فيما تكمل القوات الاميركية المقاتلة انسحابها من العراق هذا الاسبوع، اكد الكابتن تجي تيبلي بقاء قواته على الخط الامامي في المناطق المتنازع عليها والتي تمثل حسب رأيه اكبر تحد يواجه البلاد. ويتولى الكابتن تيبلي (27 عاما) قيادة قوة يشارك فيها اضافة الى الجنود الاميركيين عرب واكراد. وتقوم هذه القوة بدوريات على امتداد مناطق متنازع عليها شمال محافظة كركوك الغنية بالنفط، بهدف السيطرة على الاوضاع هناك. وفيما يحزم الاف الجنود الاميركيين امتعتهم عائدين الى بلادهم، في اطار خطة خفض عديد القوات الاميركية ليبقى خمسين الف منهم في العراق، يواصل تيبلي ورفاقه عملهم لتنفيذ مهمتم المستقلة. وقال تيبلي وهو من ولاية اوهايو "عموما الامور تتغير. فقد اصبح عددنا من اكثر من مئة الف جندي الى خمسين خلال اشهر قليلة" في اشارة لخفض عدد القوات حتى نهاية الشهر الجاري. واضاف الضابط الاميركي الذي كان يتحدث في آلية مدرعة لكشف الالغام متوجه الى قرية كوركه جال شمال كركوك "لكن في الاول من ايلول/سبتمبر، ستواصل القوات الامنية المشتركة العمل هنا". وتعد القوة التي يقودها تيبلي واخرى مماثلة لها، مفاتيح لحفظ استقرار الاوضاع بين حكومة بغداد واقليم كردستان، في المناطق المتنازع عليها التي تمتد على طول 650 كيلومترا. والمناطق المتنازع عليها اشبه ب"خط نار" يمتد من ايران شرقا الى سوريا غربا ويهدد بوقوع صراع مسلح. وباشرت القوات الامنية الثلاثية، التي يقود تيبلي احدا، عملها في كانون الثاني/يناير 2009، بتوجيه من قائد القوات الاميركية في العراق الجنرال راي اوديرنو. ولكن ومع تواصل سحب القوات الاميركية التي يفترض ان تغادر جميعها العراق في نهاية العام المقبل للاتفاقية التي ابرمت بين بغداد وواشنطن، يسعى القادة العسكريون الاميركيون الى خفض الدور الذي تلعبه قواتهم واعادة هيكلة هذه القوات. وقال الميجور جنرال انتوني كوكولو لفرانس برس من قاعدة للجيش الاميركي في تكريت "ما اتمنى ان اراه يحدث، هو تحول هذه القوات من ثلاثية الى ثنائية" في اشارة الى سعيه لتكون هذه القوات مؤلفة من عرب واكراد فقط. واشار كوكولو الى ان الخطة هي ان يلعب الاميركيون دور المستشارين للجيش العراق وقوات البشمركة الكردية الذين يعملون معا الى جانب القوات الاميركية الان. ولكنه تابع انه لابد ان تتولى الشرطة لاحقا مهمة القيام بهذه الدوريات. وحاليا، ومع مواصلة قوة تيبلي عملها، يقوم الضابط بعقد لقاء مع مختار قرية كوروكة جال رمضان محمد (40 عاما) في مدرسة القرية يحضره الملازم دانيال سبورير (23 عاما) فقط. واتبع نظام الرئيس صدام حسين سياسة تعريب زادت من توتر الاوضاع في هذه المناطق. وتشير احصاءات منظمة حقوق الانسان الى قيام صدام بترحيل نحو 120 الف كردي من كركوك بين عام 1991 وحتى سقوطه عام 2003. وقامت قوات الامن الكردية بالزحف الى الجنوب والغرب من اقليم كردستان للمطالبة باراضي عربية في محافظات كركوك ونينوى وديالى، شمال وشمال شرق بغداد. وخلال السنوات التي تلت اجتياح العراق عام 2003، تبادل الجانبان حكومة بغداد واقليم كردستان الاتهامات بشأن السعي لبسط النفوذ في هذه المناطق بهدف السيطرة عليها. ويرى القادة العسكريون الاميركيون ان غياب التعاون وانعدام الثقة بين الجانبين، قد استغل من قبل الجماعات المسلحة والمتمردين.ويرى مختار قرية كوركه جال ان الاوضاع الامنية تحسنت منذ بدء القوات المشتركة عملها ونشر دوريات ونقاط تفتيش في المنطقة. واعرب المختار عن امله في تعاون العرب و الاكراد على بسط الامن قائلا "اتمنى ان يعمل الجانبان (العرب والاكراد) معا لحفض الامن عندما يرحل الاميركيين". وفيما يؤكد القادة العسكريون الاميركيون على ان العلاقات جيدة بين العرب والاكراد، يشير مختار كوركه جال الى استمرار التوتر وبقاء ذكريات مؤلمة. وقال محمد متحدثا الى كابتن تيبلي خلال الاجتماع "المشكلة (...) في زمن صدام، رحلنا الى اقليم كردستان"، مؤكدا "لكني انا من كركوك". ويؤكد تيبلي الصعوبات التي تعيشها المناطق المتنازع عليها والتعقيدات التاريخية التي فيها. واشار تيبلي الى ان"بعض الامور يصعب فهمها". وتابع "عندما يتحدثون عن العراق في اميركا، نتصور انه سنة وشيعة" في اشارة لصراع طائفي وتوتر بين السنة والشيعة والذي قتل جراءه من اجتياح العراق عشرات الالاف الضحايا. واضاف "لكن عندما تصل هنا تدرك انك في خضم (صراع) بين الاكراد والعرب". ويبدو من الصعب التوصل الى اتفاق بين العراق والاكراد، بسبب عدم التوصل لاتفاق على تشكيل الحكومة المقبلة رغم مرور نحو ستة اشهر على الانتخابات التشريعية في السابع من اذار/مارس الماضي. وقال اللفتنانت سبورير خلال الاجتماع مع مختار القرية "كل ما نحتاجه هو ان تتشكل الحكومة وكل شيء سيكون على مايرام". واضاف "اعلم ان الصبر ليس سهلا، ولكن علينا ان نصبر ونرى". وبدوره، قال المختار محمد "نعم، علينا ان نصبر". وتابع "انا متاكد واتحدى ان يوجد شعب في العالم يستطيع ان يصبر كما صبر العراقيين".