالد المطوع (26 عاما) الذي كان يعمل حتى وقت قريب كمدير للمشروعات في أحد البنوك العالمية ان التحول لم يكن أمرا سهلا.
وأضاف وقد جلس مسترخيا بعد العمل في منتجع ريتز كارلتون في دبي "اعتقد أن الاجيال الاكبر سنا... لم تكن مستعدة لمثل هذه الطفرة الهائلة ... لكنني لا أعتقد أن الشباب هنا كانوا أكثر استعدادا لها بأي حال. الاماراتيون يعيشون في مناخ أسري من الدرجة الاولى. يضعون الاسرة على رأس الاولويات."
ويرى كثيرون أيضا أن الوظيفة بالقطاع الخاص أقل جاذبية من الوظيفة الحكومية والتي عادة ما يعملون فيها دواما أقصر ويحصلون على أضعاف مرتب الوظيفة الخاصة. يقول عبد الله الكعبي (23 عاما) الذي يعمل والده بزراعة النخيل في مدينة حتا الجبلية على مسيرة ساعة من دبي "لا يمكنني التغاضي عن الامر الواضح."
وقال الكعبي وهو يحتسي القهوة في مول دبي الضخم ويده تداعب هواتفه المحمولة الفضية الثلاثة انه يفضل الانتظار ولو حتى سنة كاملة للحصول على وظيفة حكومية على العمل لدى احدى الشركات الخاصة.
وقال "يمكنني العمل في أحد البنوك من الثامنة صباحا حتى الخامسة مساء على الاقل والحصول على نصف الراتب الذي سأحصل عليه من وظيفة حكومية من الثامنة صباحا الى الثانية مساء. أي شخص في مكاني سيختار الوضع الافضل."
وأحد العوامل التي تعوق احراز تقدم هي حقيقة أن برامج توطين الوظائف غالبا ما تكون ضعيفة التنظيم اذ تتوقف بعد بضع سنوات من انطلاقها فقط ليعاد استئنافها بعد ذلك. وقد استأنفت السعودية مؤخرا برنامج السعودة الذي يشمل الزام الشركات بتعيين سعوديين بنسبة معينة من عمالتها وبرنامج تحفيز تدفع الدولة من خلاله نسبة من أجر الموظف المحلي.
كما أن القطاع الخاص في الخليج ليس مهيئا بشكل كبير لاستيعاب المواطنين وبرامج توطيم الوظائف لا تقدم حوافز كبيرة على الاصلاح. وتساءل فورشتينلتشنر في بحث أجراه عام 2009 عن الاسباب وراء هذه النسبة المرتفعة من البطالة بين الاماراتيين في اقتصاد يحقق أحد اعلى معدلات النمو في الشرق الاوسط وفي ظل عائد نفطي كبير. والاجابة هي أن ملايين الوظائف في القطاع الخاص تستهدف أصلا الاجانب وليس المواطنين الاماراتيين.
وقال فورشتينلتشنر في البحث "القطاع الخاص هنا مصمم للاستغلال - ليستغل المستثمرون الاجانب وأصحاب النفوذ من المواطنين عمالة أجنبية مؤقتة ورخيصة فهو ليس مصمما لتوظيف عمالة دائمة محلية."
ويعني التفاوت الهائل بين عدد المواطنين وعدد العاملين المؤقتين الاجانب أن الحصص التي تفرضها الحكومة لتعيين المواطنين ضرب من ضروب الخيال. وتهدف السياسة الرسمية لتوطين الوظائف في قطر الى جعل نصف القوة العاملة في البلاد من المواطنين وهي نسبة يرى البعض أن من المستحيل تحقيقها في دولة يمثل مواطنوها أقل من خمس تعدادها الاجمالي.
وتتوقع الامارات التي نفذت نظام الحصص في قطاعات مختلفة منذ عشر سنوات أن تبلغ نسبة العمالة الاماراتية 40 بالمئة في كثير من القطاعات في العام الحالي. ولم يحقق هذه النسبة سوى بضع شركات.
وهناك أيضا حقيقة ان عدد المواطنين في كثير من الدول غير كاف لدعم النمو. ويشير استطلاع أجرته رويترز الى أن من المتوقع أن ينمو الناتج المحلي القطري بنسبة هائلة تبلغ 15.5 بالمئة في 2010 بينما سينمو الاقتصاد السعودي بنسبة 3.8 بالمئة. حتى الامارات التي تضم دبي المتضررة من الازمة العالمية من المتوقع أن تسجل نموا اقتصاديا بنسبة 2.4 بالمئة.
ونتيجة لذلك فان شركات القطاع الخاص مضطرة "للنزول الى فئات أدنى لشغل هذه الوظائف" وفقا لما قاله أحد المغتربين العاملين في قطاع الاتصالات القطري والذي رفض نشر اسمه منتقدا زملاءه في قطاع الاتصالات. "نرى كثيرا من غير المؤهلين وغير أصحاب الخبرة في هذه الوظائف ... يضعونهم في هذه الوظائف ويتركونهم وشأنهم. وفي الغالب عندما يتعثر أحدهم في أداء وظيفته يتم نقله الى وظيفة أخرى يفشل في أدائها أيضا."
واستثمرت الحكومات المليارات في برامج للتعليم في مسعى لتطوير مهارات العمالة المحلية لكن كثيرين يقولون ان النظام مازال دون المستوى المطلوب. وقالت نورة البدور مديرة التوظيف وتنمية المهارات لدى هيئة توظيف وتنمية الموارد البشرية الوطنية (تنمية) بالامارات وهو برنامج يهدف لدعم توظيف الاماراتيين في القطاع الخاص "هناك فجوة كبيرة بين ما تحتاجه السوق وما يقدمه النظام التعليمي الاماراتي."
والوضع أكثر حرجا في السعودية حيث يقاوم المطوعون مساعي الملك عبدالله لتحديث التعليم وتخفيف المحتوى الديني الضخم في الكتب الدراسية من خلال برامج تتكلف 2.4 مليار دولار.
يقول سليمان ابراهيم من مركز الخليج للابحاث "نحن لا نؤهل خريجين لديهم القدرة على التفكير وانما خريجين يحملون معلومات."
لكن حتى السعوديين الذين تلقوا تعليمهم في جامعات أمريكية يشكون من أنهم لا يجدون أيضا وظائف في القطاع الخاص. ومع ارتفاع نسبة البطالة تصبح السعودية واحدة من دول الخليج القليلة التي يعمل فيها المواطنون سائقي سيارات الاجرة أو أفراد أمن.
ويدير طراد العمري شركة بيت السعودة للتوظيف ومسجل لديه أربعة الاف سعودي من خريجي الجامعات الاجنبية.
وعلى عكس الكثير من دول الخليج العربية فان أغلبية سكان السعودية البالغ عددهم 25.4 مليون نسمة من المواطنين. ويشير العمري الى أن برامج توطين الوظائف تنطوي على تضارب في المصالح اذ ان معظم الدول الخليجية تشترط أن تكون الشركات مملوكة بنسبة تتجاوز الخمسين بالمئة لمواطنين محليين الا أن هؤلاء المواطنين هم عادة من يعارضون تعيين أبناء وطنهم.
ويقول العمري "يعينون أناسا ذوي مؤهلات أقل (من السعوديين) ... لان أجرهم سيكون أقل."
ويقول شبان خليجيون ان ذلك يظهر كيف أن التركيز على التعليم يغفل المشكلة الاكبر وهي وفرة العمالة الاجنبية الرخيصة التي تجعل برامج توطين الوظائف غير اقتصادية.
وهذا صحيح اذ تضغط الشركات لحماية الوضع الراهن. وعندما حاولت البحرين قبل عامين فرض ضريبة على العمالة الاجنبية لجعل تكلفة تعيينهم مماثلة لتكلفة تعيين المواطن البحريني تدخل رجال الاعمال الاثرياء ممن لديهم نفوذ سياسي لاحباط الخطة. وبدلا من ذلك تفاوضوا لفرض رسوم قدرها عشرة دنانير (27 دولارا) على تأشيرة دخول العامل الاجنبي - وهو مبلغ زهيد بالنسبة للشركات الكبيرة حيث يمكن أن يتم تعيين عاملين أجنبيين أو ثلاثة بما يوازي مرتب مواطن واحد. وتساءل فورشتينلتشنر "اذا كان لديك شركة كبيرة يعمل بها عشرة الاف هندي بمقابل أقل فلماذا ستحتاج لتعيين كل هذا العدد من البحرينيين.."
والواقع أن كثيرا من الشركات الخاصة عادة ما تنظر الى برامج توطين الوظائف باعتبارها عبئا عليها أن تتعايش معه أو ضريبة خفية لا باعتبارها أحد سبل بناء الدول التي تستضيف أعمالها. وخلص فورشتينلتشنر ومحمد الوقفي في استطلاع عن توطين الوظائف في الامارات أجري عام 2009 الى أن الاجانب والمواطنين على السواء "يتفقون عادة على وصف توطين الوظائف بالامارات بأنه أحد أشكال الضرائب." وقالا ان الشركات "تعين مواطنين للوفاء بالحصص المفروضة عليها وليس لانها تريد ذلك."
لكن نورة البدور تقول أن الحصص هي أحد أشكال المسؤولية الاجتماعية للشركات وان الاجواء في الامارات في المقابل مواتية للاعمال. وقالت "ليست هناك ضرائب - الشركات تأتي هنا وتجني أرباحا كبيرة فلماذا اذن لا تمنح مواطنينا فرصة للعمل؟"
وهناك مزايا للالتزام بنظام الحصص فالشركات ذات السجل الجيد خاصة التي تمنح مواطنين محليين وظائف رفيعة المستوى كثيرا ما تكون لها الافضلية في الحصول على العقود الحكومية المربحة. لكن حتى الشركات صاحبة أنجح برامج توطين الوظائف تكافح للوفاء بمستويات الحصص المطلوبة. وفي بنك لويدز بالامارات الذي فاز بعدة عقود بفضل اتباعه لسياسة توطين الوظائف تبلغ نسبة العاملين الاماراتيين 39 بالمئة. وهذه نسبة جيدة لكنها مازالت أقل من الشرط القانوني أن يكون 48 بالمئة من العاملين في البنوك اماراتيين خلال 2010.
وقال داير من كلية دبي للادارة الحكومية ان السباق لتحقيق الحصص أدى الى خلل في النظام التحفيزي. ويضر هذا في نهاية المطاف بالمواطنين أنفسهم اذ أنه لا يوضح للشبان الساعين للحصول على فرصة عمل المهارات التي يحتاجونها للحصول على وظيفة. وعادة ما تضطر الشركات في نهاية المطاف لتعيين "موظفين صوريين" يقوم موظفون أجانب في حقيقة الامر بانجاز مهام وظائفهم بدلا منهم.
وقال داير "الخطر هو أن يصبح (المواطنون) الفئة المنظمة لاقتصاد لا يعلمون شيئا حقيقة عنه."
وقال مطاوع المصرفي السابق ان من الشائع أن تقوم الشركات بالاحتيال في الجامعات. وأضاف "تأتي (الشركات) وتقول انها ستقدم منحا تدريبية براتب ثلاثة الاف درهم (718 دولارا) شهريا دون أن يذهب الموظف للعمل أو أن يفعل شيئا. كما لو أن تلك منحة تدريبية. وبهذه الطريقة تفي الشركات بحصة العمالة المحلية المستهدفة للشركة وينتهي الامر."
لكن هناك بوادر على أن بعض برامج توطين الوظائف لها تأثير خاصة في البحرين وسلطنة عمان وهما أول من نفذ مثل هذه البرامج. على سبيل تشترط السلطنة منذ عشرين عاما أن يكون سائقو سيارات الاجرة وموظفو الاستقبال بالفنادق من المواطنين المحليين.
كما أن هناك تغيرا أيضا في بعض الدول الاخرى. يقول حسن المراغي (32 عاما) وهو رئيس قطاع في أحد البنوك القطرية ويمتلك مصنعا صغيرا للاثاث "تغيرت الاوضاع في السنوات الخمس الماضية... الان هناك مزيد من المهندسين والمديرين والمحاسبين القطريين."
بيد أن الحكومات تريد أكثر من ذلك. بدأت "توطين" وهي مؤسسة اماراتية خاصة الاستعانة باماراتيين في القطاع الخاص لارشاد الشباب في برامج التدريب والتوعية. وبدأت الكويت برنامجا لدعم رواتب المواطنين العاملين في الشركات الخاصة ببدلات حكومية.
ومصدر القلق هو أن مثل هذه الحلول تسمح للنظام الحالي بالاستمرار رغم عيوبه دون الاصلاحات الجوهرية التي يحتاجها.
وقال داير "هل يمكن لذلك أن يستمر.. هذا يتوقف على وجود النفط ... النفط هو الذي يمكن الاقتصاد من مواصلة مسيرته. اعتقد أن قطر ستستطيع المضي قدما بفضل ثروتها الضخمة من الغاز الطبيعي." أما بالنسبة لدول أخرى فمازالت هناك علامات استفهام تحيط باقتصادات مخصخصة بشكل كامل في عهد ما بعد الوقود الاحفوري. ويقول بعض الخبراء ان الحل الوحيد هو الحد من العمالة الاجنبية الرخيصة والحد من توقعات الاجور بين المواطنين.
وكان خالد المطوع واضحا بشأن وجهته عندما قال خلال مقابلة في أغسطس " سأنتقل الى القطاع الحكومي. أرى أن هذا واجبي نحو بلادي" قبل أن يتوقف برهة ليقول مبتسما "من ذا الذي لا يرغب في أن يجلس هكذا ويحصل على أموال كثيرة؟"
ولم تمض أسابيع حتى كان خالد قد وجد ضالته في هيئة الطيران الاماراتية.
من اريكا سولومون وريجان دوارتي
(شارك في التغطية تمارا وليد في دبي وصالح الشيباني في سلطنة عمان وفريدريك ريشتر في البحرين وأسماء الشريف في السعودية وقام بالتحرير سايمون روبنسون وسارة لدويث.)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.