حذر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف نظيره الاميركي جون كيري الجمعة من مغبة اتخاذ خطوات متسرعة بشأن الوضع في اوكرانيا، في حين اعتبر الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ان الاعلان عن استفتاء مقبل حول مستقبل القرم "مثير للقلق وخطير". فقد اعلنت وزارة الخارجية الروسية ان لافروف حذر نظيره الاميركي كيري في اتصال هاتفي معه من مغبة القيام بعمل متسرع او فرض عقوبات على روسيا تؤدي الى الاضرار بالعلاقات الاميركية الروسية. وجاء في البيان الروسي "لقد حذر لافروف من مغبة اتخاذ خطوات متسرعة وغير مدروسة يمكن ان تضر بالعلاقات الروسية الاميركية وخصوصا من مغبة فرض عقوبات سيكون لها بالتأكيد تأثير مماثل على الولاياتالمتحدة نفسها". من جانبه اعتبر بان كي مون ان الاعلان عن استفتاء مقبل حول مستقبل القرم "مثير للقلق وخطير"، بحسب ما اعلن المتحدث باسمه مارتن نيسركي الجمعة. واضاف ان بان كي مون "يطلب بالحاح من سلطات اوكرانيا بما فيها القرم، معالجة هذه القضية بهدوء" والامتناع عن اي "عمل متسرع" واي "قرار يتخذ تحت وطأة الاحداث". وتابع نيسركي ان الامين العام "يشدد على ضرورة المحافظة على السلام والاستقرار في المنطقة". من جهة ثانية لوحت موسكو الجمعة بقطع الغاز عن اوكرانيا مالم تسدد متأخرات عليها، في حين منع رجال مسلحون يرفعون الاعلام الروسية مراقبي منظمة الامن والتعاون في اوروبا من دخول القرم. وهددت موسكو التي تواجه عقوبات اقتصادية ودبلوماسية من الولاياتالمتحدة والاتحاد الاوروبي، باللجوء الى سلاح الطاقة. فقد حذرت المجموعة الروسية العملاقة الناشطة في مجال الغاز "غازبروم" الجمعة اوكرانيا بوقف صادراتها من الغاز اليها اذا لم تبادر السلطات الاوكرانية الجديدة الى تسديد حوالى ملياري دولار من الديون المستحقة لروسيا في اسرع وقت. وقال رئيس غازبروم اليكسي ميلر بحسب ما نقلت وكالات الانباء الروسية محذرا "ان اوكرانيا اوقفت بفعل الامر الواقع تسديد ثمن الغاز. لا يمكننا ان نزود الغاز مجانا. فاما ان تسدد اوكرانيا المتاخرات واما سيكون هناك خطر العودة الى الوضع الذي كان سائدا في بداية 2009". لكن اوروبا باتت اليوم اقل تعرضا لازمة تزود بالطاقة مع شتاء قليل البرودة وتنوع خيارات شحنات الغاز. ولليوم الثاني على التوالي، منع المراقبون العسكريون لمنظمة الامن والتعاون في اوروبا الذين ارسلوا الى اوكرانيا بناء على طلب السلطة الاوكرانية، من دخول القرم من قبل رجال مسلحين يرتدون ازياء غير متجانسة وملثمين ويحملون بنادق هجومية ويرفعون اعلاما روسية. والعسكريون ال47 غير المسلحين من 25 دولة من اصل 57 دولة عضوا في منظمة الامن والتعاون في اوروبا، وصلوا على متن حافلتين قرب قرية تشونغار، احدى نقطتي الوصول برا الى شبه جزيرة القرم. وكانت تتبعهم نحو خمسين سيارة على متنها انصار لسلطات كييف يرفعون الاعلام الاوكرانية الزرقاء والصفراء وشكلوا تظاهرة صغيرة امام نقطة المراقبة. وقال احد المراقبين الذي طلب عدم كشف هويته، لوكالة فرانس برس انهم "سيحاولون التفاوض مع هؤلاء الناس". واضاف "نحاول ببساطة الدخول الى القرم بصفتنا مدعوين من الحكومة الاوكرانية وبتفويض من منظمة الامن والتعاون في اوروبا". وبعيد ذلك، اضطر مراقبو المنظمة للعودة ادراجهم لان محاولة التفاوض لم تفض الى اي نتيجة. وانتقدت موسكو الجمعة مبادرة منظمة الامن والتعاون في اوروبا لانها لم تنتظر الحصول على "دعوة رسمية من قبل سلطات القرم". وكان المراقبون اجبرو الخميس على العودة ادراجهم عند نقطة عبور اخرى من قبل مسلحين. ومهمة هؤلاء المراقبين تتمثل في محاولة تخفيف التوتر في القرم حيث تحاصر القوات الروسية قواعد عسكرية اوكرانية وحيث قرر البرلمان المحلي المؤيد لموسكو، الانفصال عن كييف وتنظيم استفتاء حول انضمام القرم الى روسيا في 16 اذار/مارس. ورحب النواب الروس في موسكو بمبادرة البرلمان في القرم واكد رئيسهم سيرغي ناريشكين انهم سيحترمون "الخيار التاريخي" للقرم. والمح النواب بذلك الى انهم سيصوتون من دون اي مفاجأة، لصالح انضمام هذه المنطقة حيث يقيم مليونا نسمة، الى الاتحاد الروسي. والخميس، ندد الرئيس الاوكراني الانتقالي اولكسندر تورتشينوف بالاستفتاء المعلن، منددا ب"جريمة ضد اوكرانيا يرتكبها العسكريون الروس". وفي موسكو، تظاهر أكثر من 65 ألف شخص الجمعة دعما لسكان القرم، بحسب الشرطة. واقام المشاركون في هذا التجمع حفلا موسيقيا خلف الساحة الحمراء المجاورة للكرملين، بدأ باغنية وطنية عنوانها "ضباط" اداها مغني البوب الروسي اوليغ غازمانوف، وحملوا أعلاما روسية ولافتات كتب عليها "القرم أرض روسية" او"القرم نحن معك". وقال رئيس برلمان القرم فلاديمير كونستانتينوف ان "روسيا لن تتركنا نسقط". على المسرح الدبلوماسي، ورغم مشاورات مكثفة منذ اسبوع، لم ينجح الغربيون والروس في ايجاد منفذ للازمة التي اندلعت في نهاية شباط/فبراير مع سيطرة القوات الروسية على القرم. وبعد اخذ ورد، استلت بروكسل وواشنطن سلاح العقوبات الدبلوماسية والاقتصادية. وخلال المحادثة الهاتفية الثانية المطولة جدا مع فلاديمير بوتين في اقل من اسبوع، اعلن باراك اوباما ان روسيا تتحرك في انتهاك لسيادة ووحدة اراضي اوكرانيا ما يدفع بالولاياتالمتحدة "الى اتخاذ اجراءات للرد على ذلك بالتنسيق مع شركائها الاوروبيين". من جهته، حذر فلاديمير بوتين نظيره الاميركي من خطر "التضحية" بالعلاقات الاميركية الروسية من اجل "مشاكل دولية منعزلة على الرغم من اهميتها الكبرى"، بحسب الكرملين. وامر الرئيس الاميركي الذي اندفع في اكبر اختبار قوة مع موسكو منذ انهيار الاتحاد السوفياتي، بفرض قيود على تاشيرات السفر وطلب تجميد ارصدة استهدفت مسؤولين روس واوكرانيين. من جهتهم، علق القادة الاوروبيون المفاوضات حول التاشيرات مع روسيا وهددوا باتخاذ المزيد من العقوبات وخصوصا الاقتصادية منها اذا استمر الوضع يتدهور. وفي سوتشي، اعرب الرئيس الروسي عن امله في ان تسهم الالعاب الاولمبية الشتوية لذوي الاحتياجات الخاصة التي بدات للتو، في "تهدئة التوترات". وفي ختام قمة استثنائية في بروكسل، اعلن رئيس المجلس الاوروبي هرمان فان رومبوي الخميس ان الاتحاد الاوروبي سيوقع الشق السياسي في اتفاق الشراكة مع كييف قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في 25 ايار/مايو في اوكرانيا. وقال فان رومبوي "نحن نقف الى جانب اوكرانيا ونجدد الالتزام الاوروبي بتوقيع اتفاق الشراكة". واضاف "قررنا وفق الاولوية اننا سنوقع الشق السياسي من الاتفاق في وقت قريب جدا. هذا يعني قبل الانتخابات في اوكرانيا في 25 ايار/مايو". وكان رفض الرئيس الاوكراني فيكتور يانوكوفيتش، المعزول حاليا، التوقيع على الاتفاق مع الاتحاد الاوروبي السبب في اندلاع حركة الاحتجاج في تشرين الثاني/نوفمبر تلتها عملية قمع عنيفة مع حصيلة من 100 قتيل على الاقل، في عنف غير مسبوق في تاريخ اوكرانيا المستقلة حديثا.