دبي (رويترز) - من استراليا الى بريطانيا وحتى فرنسا التي حظرت النقاب في الاونة الاخيرة باتت الاقتصادات الغربية تعدل قوانينها لتشجيع النمو في قطاع التمويل الاسلامي الذي يأملون أن يجتذب مستثمري الخليج الاثرياء. لكن الحماس ضعيف في الولاياتالمتحدة بسبب أمور السياسة التي قد تعوق نمو التمويل الاسلامي وتجعل استثمارات منطقة الخليج المصدرة للنفط تتجه الى مكان اخر. يواجه التمويل الاسلامي تمحيصا وتدقيقا في الولاياتالمتحدة حيث يرى منتقدون أن هذه الصناعة التي يبلغ حجمها تريليون دولار كانت غطاء لتحويل أموال الى ارهابيين أو مخططا من المسلمين لنشر مبادئ الشريعة الاسلامية التي تحرم الربا. وأصدر مركز السياسة الامنية الامريكي الشهر الماضي تقريرا بعنوان " الشريعة.. خطر على أمريكا" جاء فيه أن الممارسات التي تروج للشريعة "غير متوافقة مع الدستور" ويجب "تحريمها." وعرض التقرير في مقر الكونجرس الامريكي وحظي بتأييد بعض الجمهوريين. وينشط رئيس مجلس النواب الامريكي السابق نيوت جينجريتش أيضا في الدعوة الى قانون اتحادي يضمن عدم الاعتراف بالشريعة أو التمويل المتوافق مع الشريعة من قبل أي محكمة أمريكية. وقال جواد علي أحد الشركاء ونائب مدير التمويل الاسلامي العالمي في شركة المحاماة كينج اند اسبالدينج "اذا كان هناك اختيار.. وكان تحليل العائد والمخاطرة متساويا لكن أحد الاماكن يفتح ذراعيه للمسلمين بينما السياسيون في بلد اخر لا يرحبون بالمسلمين فسيختار المسلمون قطعا الولاية القضائية الاكثر ترحيبا." وكانت الولاياتالمتحدة غالبا وجهة استثمارية مواتية لمستثمري الشرق الاوسط. ويقول علي انه لا يزال فيها الكثير الذي يجعلها مفضلة. فمن ناحية.. يدعم نظام الضرائب الامريكي الحالي نمو التمويل الهيكلي المتوافق مع الشريعة. ومعظم العملات الخليجية مرتبطة بالدولار الذي تسعر به صادراتها النفطية مما يزيل مخاطرة سعر الصرف المرتبطة بالاستثمار عبر القارات. لكن تشديد اللهجة السياسية في الولاياتالمتحدة قد يدفع بعض المستثمرين الى ارجاء قراراتهم. وقال مصرفي اسلامي في الخليج "المستثمرون لم يبدأوا الهروب من الولاياتالمتحدة بعد لكنني رأيت عددا من المستثمرين المحتملين من المنطقة يعيدون النظر في استثمارات متوافقة مع الشريعة كانوا على وشك القيام بها لانهم يخشون من المناخ." وقال مصرفي اسلامي اخر ان محادثات مع شركة أمريكية للحصول على تمويل من خلال صكوك اسلامية انهارت في وقت سابق هذا العام بعدما خشي العميل من الجدل. وتدرس الشركة استخدام سندات تقليدية بدلا من ذلك. وجرى اطلاق أول اصدار صكوك اسلامية في بريطانيا في أغسطس اب عندما حصلت شركة انترناشونال انوفيتيف تكنولوجيز على تمويل من خلال صفقة صكوك بقيمة عشرة ملايين دولار. لكن حجم هذا الاصدار هزيل بالمقارنة باصدار صكوك اسلامية قيمته 500 مليون دولار طرحته جنرال اليكتريك العام الماضي وهو أول اصدار من نوعه من شركة أمريكية كبرى. والواقع أنه من المستبعد أن تلحق أي لهجة سلبية تتناول التمويل الاسلامي ضررا اقتصاديا بالشرق الاوسط. وتنشط الشركات الامريكية في الاستثمار في الشرق الاوسط هذا العام وعندما تتطلب الصفقات تمويلا اسلاميا فان الشركات الامريكية تتجاوب مع هذا. وفي ظل عدم اليقين بشأن افاق الانتعاش الامريكي والاوروبي مازالت الشركات والصناديق الغربية تتطلع الى العوائد المرتفعة التي تتيحها الاسواق الناشئة ومن بينها الخليج. وما فعلته الاجواء السلبية أنها قلصت قوة الدفع لنمو خدمات التمويل الاسلامي في الولاياتالمتحدة التي يعيش فيها ما بين خمسة وسبعة ملايين مسلم. ووفقا لدراسة أعدها مركز بيو للابحاث فان 41 بالمئة من المسلمين الامريكيين يزيد دخلهم السنوي عن 50 ألف دولار. وهناك نحو 20 مؤسسة مالية تقدم منتجات اسلامية مثل الرهن العقاري والاستثمار المباشر لكن لا توجد بنوك اسلامية كاملة. وفي المقابل يقدم البنك الاسلامي البريطاني خدماته للمسلمين البريطانيين الملتزمين. وقال جيمس أبو رزق السناتور السابق وأول عضو أمريكي عربي في مجلس الشيوخ الامريكي "هناك كثير من الناس لا يعلمون أي شيء عن الاسلام ولم تفعل الدول الاسلامية الكثير لتوعية الشعب الامريكي." من أجل هذا أطلق مجلس الاحتياطي الاتحادي (البنك المركزي الامريكي) مجموعة بحثية للتمويل الاسلامي ويريد الاستعانة بمستشارين من صناعة التمويل الاسلامي. وأطلقت وزارة الخزانة الامريكية برنامج التمويل الاسلامي 101 لتثقيف الاجهزة الحكومية في التمويل الاسلامي. ويدار البرنامج بجانب مشروع التمويل الاسلامي لجامعة هارفارد الذي أنشئ في عام 1995 لدراسة التمويل الاسلامي من الناحية القانونية وتعزيز التعاون بين الباحثين داخل وخارج العالم الاسلامي. لكن هذه المبادرات تعرضت أيضا للتسييس. ونشرت صحيفة واشنطن تايمز مقالا مع رسم كاريكاتيري يصور المرشحة لعضوية المحكمة العليا ايلينا كاجان وعلى رأسها عمامة ويلومها على "السماح بتوغل الشريعة في أسواقنا الرأسمالية" من خلال دعم مشروع هارفارد للتمويل الاسلامي عندما كانت عميدة كلية الحقوق.