جباليا (قطاع غزة) (رويترز) - ينحي بعض السكان باللائمة على الاوضاع السياسية الفلسطينية الداخلية بينما يحاول البعض الاخر أن يلقي بها على اسرائيل.. ايا كان السبب فان انقطاع التيار الكهربائي المتكرر خلال موجة صيفية حارة أصاب الناس بحالة من التوتر في غزة. وينقطع التيار الكهربائي عن سكان القطاع الساحلي الذي تديره حركة المقاومة الاسلامية الفلسطينية (حماس) لما يصل الى 16 ساعة في اليوم خلال شهر رمضان مما يفسد التجمعات العائلية ويهدد المنشات التجارية. وقال حسن حويلة وهو اب لثمانية ابناء كان يجلس على الرصيف خارج منزله المتداعي المكون من طابق واحد في مخيم جباليا للاجئين بشمال قطاع غزة "هاي مش عيشة". وأضاف "أجلس انا واولادي هنا للهروب من الحر. في بعض الاحيان نأخذ حشياتنا الى الخارج وننام حيث يكون الجو ألطف قليلا." وتكون امدادات غزة من الطاقة سيئة في أفضل الاحوال بسبب نظام البنية التحتية المتداعي الذي تدهور بشدة خلال المواجهات الاخيرة بين اسرائيل وحماس. ودمر قصف اسرائيل لمحطة كهرباء غزة عام 2006 ستة محولات وفي الوقت الحالي لا يعمل سوى محول واحد بطاقة منخفضة كثيرا. وازداد الوضع سوءا بسبب خلاف على تمويل امدادات الوقود مما يضع حماس في مواجهة خصمها اللدود في الداخل.. السلطة الفلسطينية التي كانت تسيطر على غزة وما زالت تدفع فاتورة كهرباء القطاع. وثلثا احتياجات غزة من الكهرباء توفرها اسرائيل اضافة الى مصر التي تقدم قدرا يسيرا جدا منها فيما يتم توليد الثلث الباقي محليا من خلال محطة الكهرباء التي ألحقت بها الحرب أضرارا. وتسدد السلطة الفلسطينية لاسرائيل ثمن الوقود اللازم لتشغيل مولد الكهرباء في غزة كما تدفع لاسرائيل ومصر ثمن الكهرباء التي تغذيان بها القطاع. وتقول حماس ان السلطة لا تدفع ما يكفي من المال لتلبية احتياجات غزة من الطاقة فيما تقول السلطة الفلسطينية ان حماس لا تحصل فواتير كهرباء من المشتركين مما أدى الى عجز في السيولة. وقال رئيس الوزراء سلام فياض في بيان انه سيتم شحن ما يكفي من الوقود لتشغيل مولدين لخمسة ايام اعتبارا من يوم الاربعاء لان شركة توزيع كهرباء غزة حولت مليوني دولار لحساب سلطة الطاقة. وأضاف فياض أن استمرار توريد الوقود "يتوقف على انتظام شركة توزيع كهرباء غزة بتحويل الاموال اللازمة لذلك الامر الذي يتطلب من الشركة تفعيل الجباية والتحصيل من كافة المواطنين القادرين على الدفع وكافة المؤسسات العامة ودون استثناء." وأيا كان الملوم في انقطاع الكهرباء فان النتيجة واضحة وضوحا مؤلما لسكان القطاع البالغ عددهم 1.5 مليون نسمة مكدسين في هذه المساحة الصغيرة من الارض.. وهي انقطاع التيار الكهربائي باستمرار مما يغرق مناطق بالكامل في الظلام بحلول الليل وتوقف الثلاجات (المبردات) ومضخات المياه عن العمل. وقالت ام حسن زوجة حويلة بعد تناول السحور على ضوء مصباح كيروسين "هاي جهنم". والوضع أسوأ في النهار لان المراوح وأجهزة التكييف لا تعمل مع ارتفاع درجات الحرارة في فصل صيف حار بشكل غير معتاد. حتى الرحلة الى ساحل ألطف جوا محفوفة بالمخاطر لان محطات معالجة المياه تتوقف عن العمل مع انقطاع الكهرباء المتكرر مما يعني صب مياه الصرف الصحي غير المعالجة في البحر لتتحول شواطيء البحر المتوسط الى أماكن خطرة على الصحة. ويقول مسؤولون في الشركة الفلسطينية ان اجمالي فاتورة الوقود الشهرية 70 مليون شيقل (18.4 مليون دولار) فيما لا تحصل شركة الكهرباء سوى 16 مليون شيقل من المستهلكين الذين يشتكي كثير منهم من أنهم لا يستطيعون سداد فواتيرهم. وتدرك حماس والسلطة الفلسطينية غضب الجماهير من هذه المسألة لذا تبحثان خصم قيم فواتير الكهرباء مباشرة من رواتب العاملين بالقطاع العام والموظفين الحكوميين. وتسدد حماس رواتب 34 الف موظف مدني وعسكري وتدفع السلطة الفلسطينية رواتب نحو 77 الف موظف اخر ويجري بحث خصم تلقائي قيمته 170 شيقل من كل موظف. كما وعدت السلطات في غزة بالضغط على المستهلكين لسداد الفواتير في موعدها كما تعهدت وزارة المالية الفلسطينية بأن تغطي اي عجز في الشهرين القادمين لضمان الامدادات. لكن سكان غزة ما زالوا متشككين في اي اتفاقات من هذا النوع ولا يرون حلا سريعا لمشكلة الكهرباء التي عقدت وضع اقتصاد يعاني من كساد شديد بالفعل. قال محمد ابو اسامة الذي يشهد متجره بمدينة غزة نشاطا عادة في شهر رمضان "التجارة سيئة. أخشى الاحتفاظ بكميات كبيرة من الجبن ومنتجات الالبان أو حتى الاغذية المحفوظة في الثلاجة بسبب انقطاع الكهرباء لفترات طويلة." وأضاف "الناس أيضا لا يشترون السلع بكميات كبيرة لانهم يخشون أن تفسد بسرعة. لا أحد يهتم بخسائرنا. قادتنا لا يكترثون."