مع صعود أحزاب اليمين المتطرف في انحاء اوروبا تسعي هذه الاحزاب في المانيا ايضا لتحقيق نجاحات مماثلة في الانتخابات المحلية المقبلة. مستغلة مخاوف الألمان المتزايدة من الاجانب خاصة المسلمين منهم, والتي تغذيها شخصيات معروفة من أمثال تيلو ساراتسين ورينيه شتادكيفيتس وتشهد المانيا بسبب هذه المخاوف جدلا لاينتهي حول اندماج الاجانب في المجتمع يتجاهل مع الاسف حقيقة ان المانيا ليست فقط بحاجة للاجانب الموجودين فيها, انما ايضا الي فتح الباب واسعا امام المزيد من المهاجرين للتغلب علي مشكلة النقص في الايدي العاملة المتخصصة والتي يحذر الخبراء الالمان انفسهم من تأثيرها السلبي علي رفاهية المانيا وتقدمها الاقتصادي. لقد نجح تيلوساراتسين وزير المالية السابق في حكومة ولاية برلين وعضو مجلس ادارة البنك المركزي الالماني بآرائه الاستفزازية عن فشل اندماج المسلمين في المجتمع الالماني, في احداث انقسام بين الالمان حول كيفية التعامل مع الجاليات العربية والتركية والمسلمة عموما والتي يسبب اندماجها البطيء في المجتمع الالماني صداعا في رأس المستشارة وحكومتها وتبني ساراتسين اراء تغذي مشاعر الخوف من المسلمين, فهو يحذر من اسلمة المانيا وينتقد المهاجرين المسلمين الا انهم لايسهمون في النشاط الا قتصادي للبلاد سوي ببيع الخضراوات والفاكهة, ويحذر من ان المانيا ستفقد هويتها الثقافية والحضارية بسبب ارتفاع نسبة المواليد بين المسلمين الذين يتهمهم بالغباء بسبب احجامهم عن التعليم وتعليم ابنائهم لاسباب ترتبط بثقافتهم الاسلامية, وبسبب تركيبتهم الجينية! كما ينتقد ان نسبة البطالة بين المسلمين اربعة اضعافها بين الالمان وانهم يعتمدون علي المعونات الاجتماعية لإعالة اسرهم, اضافة الي مشكلات اجتماعية مرتبطة بهم لاتحتاجها المانيا مثل تزويج البنات قسرا وعدم احترام حقوق المرأة. غير ان الاهم في كل ذلك ان ساراتسين لم يطرح حلولا للمشكلة وانما تعامل معها بأسلوب الحل النهائي مبديا رغبته في اختفاء المسلمين من المانيا حتي تزول اسباب المشكلة. وبالطبع اغتنمت الأحزاب اليمينية المتطرفة الفرصة الذهبية, فرصة ان تتردد هذه الآراء علي لسان شخصية لها مكانتها في المجتمع وان تحظي بتعاطف نسبة كبيرة من الالمان, خاصة العاطلين منهم والمنتمين لطبقات مهمشة اجتماعيا تصب جام سخطها علي المسلمين ككبش فداء, فأعلن حزب برو دويتشلاند المتطرف عن تنظيم مظاهرة كبيرة دعا آلاف الالمان للمشاركة فيها في نفس يوم الاحتفال من صفوفه بسبب عدائه للمسلمين, فقد اعلن عن تأسيس حزب جديد يسمي الحرية يعتقد انه سيكون فرعا للحزب الهولندي بزعامة جيرت فيلدرز والذي تمكن اخيرا من ان يصبح ثالث اكبر قوة سياسية في هولندا, ويجري حاليا وسط ستار من السرية الاعداد لاحتفال كبير لهذا الحزب تحت التأسيس في برلين غدا سوف يشارك فيه جيرت فيلدرز نفسه. وفلي ظل هذه التطورات واستطلاعات الرأي التي تشير الي تصاعد موجة العداء للمسلمين, خرج رؤساء الاتحادات الصناعية والتجارية وخبراء الاقتصاد ليحذروا الالمان من ان هذا الجدل الاجتماعي الثقافي الديني برمته يتجاهل بعدين مهمين شديدي الاهمية علي علاقة وثيقة ببعضهما البعض: الاول اقتصادي ويتعلق بالنقص الحاد في الايدي العاملة المؤهلة والاقل تأهيلا في مختلف التخصصات والثاني ديموغرافي, حيث تعاني المانيا من انخفاض مستمر في معدل المواليد, ما يعني ان المانيا ستواجه نقصا في الايدي العاملة خلال25 عاما يقدر بثمانية ملايين عامل وفقا لأرقام معهد الاقتصاد الالماني في كولونيا, ويخسر الاقتصاد الالماني حاليا نحو25 مليار يورو سنويا بسبب النقص في العمالة الفنية المؤهلة, ولكي يبقي معدل السكان كما هو عليه تحتاج المانيا سنويا الي200 الف وافد جديد, وهي مشكلة لم تستوعبها حتي الحكومة الالمانية التي ترفض تعديل قوانين الهجرة من جديد فلايزال الانطباع السائد بين الالمان هو ان الاجانب يخطفون منهم فرص العمل في حين تتحدث الارقام لغة مختلفة تماما, فمنذ عام2008 ازداد عدد الاجانب المؤهلين ومن بينهم اتراك ومسلمون اطباء ومهندسون وفنييون الذين يهاجرون من المانيا سنويا علي عدد الوافدين اليها. في ضوء هذه الارقام يكتسب وجود الاجانب في المانيا, مسلمين او غير مسلمين, بعدا خطيرا ومصيريا لمستقبل المانيا ورفاهيتها ولكنه غائب عن المناقشات الدائرة, ويجد سياسيون ومسئولون المان كثيرون صعوبة كبيرة في التطرق اليه والاعتراف به خوفا من ان تتأثر شعبيتهم او من سخط الناخبين الالمان عليهم غير ان الانتعاش الحالي للاقتصاد الالماني وحاجة الشركات الالمانية الماسة لفنيين ومهندسين وايدي عاملة مدربة دفعا خبراء الاقتصاد في المانيا للتحذير من الانسياق وراء هذا الجدل العقيم الذي اشعله ساراتسين و يصب في مصلحة اليمين المتطرف, فالمانيا بحاجة لملايين الاجانب خلال الاعوام المقبلة.