برلين (رويترز) - رد المنحدرون من اصول العمال المهاجرين المسلمين في المانيا بمزيج من التحدي والاستياء والسخرية على نظريات عضو مجلس ادارة البنك المركزي الالماني الذي قضى الاسبوع الماضي يستهدف المهاجرين المسلمين بالهجوم. واثار ساراتسين انتقاد الحكومة الالمانية وزملائه في الحزب الديمقراطي الاشتراكي لتيار يسار الوسط بسبب تصريحاته التي قال فيها ان المهاجرين المسلمين يقوضون المجتمع الالماني ويرفضون الاندماج ويستنزفون موارد الدولة. ويسخر كهربائي يدعى هاليس سوينميز وهو تركي المولد من ذكر اسم ساراتسين مربتا على كرشه ليظهر مدى اندماجه في المجتمع الالماني. ويقول انه ما من شك ان بعض الاتراك الذين هاجروا الى المانيا في الستينات وجدوا صعوبة في التكيف لانه لا احد كان يعتقد انهم سيبقون. وقال بألمانية سليمة وبلكنة برلينية "كان من المتوقع ان يعودوا بعد ثلاث سنوات. في الستينات والسبعينات والثمانينات لم يكن هناك اي حديث عن الاندماج." واضاف سوينميز البالغ من العمر 45 عاما "اما مع الاجيال التالية فالوضع مختلف. بل انظر ...لقد اصبح لي كرشا المانيا الان." وادانت المستشارة الالمانية انجيلا ميركل تصريحات ساراتسين ونأى البنك المركزي (البوندسبنك) بنفسه عن عضو مجلس ادارته قائلا انه سيدرس اتخاذ اجراءات ضده. ومنذ عام 1961 بدأ الاف "العمال الضيوف" الاتراك قبول دعوات من حكومة المانياالغربية للمساعدة في ادارة عجلة اقتصاد البلاد المزدهر بعد الحرب العالمية الثانية وكان ذلك مشروطا في الاساس ببقائهم لفترة مؤقتة. وانتهت عمليات الاستقدام عام 1973. وبحلول ذلك الحين كان كثيرون قد ضربوا جذورهم في المجتمع وانضمت اليهم لاحقا زوجاتهم واسرهم ليصل عدد الاشخاص المنحدرين من اصل تركي في المانيا حاليا الى ثلاثة ملايين شخص. ويقدر بأن مليون مسلم اخرين يعيشون في المانيا. وفي كتابه الجديد الذي عرضته صحيفة بيلد واسعة الانتشار على مدى الاسبوع الماضي استهدف ساراتسين المجتمع المسلم في المانيا قائلا انه لا يريد ان "ينتهي الامر بالالمان كأغراب في ارضهم وليس حتى على اساس اقليمي (بل على اساس ديني)." ويجادل مسلمون قليلون بان كثيرا من المهاجرين يجدون صعوبة في الاندماج وانه يتعين فعل الكثير من اجل ذلك. غير انهم يشيرون الى اسهاماتهم في اعادة اعمار المانيا بعد الحرب ويرفضون ما يعتبره ساراتسين نهجا يسبب الانقسام. وقال زبير تاسجي وهو مواطن الماني عمره 55 عاما ينحدر من اصل كردي تركي ويدير متجرا صغيرا في حي كرويتسبرج في برلين "لقد ساعدنا في بناء هذا البلد. اجزاء كثيرة من المانيا كانت لا تزال مدمرة عندما وصلنا الى هنا بعد الحرب." واضاف الاب لاربعة اطفال "الاجانب جزء كبير من هذا البلد. تصور ماذا كان سيحدث اذا اخذوا اموالهم وغادروا .. كان سيوجد متهورون قليلون مثل ساراتسين وكانت المانيا ستعود الى حيث كانت قبل الحرب.. ينبغي ان تتعلم من الماضي." وتعليقات عضو مجلس ادارة البنك المركزي الاخيرة المثيرة للجدل والتي ادرجها في كتابه "المانيا تتخلص من نفسها" ليست بغريبة عليه. ففي الخريف الماضي اثار ضجة بعدما قال لمجلة انه "لا يتعين على ان اقبل اي شخص يعيش على حساب الدولة ويرفضها ..وينجبون دائما فتيات صغيرات يرتدين احجبة. هذا صحيح بنسبة 70 في المئة على السكان الاتراك وبنسبة 90 في المئة على السكان العرب في برلين." ويطعن السكان الالمان في السن ويتقلص عددهم مما دفع نوابا من كافة انحاء الطيف السياسي الى القول بان المهاجرين سيكونون ضروريين للحفاظ على قوة العمل ونظم الضمان الاجتماعي. ويوضح المسلمون الذين يشتهرون تاريخيا بزيادة معدلات مواليدهم عن بقية سكان المانيا انه تنحدر منهم على نحو متزايد شخصيات بارزة في مختلف المجالات. فجيم اوزديمير المشارك في تأسيس حزب الخضر المعارض ومسعود اوزيل احد النجوم الالمان الشبان في كأس العالم الاخيرة كلاهما مولود لاب من العمال الضيوف الاتراك. وزميل اوزيل في الفريق الالماني سامي خظيرة وهو من اب تونسي انضم الى ريال مدريد هذا الصيف مثلما فعل اوزيل. وقال اورهان اتسيجي وهو مشغل مخرطة عمره 48 عاما ان نبرة تصريحات ساراتسين التي حظيت باشادة من اليمين المتطرف في المانيا وخارجها اظهرت عدم وجوب أخذ ما يقوله على محمل الجد. وقال "اسمع اسوأ من ذلك.. يمكنك ان تتجاهلها. من ساراتسين هذا .. كل طفل يعرف ان هناك مشكلة مع الاندماج لكن الساسة لم يفعلوا ما يكفي لحلها." غير ان البعض سئموا من توجيه اصابع الاتهام. وقال فكرت اوكور (54 عاما) وهو اب لثمانية اطفال "لا اعتقد ان هناك نفس النوع من الخوف من الاسلام في امريكا كالموجود هنا. الالمان الاكبر سنا هم المشكلة وليس الاصغر." وتابع بقوله "لم يكن الامر سهلا عندما وصلنا الى هنا في السبعينات. لقد كنا خمس اسر نستخدم مرحاضا واحدا. بل لم يكن هناك دش. لقد كان الجميع ينادونني بالاجنبي ويرسلونني الى المنزل. لكن ماذا عن ابني البالغ من العمر 13 عاما.. هو لا يتحدث كلمة بالتركية."