اندلعت مواجهات بعد ظهر الاحد في نهاية تظاهرة في كييف ضمت قرابة 200 الف شخص من المعارضين المؤيدين للاتحاد الاوروبي الذين تحدوا الشرطة بعد تبني قوانين جديدة تعزز العقوبات ضد المحتجين في ما وعد الرئيس الاوكراني بتشكيل لجنة مع المعارضة لوضع حد للازمة السياسية في البلاد. وقال فيتالي كليتشكو وهو احد قادة المعارضة الاوكرانية ان "الرئيس فيكتور ايانوكوفيتش وعد بان يشكل صباح الاثنين لجنة تضم ممثلين عن الادارة الرئاسية والحكومة والمعارضة من اجل ايجاد حل للازمة". وبينما كانت التظاهرة في ساحة الاستقلال التي يطلق عليها ايضا اسم "ميدان" تقترب من نهايتها، حاول مئات المتظاهرين تجاوز الطوق الامني للتوجه الى البرلمان، واستولوا على عربات للشرطة كانت تقطع الطريق امامهم. واضرموا النار في احدى هذه الاليات. وردت قوات الامن بالغاز المسيل للدموع والضرب بالهراوات. ومن ناحيته، دعا البيت الابيض الاحد الى انهاء المواجهات فورا. وقالت المتحدثة باسم مجلس الامن القومي كاثلين هايدن في بيان "نحن قلقون جدا من اعمال العنف التي حصلت اليوم (الاحد) في شوارع كييف وندعو جميع الاطراف الى وقف التصعيد فورا". وبعد قرابة ثلاث ساعات على انتهاء المواجهات، استخدمت الشرطة الاوكرانية خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين اثر المواجهات التي اندلعت عقب التجمع. وافاد مراسل وكالة فرانس برس ان قوات الامن واصلت استخدام الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية في وقت قام المحتجون برشق الحجارة والقنابل الدخانية. كذلك ابلغ شهود عيان فرانس برس ان الشرطة حاولت قمع المتظاهرين برشهم بخراطيم المياه وسط درجات حرارة متدنية وصلت الى سبع درجات مئوية تحت الصفر. واعلنت شرطة كييف "انها لا تملك معلومات حول وجود خراطيم مياه في المكان" واكدت ان سيارة لمكافحة الشغب استخدمت لاخماد حريق في احدى الحافلات. وادت المواجهات الى جرح اكثر من 20 شرطيا بحسب وزارة الداخلية. وادخل اكثر من 10 شرطيين الى المستشفى اصابات اربعة منهم بالغة. وحاول الملاكم وزعيم المعارضة فيتالي كليتشكو التدخل لوقف المواجهات ودعا الحشود الى عدم استفزاز الشرطة. وقال ارسيني ياتسينيوك المسؤول في حزب المعارضة المسجونة يوليا تيموشنكو ان"العنف لا يؤدي الا الى حمام دم". وكان حوالى 200 الف معارض اوكراني من المؤيدين للتقارب مع الاتحاد الاوروبي تدفقوا الاحد الى ساحة الاستقلال بطريقة سلمية متحدين قرار منع اي تظاهرة في وسط كييف حتى الثامن من اذار/مارس، والقوانين الجديدة التي اصدرها الجمعة الرئيس فيكتور يانوكوفيتش وتقضي بادراج او تعزيز العقوبات ضد المتظاهرين. وفي اجواء شديدة البرودة تدافع المتظاهرون من حول ساحة "ميدان" التي يحتلها منذ نحو شهرين معارضون اوكرانيون مؤيدون للاتحاد الاوروبي منذ ان رفض الرئيس فيكتور يانوكوفيتش التوقيع على اتفاق شراكة مع الاتحاد لمصلحة تقاربه مع روسيا. ووضع العديد من المتظاهرين على رؤوسهم اواني طبخ وصناديق من الكرتون ووضعوا على وجوههم اقنعة كرنفال ساخرين من القوانين الجديدة التي تعاقب الاشخاص الذين يتظاهرون باقنعة على وجوههم او خوذات على رؤوسهم. وتعاقب قادة المعارضة على المنصة منددين بالقوانين الجديدة. وقال بطل العالم السابق في الملاكمة فيتالي كليتشكو من حزب اودار (ضربة) "اننا نعلن القوانين الجديدة المصادق عليها غير شرعية". ودعا قوات الامن الى الانضمام الى معسكر المعارضة قائلا "اخاطب قوات الامن: تعالوا الى معسكر الشعب". من جانبه قال ارسيني ياتسينيوك القيادي في حزب المعارضة المعتقلة يوليا تيموشنكو ان "البرلمان فقد كل شرعيته وهذا يعني انه يجب علينا ان نؤسس مجلس شعب من سياسيي المعارضة". غير ان حشود المتظاهرين اعربوا عن استيائهم بالهتاف من قيادي المعارضة آخذين عليهم عدم تقديم برنامج عمل والافتقار الى زعيم حقيقي. وفي حين تمكنت حركة الاحتجاج من تعبئة مئات الاف الاشخاص في كانون الاول/ديسمبر تراجعت قليلا بعد التوقيع في 17 كانون الاول/ديسمبر على اتفاقات اقتصادية مع موسكو تمنح اوكرانيا قرضا قيمته 15 مليار دولار وخفضا بالثلث لسعر الغاز الروسي. لكن المصادقة على القوانين الجديدة قد تعطي حركة الاحتجاج دفعا جديدا. وتنص القوانين المصادق عليها برفع الايدي في جلسة صاخبة في البرلمان، على احكام بالسجن 15 يوما على من ينصب بدون ترخيص خيما او منصات في الاماكن العامة وحتى خمس سنوات سجنا لكل شخص يعطل عمل المرافق العامة. ويعاقب احد القوانين بغرامات وسحب رخصة القيادة والسيارة لكل تظاهرة او موكب من اكثر من خمس سيارات. ويفرض قانون اخر على المنظمات غير الحكومية التي تستفيد من تمويل غربي تسجيلها بصفة "عميل للخارج". واستخدمت هذه العبارة التي ظهرت خلال الفترة الستالينية لاتهام المعارضين الحقيقيين او المفترضين، كثيرا في السنوات الاخيرة في روسيا التي يرأسها فلاديمير بوتين الذي اقر قانونا مشابها في العام 2012. وحذر الغربيون السلطات الاوكرانية من هذه القوانين التي دانتها ايضا الزعيمة المعارضة المعتقلة يوليا تيموشنكو وحذرت من قيام "نظام ديكتاتوري جديد". وفي المساء، حضت سفارة الولاياتالمتحدة في اوكرانيا في بيان الحكومة على البدء فورا بمفاوضات "مع كافة الاطراف للخروج من المأزق السياسي والاستجابة لهواجس المتظاهرين ومنع اتساع دائرة العنف". من جهته اعلن وزير الخارجية السويدي كارل بيلت الذي يعتبر من اكثر المتحمسين لتقارب كييف مع الاتحاد الاوروبي، في مقابلة مع قناة اوكرانية ان الاوروبيين بحثوا مع الاميركيين في فرض عقوبات على بعض اعضاء الحكومة. وقال "تحدثنا عن ذلك مع الاميركيين، وهي مسالة مرتبطة خصوصا باعمال العنف، ان موقفنا حريص على عدم استعمال العنف ضد المشاركين في تظاهرات الاحتجاج السلمية".